إحياء لشهر التراث

آثار حفرية ساحة الشهداء تعرض لأول مرة

أسامة إفراح

علم الآثار الوقائي للتوفيق بين التراث والتنمية

«التراث كدافع للتنمية» هو شعار شهر التراث، الذي كانت انطلاقته، أمس الثلاثاء، بقصر الثقافة مفدي زكرياء، مناسبة لعرض اللقى الأثرية بحفرية ساحة الشهداء بالعاصمة، التي تمثل مختلف الحقب التاريخية. وألحّ وزير الثقافة على الجمع بين المواقع الأثرية والمشاريع التنموية، وهو ما أكده مدير المركز الوطني للبحث في علم الآثار، الذي عرض دور علم الآثار الوقائي مستدلّا بالمتحف الذي ستحتضنه محطة المترو بساحة الشهداء والمنتظر افتتاحها الفاتح نوفمبر المقبل.
في كلمته، دعا وزير الثقافة إلى تحويل المعالم التاريخية والأثرية إلى معالم سياحية واقتصادية، واعترف بمحدودية الإمكانيات المتوفرة للحفاظ على المواقع الأثرية، وتوفير هذه الإمكانيات لا يكون إلا من خلال استغلال هذه المواقع، وتجاوز تسييرها بشكل بيروقراطي، وذلك عن طريق منح رخص الاستغلال وفق دفتر شروط.
كما دعا إلى مراجعة قانون التراث الثقافي 98 04 وتحيينه وربطه بالتحولات التي شهدتها الساحة الثقافية وعلاقة التراث بالتنمية، وقال: «لا نريد أن نكون قطاعا يقف في وجه التنمية وإنجاز المشاريع»، مشيرا إلى وجود قوانين تحول دون تحقيق برامج التنمية، من حيث حظر الأماكن على سبيل المثال.
وأشاد ميهوبي بمصالح الأمن ودورها في إحباط عمليات التهريب والتخريب، ومواجهة الإرهاب الثقافي، معتبرا أن سرقة آثار وتاريخ الشعب عمل لا يمتّ بصلة للوطنية. كما أشاد بغيرة الجزائريين على تراثهم الثقافي ومبادرتهم إلى فضح محاولات السطو على التراث اللامادي الجزائري، «نحن نتجاوب مع كل ما نسمعه ونقرؤه»، يقول، مضيفا بأن الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة يقوم بعمل كبير من أجل حماية التراث الجزائري من السطو، إلى جانب الجهد المبذول لتسجيل جزء كبير من هذا التراث لدى اليونسكو.
من جهته، قدم توفيق حموم مدير المركز الوطني للأبحاث في الآثار مداخلة عنوانها «علم الآثار الوقائي في خدمة التنمية، أنموذج حفرية ساحة الشهداء»، قال فيها إن علم الآثار لم يكن أبدا عائقا في وجه التنمية وحفرية ساحة الشهداء مثال حي على ذلك، من خلال التوافق مع مؤسسة ميترو الجزائر لإنجاز المشروع دون الإضرار بالآثار.
واعتبر حموم أن حفرية ساحة الشهداء فرصة لا تعوض لأنها أجريت في منطقة عمرانية والفضاء المتبقي المسموح لنا بالتنقيب فيه لقراءة التاريخ هو هذه الساحة، خاصة وأنها كانت النقطة المحورية في الجزائر القديمة، والمعلومات المتوصل إليها مرجعية بالنسبة لكل مدن البحر المتوسط. كما أنه مشروع رائد في الجزائر لأن علم الآثار الوقائي عملية وقائية قبلية للحفاظ على المكنون الأثري وفي نفس الوقت مواصلة المشاريع الاستراتيجية مثل مترو الجزائر الحيوي، وهو المغزى من هذا اللقاء أي التحسيس بأهمية التعاون والتوافق القبلي، والإشكال لا يطرح خارج المدن لوجود مساحات واسعة، ولكن داخل المدن تتجلى أهمية علم الآثار الوقائي، ونفس الإشكالية في العاصمة نواجهها في المدن الكبرى الأخرى خاصة قسنطينة.
وقد تم تعديل المخطط الأولي للمحطة، يقول حموم، وأكثر من ذلك عملت المؤسسة على تهيئة خارجية لعرض الآثار، كما أن التراث يعطي قيمة مضافة للمشروع وهو ما سيتحقق في محطة ساحة الشهداء. وأضاف المتحدث بأن أهمية علم الآثار الوقائي تظهر أيضا في المشاريع الكبرى مثل الطريق السيار شرق غير (مشروع خط بجاية) حيث كان هناك اكتشاف وتم تحويل المسار.
وقال بوزيد ولد الحسين، منتج فيلم وثائقي لكنال آلجيري حول حفرية ساحة الشهداء، إن متابعة الحفريات بدأت منذ 2014، ما سمح بتصوير 15 ساعة، على أن يعرض الفيلم كاملا بمناسبة افتتاح المحطة، وعبّر ولد الحسين عن سعادته بتقديم الخدمة العمومية بتوثيق هذه الحفريات.
أما المهندس موساوي من مؤسسة مترو الجزائر فقدّم الجانب الهندسي لمشروع المترو، وأشار إلى صعوبات وعوائق واجهت المشروع هي تصنيف المنطقة ضمن التراث العالمي، والكثافة السكانية، والمباني خاصة القديم منها. بعد ذلك عرض كاتب عادل، ممثل مؤسسة مترو الجزائر، لمحة عمّا ستكون عليه محطة ساحة الشهداء، التي ستتشكل من طبقات، في كل طبقة مساحات لوزارة الثقافة من أجل تقديم لمحة عن التاريخ للمسافرين، مع تهيئة تتضمن المتحف الذي سيتم إنشاؤه لعرض اللقى الأثرية، ومكتب استعلامات للوزارة من أجل تقديم الشروحات. وتتميز المحطة بالمزج بين العصرنة والتراث، كما سينجز فنان جزائري جداريات وتماثيل لعرضها بالمحطة التي سيتم افتتاحها في الفاتح من نوفمبر المقبل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024