- مرافـئ الأحـزان - !

إن روحي في لقاءك كل مساء، وأنت تَلُجِّين العنبر بعد مناداة نهاية اليوم، وأظنها نفس العملية تتكرر معي، ولهذا سوف أركن اللحظة إلى هذه الزاوية التي جعلت من جدارها الغابر في زخم الازمنة لوحةً جميلة نعيد من خلالها مرافئ  الأحزان التي كانت محطاتها بشكل الدمعة والابتسامة، ويمكنني ممارسة تشكيل الآهات التي اعتلت وجهك الوضاء، وأزيح عنك عتمة الظلم والتعاسة، فكل ما أرجوه يا أملي، ويا حبي ألا تتألمي ولا تحملي هذه الغربة القادمة على كاهلك، ولكن أتركيها لمن هو أقوى من الهموم جميعها، فيكفي أن نضمن بقاء أعمارنا، لأن السجن يا سيدتي مشروع ''لرواية العمر، ونحن حتما جعلنا القدر فصول هذه الرواية، إن لم أقل هو متحف ''لبقايا من البشر عادت من الموت للتو.''!
ستكتب عن قصتنا كل الأقلام المولعة بهموم الأنا، وسوف تقرئنا قصائدُ الشعراء لوعة واحتراقا. يكفي أن الزمن ظلمنا، وكنا نحن مرآة الملحمة الحزينة،  اكتوينا بحرقة نارها الموصدة.. سوف يصلك خطابي هذا قبلّي أسطره كلما كان القمر بدرا، لأن هناك دوما أمل بحجم التعب داخلي  لك مني آلاف التحايا و الأماني و إلى لقاء قريب.
و لأنها لا تجيد فك الكلمات بين السطور و هي تحمل خطابه بين يدها مرتشعة مبهوتة، متشوقة لما يحمله من أخبار ''الطيب'' وفي غمرة من نفسها تنادي على رفيقتها الطبيبة بالعنبر طالبةً منها ما جادت به قريحة البعيد الغائب.
وهي تقرأ و ''كرمالة'' غارقة في بحر الدموع والتخمين و بين ما حملته هموم الذاكرة وخلفها قدر العشق، لم يشرح وجهها حتى تجيب على خطابه، لا النوم بانت سنته، ولا الشوق افل أعذاره  و لا البعد تناسى أسفاره. ومن هيجان بحاره التي أغرقتها كتبت:
متنفسي الآخر.. ماسح أحزاني.. نور دربي وضيائي.. على  وتريات هذه الفرحة البهيجة التي أسعدتني غاية السعادة  ورغم أنني لا أفهم في قواميس السجون، لكن ربما من خلال العشرة التي أطال القدر أمدها، ها هي نشوة المتعة ببزوغ فجر جديد، سيحول تعاستي وأوراقي، أحلامي، ظلم الحياة، جراح الغربة، وكل هذا تأتي صورة اليتم التي لاحقتني منذ أن فقدت نشوة الوالدين وسقطت في بالوعة أخ من الطراز الذي لا يحلم أبدا ولا يعرف حتى البسمة على محياه فلماذا كل هذا العياء والهموم تلاحقني.. تدمرني وتسقط كل شيء جميل أراه متنفسي لينتهي بي المطاف في قبر الحياة لا أدري كم يلزمني من الصبر حتى أقاوم هذه الغربة القاتلة؟!