يستمر سيلان قلمه في نظم الكلمات حتى يؤمن الناس أن الشعر يصنع وطنا، ويأمل في طبع كتاباته لكن بقيمتها، يعتبر المرأة ينبوع تنفجر منه كلماته، حيث قال فيها: ''كيف تريدونني أن أحب امرأة بالمراسلة وأكتب في عينيها أجمل القصائد، وأهديها قلبي على طبق من الكلمات، هي تستحق أكثر من يدغدغ شعورها ويفك طلاسم صمت عينيها في لغة لا يعرفها إلا الشعراء، تلكم هي حبيبتي التي ألهمتني بسحرها وجمالها وطيبتها فكتبت لها أروع القصائد لأخلدها حكاية تشبه الأسطورة، لكن تبقى حقيقة لا يعرفها إلا من عرف المرأة الجزائرية''، هو ابن قالمة الشاعر مقرودي الطاهر الذي خصّ ''الشعب'' بحوار من يقرأه يراها في مجمله شعرا شيّقا..
«الشعــب»: هل لك أن تحدثنا عن رحلتك مع الشعر؟
مقـرودي الطاهـر: كانت مسيرتي مع الشعر مند نعومة أظافري حالة انبهار بما يحيط بي، الأكيد أنها كانت تقترن مباشرة بالوضع الذي كان سائدا ذلك الوقت، بحيث كنا نقتات من القيم الثورية، لأننا عايشنا رجالات من الطراز الرفيع يعتبرون رموزا لنضال هذا الشعب، فكان المجاهد هو الأستاذ، المربي، الشرطي، والحدائقي، فكان لنا شرف الالتقاء بهؤلاء الرجال الذين صنعوا منا شعراء ثائرين، الوضع كذلك كان مشحونا نظرا لحداثة الاستقلال، فكان جيراننا يتربصون بنا من كل جانب، وهنا نثمن وقفة المجاهد محند أولحاج و كل الأوفياء لخط الثورة الذين صدوا هجوم المغرب على الجزائر في ١٩٦٣، ثم تحولت إلى حالة عشق أبدي للمرأة والوطن، فكنت اكتشف هذا العشق من خلال عيون حبيبتي.
¯ إذا سألناك عن الشعر، فما مفهومه حسب رأيك؟
¯¯ الشعر حالة ثورة في الحب والنضال من أجل حماية الوطن من كل الطامعين، هو تعبير صارخ عن رأي ندلي به بنضج وحكمة وهو توجيه للجماهير نحو الرقي والارتقاء بالقيم المجتمعية، وسلوك حضاري يبني أكثر مما يهدم. فالشاعر الذي لا يعيش هموم وطنه ومجتمعه و لا يدافع عن عرين حبيبته الأزلية بشراسة ليس بشاعر بل هو متشاعر، و لا يعدو أن تنهزم فكرته أمام المادة وهذه خيانة وقلة وفاء لقضيته.
¯ كيف تقيم حركة الشعر في الجزائر؟
¯¯ الحركة الشعرية في الجزائر ليست وليدة اليوم، كانت ولا تزال تنجب أسماء من الطراز الرفيع، فكانت إضافة للإبداع العربي والعالمي المشكلة لدينا، إلا أن الإعلام لم يخدمه بطريقة جيدة نظرا لظروف مرّت بها الجزائر.
نحن كتاب للأحزان لا نخرج من أزمة إلا ووقعنا بأخرى لأننا بلد عظيم يتعرض لمخطط منظم من الحملات لتدميره من طرف الأصدقاء الأعداء في ظل غياب سياسة إستراتيجية في عدة جوانب، فالإعلام هو اللسان والوجه و الواجهة لكل الأمم، فإن كنا لا نملك لوبي إعلامي يبين ما نعمل وما نقول، فلن تصل رسالتنا إلى الآخر الذي يحتاج إلى ثقة في ظل تشويه صورتنا من طرف القريب والبعيد.
الكتابة ليست مأربا و لا حالة مراهقة، إن أُعطينا شكرنا، وإن لم نعط ثرنا على كل شيء، فهي قبل كل شيء مبدأ ومسؤولية تجاه الضمير الحي للأمة وحالة إبداع لخدمة الوطن، والفكرة التي تجعل منك إنسانا معطاء يعرف قدر نفسه ولا يتأثر بحالة الانبهار بالآخر فقط بداعي الشهرة أو العالمية وغير ذلك.
