تحسن نوعي للاستقبال والتوجيه بالمطارات والموانئ
تمثل الجالية الجزائرية بالخارج قوة متعددة الجوانب يمكنها ان تقدم الاضافة المطلوبة لتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين المؤشرات الاجتماعية عن طريق توسيع نطاق مساهمتها في الحياة الوطنية. لقد شكلت منذ الثورة التحريرية عنصرا فاعلا في التوجهات الوطنية ولم تتأخر لحظة عن التموقع في صدارة المشهد الوطني بما فيه الحضور المكثف في التعبير عن إرادته ضمن معادلة صناعة القرار السياسي الوطني. وتمتاز جاليتنا بغيرة حادة تبديها في كل الظروف تجاه الوطن الأم فتواكب ما يجري في الحياة العامة وتتطلع بنفس القناعة التي يعبر عنها الشعب الجزائري لتمكين الجزائر من البقاء دوما ضمن كوكبة البلدان الصاعدة. ومن ابرز المكاسب التي تحققت في نفس السياق انجاز برنامج رقمنة الوثائق المدنية وتعميم إصدار جواز السفر البيومتري ضمن المسعى الوطني للإدارة الإكترونية الذي يضع الجالية في نفس درجة الاهتمام التي تولى للمواطن المحلي.
دعا سي عفيف عبد الحميد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني إلى الإسراع في إنشاء بنوك تجارية جوارية موجهة لأفراد الجالية الجزائرية المتواجدة بالخارج قصد استقطاب التوفير والادخار بالعملة الصعبة من خلال برامج تستجيب للطلب سواء لاقتناء سكن مثلما تم الشروع فيه أو قضاء العطلة، مشيرا إلى أن الحكومة تشتغل حاليا على إنضاج وبلورة هذه الفكرة من أجل وضع آليات مصرفية تعزز التواصل مع البلد الأم. وأوضح لـ»الشعب» أن توسيع إشراك أفراد جاليتنا من جميع الفئات في الديناميكية التنموية الاقتصادية يتطلب إقامة آليات موجهة لاستقطاب الكفاءات الجزائري بالخارج لوضعها في خدمة المؤسسات في قطاعات التكنولوجيات،الصناعة والزراعة والسياحية حتى تحقق الوثبة المطلوبة على مسار النمو والتنافسية بواسطة إدراج القيمة المضافة في معادلة التنافسية المحلية والإقليمية. ومن شان إقحام الباحثين وأصحاب الابتكارات في برامج ومشاريع البحث العلمي عبر جسور التواصل مع الجامعات أن يجسد مسعى نقل الخبرات، ذلك أن التحدي القائم اليوم يتعلق بكيفيات تمكين الطاقات الجزائرية من المساهمة بفعالية في الديناميكية الجديدة للنمو وترقية الصلة العاطفية والتاريخية والقافية إلى شراكة اقتصادية إنتاجية حقيقية.
وبالرغم من القوة العددية وكثافة الجالية خاصة في فرنسا إلا أنها، يضيف سي عفيف، لا تزال هشة ولا تؤثر نوعيا في مسار الأحداث في البلد المضيف باتجاه حماية مصالحها وترقية مركزها في صناعة القرار، في ظل تغيرات تمر بها المجتمعات ببروز الخطاب اليميني المتطرف المناهض للمهاجرين، علما بان عددا معتبرا من أفراد الجالية يشغلون مواقع هامة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مثل وجود حوالي 15 ألف طبيب إلى جانب مهندسين ومبتكرين. ويتطلب هذا تظافر جهود وتكريس إجراءات عملية تتوافق مع الموقف السياسي، علما أن الجالية قوة اقتراح وتأثير مما يضع الأفق أمام خيارين هما أم أن يتم توظيفها لصالح البلاد أو ضدها ولكل مسار شروطه، معيدا للأذهان تأكيد الرئيس بوتفليقة بمناسبة اتخاذ إجراءات عملية لتحسين وضعية الجالية المقيمة بالخارج إلزامية تقوية الروابط بين الأجيال المتعاقبة للجالية والوطن الأم.
وبالمناسبة أبدى أسفه لعدم تجسيد التوصيات التي قدمها ملتقى حول واقع ومستقبل الجالية نظمته اللجنة التي ترأسها قبل عشر سنوات وان كانت بعض الإجراءات قد تحققت على مستوى التكفل بمختلف الانشغالات، غير انه ينبغي أن تتوسع نحو إدراج الجالية في قلب التحولات الاقتصادية، وهذا يمكن أن يتأتى من خلال استحداث أطار لهيكل قائم بذاته يخصص للجالية بكل فئاتها وعبر كافة القارات. وفي هذا الإطار سجل أن الممثليات الدبلوماسية لا تزال على درجة متأخرة في نقل الصورة الجديدة للمنظومة الاقتصادية التي تصنعها الجزائر منذ عشريات، وبالتالي يجب أن تضاعف من جهود التعريف بالقدرات والمؤشرات والبرامج التي سطرتها الدولة للنهوض بالتنمية عن طريق الاستثمار المنتج بما فيها من خلال الشراكة خاصة في قطاعات خارج المحروقات مثل الصناعة والسياحة والتكنولوجيات الجديدة، وشرح التحديات القائمة في أوساط الجالية خاصة الفرص المتاحة في الاستثمار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن شان وضع تلك الفضاءات التعريف في حينه بالمعطيات وبالبرامج وشرح التوجهات من خلال مقاربة اتصال جوارية في وقت تساعد فيه التكنولوجيات الجديدة للاتصال على ربط التواصل وتنمية المبادلات أن يضع أفراد جاليتنا على درجة من الاطلاع والمعرفة بمدى التغيرات الجارية والتطلعات المسطرة للمستقبل.
وبادرت اللجنة البرلمانية للجالية في موسم الاصطياف الحالي بالوقوف على واقع استقبال المغتربين من خلال تفقد الأوضاع على مستوى عدد من المطارات والموانئ حيث سجل تحسن في ظروف الاستقبال والتوجيه والتكفل بفضل منظومة الإجراءات التسهيلية التي قررتها السلطات العمومية منذ السنوات الأخيرة لفائدة الجالية الوطنية بالخارج خاصة ما يتعلق بإجراءات الجمارك والمراقبة الشرطية التي تتم في وقت قياسي. ومن بين الانشغالات لتي لا تزال تحتاج إلى عمل في المحتوى مواصلة تحسين الإجراءات القنصلية في بلد الإقامة والتي عرفت في الفترة الأخيرة تطورا فيما يتعلق بنقل الجثامين إلى ارض الوطن بعد انكت العملية تشكل عبئا يؤرق المعنيين. وإدراكا لمدى أهمية إدماج القوى الحية لهذه الشريحة في المسار الوطني تنقل عدد من أعضاء الحكومة إلى عواصم تتواجد فيها الجالية قصد التعريف ببرامج عملية تتعلق بالسكن الترقوي العمومي والتشغيل الموجه للشباب خاصة أصحاب المشاريع وهنا يؤكد سي عفيف أن السكن والشغل هما بمثابة الحلقة المتينة لتثبيت الصلة. وحظيت الجالية هذه السنة بتكفل نوعي على امتداد مسار التنقل ومواقع العبور، حيث يمكن بفضل التجهيزات الحديثة لمراقبة الأشخاص والبضائع التي تستثمر فيها المصالح المكلفة ودرجة اليقظة لأعوان شرطة الحدود الجوية والبحرية والبرية، انجاز درجة عالية لأعمال المراقبة الذكية التي تحقق نجاعتها دون تأثير على ظروف العبور.
لقد بلغ عمر الجالية الجزائرية الجيلين الرابع والخامس وهي جزء لا ينفرط عن عقد المجموعة الوطنية، ويزداد ثقلها اليوم بكونها تمثل معدلا ديمغرافيا عاليا بنسبة 16 بالمائة (7 ملايين نسمة) من إجمالي الساكنة الوطنية، من بينهم 4 ملايين بفرنسا منهم حوالي 1،2 مليون شخص يملكون حق التصويت بفعل ازدواجية الجنسية، ولذلك كما يحرص عليه رئيس اللجنة البرلمانية للجالية من منطلق أنهم يمثلون قوة اقتصادية واجتماعية وفكرية ينبغي إعادة ترتيبها في المشهد الراهن بحيث لا يمكن تجاوزها في كل المراحل والتحولات التي تعيشها الجزائر. لقد عرفت تطورات متتالية بعد أن بدأت بجالية الهجرة من اجل العمل ولقمة العيش في سنوات الحقبة الاستعمارية وصلت اليوم إلى جيل جديد يتشكل من أفراد لديهم ثقل بالنظر لمراكزهم الاجتماعية السياسية والاقتصادية في بلدان الإقامة.