¯ وما موقع ووضعية الشاعر في بلدنا؟
¯¯ الشعر هو المظلوم إذا طرحنا جدلية من هو الشاعر، نجد إجابة واضحة، هل كل من ادعى نبوة كاذبة هو نبي و هل كل من يتلصص على المشهد الثقافي من خلال وسائل الإعلام و يحاول أن يترصد منابر الشعراء ليزاحمهم بشاعر، فالشاعر من يعطي من عصارة قلبه أملا لكل من يريد الحياة أو يكاد أن يفقد طعم الأمل هو تارة محبا عاشقا وتارة ثائرا من أجل قضيته ووطنه وتارة أخرى جنديا مستعدا للموت في ساحة المعركة من أجل مبدأ يؤمن به الظلم الوحيد، الذي يتعرض له هو أن الناس لا يستطيعون الاستفسار منه مباشرة، فيذهبون للبحث عما كتب ثم ينظرون إليه على أنه ربما إنسان متهور أو زير نساء، وهو يرسل إشارات ليست صماء لكن لا يفقهها الأغبياء الذين لا يقرؤون الشعر إلا على صفحات الجرائد.
¯ وكيف ترى مستقبل الشعر في الجزائر؟
¯¯ الشعر في الجزائر بخير، إن أضحت مطابعنا ودور النشر تهتم بما يكتب الجزائريون لبناء رصيد جديد لحقبة حديثة من الزمن، كي لا يضيع تاريخ هذا الفن. نحن نرى أن هناك من لا يقرأ له لا إنس و لا جن يطبع في الجزائر وبأموال الجزائر، أشياء لا تعدو أن تكون حالات نفسية مرضية لا تمت بصلة للشعر و لا للإبداع في حين يحرم المبدعون الجزائريون من ذلك ، وهنا بودي أن أشير إلى أن للشعر مقياسا بل مقاييس يجب تجسيدها و احترامها كأداة لتقويم أي مجال إبداعي.
¯ ما نقاط الاختلاف بين قصائدك؟
¯¯ أعرف أن كل قصائدي باختلاف المواضيع هي قصيدة طويلة عنوانها الإبداع الإنساني وصورة لرجل حالم يبحث عن المدينة الفاضلة، يريد أن يرى وطنا شامخا وفاء لتضحيات شعبه وقصيدة تجسد فكرة البناء و رسالة حب خالدة لم تنته بعد. كيف ترون أنتم قصائدي، هذا هو الموضع، اسألوا من يسابق الزمن لكي يحصل على إحدى نصوصي في شوارع المدينة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي فقط، لأنه وجد نفسه بإحدى قصائدي .
¯ هل لقصائدك وقائع حقيقية؟
¯¯ نعم عشتها بكل تفاصيلها لأن الشاعر لديه خيال، هذا مؤكد لكن الفكرة التي لا نجسدها لا تحمل ذكرى ولا نستفيد منها في شيء، لأنها ستنسى كما تنسى السيجارة أو الأشياء البليدة على قارعة الطريق، هي الحياة نعيشها برفق لنستلهم منها صورة تبقى خالدة في ما نكتبه للإنسان صورة تحمل في طياتها الأمل في الحياة. كيف تريدونني أن أحب امرأة بالمراسلة وأكتب في عينيها أجمل القصائد، وأهديها قلبي على طبق من الكلمات، هي تستحق أكثر من يدغدغ شعورها ويفك طلاسم صمت عينيها في لغة لا يعرفها إلا الشعراء، تلكم هي حبيبتي التي ألهمتني بسحرها وجمالها و طيبتها فكتبت لها أروع القصائد لأخلدها حكاية تشبه الأسطورة، لكن تبقى حقيقة لا يعرفها إلا من عرف المرأة الجزائرية.
¯ من يقرأ قصائدك يجد أن المرأة أخذت القسط الأكبر؟ ما تعليقك؟
¯¯ هي المرأة الوطن، الأرض الخصبة، الحب الخالد، الأمل الذي يدفعني للحياة، هي التي علمتني أبجدية الحروف فصرت شاعرا .. ألا تستحق أن تستحوذ على قصائدي وقد أعطيتها من شهد قلبي وسقيت روضها حبا فكانت تشرب من منبع الحب الذي جعلها عظيمة لتجعلني أعظم رجل، أحبها هي حبيبتي التي إن جافتني بكيت بكاء الرجال، وإن التفتت إلي نسيت كل شيء و جئت نحوها مهرولا أحمل باقة من الورد في يدي، وباليد الأخرى كل أحلام الوطن لأجعل منها ملكة لكل شيء، هي أمي التي علمتني كيف أكون صرحا شامخا ينحني كسنبلة للريح لكن لا ينكسر.
¯ ما رأيك بعبارة لشكسبير «غيرة المرأة، سمها أشد فتكا من أسنان الكلب المسعور»؟
¯¯ من لا يغار من أجل أن يتقدم أو من أجل كل ما يحيط به من أجل حبه، حياته ووطنه، بيته، عرينه، فهو ميت لا محالة، فالغيرة حالة طبيعية عند الرجل أو المرأة، تصير خطيرة إذا تعدت إلى مرحلة الغيرة من أجل الحسد، وهذا مرض. لكن سم الأفعى لا يتذوقه الصديق، هي ذكية اعترف لها بالغباء في الحب، جميلة تقتل من لسعة النظر، أمينة سر جيد إن أحبت بصدق، لكنها عظيمة في قيادة الرجل نحو المجد.
¯ هل هناك من الشعراء الجزائريين من يملك في ديوانه شعرا حقيقيا وتحب قراءة أشعاره؟
¯¯ مفدي زكريا، محمد العيد الخليفة وهناك عدة أسماء شابة مثل محمد جربوعة.
¯ هل تخشى النقاد؟ وهل تم انتقادك من قبل؟
¯¯ لا أبدا لأنني أكتب وأعي ما أكتب، وقد كان لي في
الكثير من الأحيان لقاءات معهم، فكانوا يتحدثون عن شعري بل يشجعون أعمالي منهم على سبيل الذكر عبد الحميد هيمة، زكية بوطبة وهناك ناقد لبناني مقيم بفرنسا، وقد تناولت الأخت الدكتورة هاشمي غزلان أحد قصائدي، فيمكنكم الاطلاع عليها كذلك قراءة أخرى للدكتورة.
¯ حدثنا عن دواوينك؟
¯¯ لدي الكثير من المخطوطات طبعت منها واحدة بـ ١٥٠٠نسخة، نفذت في ٣ أشهر، لكن لا أريد أن أطبع بالشروط التي تملى على الكاتب أو الشاعر في زماننا، أنا احترم ما أكتب وأعرف ما أقول لذا لا أريد الشهرة الزائفة، و لن أكون بائع ''دلالة'' همه الأضواء. من أراد أن يقرأ فليفرق بين ما هو إبداع وما هو مجرد مهمهمات وتصنع ولا تمت بصلة لا بالكتابة و لا بالإبداع.
¯ ما هي القصيدة التي لها أثر ووقع خاص عليك؟
¯¯ قصيدة دون عنوان هي لم تنته. أبحث في عيون امرأة تعطيني الأمل كي أكتب و أنثر الحب مثلما ينثر الربيع طيب الورود على وجوه الحدائق أترك لكل فرد البحث عنها لأنها تسكنه باختصار.
¯ رحلتك وريشتك الشعرية كتبت عن المرأة السورية، حدثنا عن هذه القصيدة؟
¯¯ المرأة السورية امرأة ذات حس فائق وذكاء خارق وحس مرهف، ولها من الحلم و العلم ما يسلب العقول..عرفتها مكافحة لا تستسلم، هي كالمرأة الجزائرية، هذه التي عرفتها من أصول عربية من أب سوري و أم جزائرية هل عرفتم السر بالمناسبة كانت خمس مراكز سورية تنشر أشعاري على مواقعها منها موقع الحسكة والقامشلي.
¯ ما مشروعك الثقافي؟
¯¯ أكتب حتى يؤمن الناس أن الشعر يصنع وطنا، أريد كذلك طبع كتاباتي لكن بقيمتها لأني أكتب قصائد وطنية رائعة عرضت اثنتين منها عبر شاشات التلفزيون في عدة مرات منها في بشار في نشاط للجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام منها في الثامن ماي ٢٠١٠، ومنها من قبل في نادي الاثنين بدار الثقافة محمد العيد الخليفة وفي الكثير من المرات.