صدر هذا الأسبوع العدد 26 من «مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية»، حمل مشاركات في الأدب والفكر من تونس والعراق وماليزيا، إضافة إلى مقالات من مختلف الأقطاب الجامعية بالجزائر. وتنوعت المواضيع بين شعر المقاومة الوطنية في الجزائر، والدراسة النسقية لشعر محمود درويش، ودلالة المكان في مقدمات المعلقات، ودلالات الجسد والصورة في الخطاب الإعلاني. وأفردت المجلة حيزا هاما للراحل عبد الوهاب المسيري.
«مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية» هي مجلة علمية دولية محكمة، تصدر شهريا عن مركز جيل البحث العلمي، وتعنى بالدراسات الأدبية والفكرية بإشراف أساتذة وباحثين من عدة دول. وتهدف المجلة إلى «تعزيز الحوار العلمي العقلاني» و»تلبية حاجات الباحثين وطلبة العلم سواء من ناحية الاكتفاء المعرفي أم من ناحية النشر وتشجيع البحوث الرصينة والمبتكرة».
وتقترح المجلة في هذا العدد ثلاثة بحوث خاصة بالمفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري، الذي كان يراد أن يخصص له عدد كامل احتفاءً بمجهوداته الفلسفية والأدبية، «إلا أن قلة المواد الواردة إلينا حول أعماله جعلت من أمر الإفراد مستحيل التحقق آنيا، لذلك فضلنا أن ندرج أعماله وفق محور أول في عدد عام يضم إضافة إلى ما تناول فكره (من نقد للحداثة الغربية وتفكيره النقدي ككل إلى المجازات الإدراكية في مشروعه الفكري) قضايا أدبية ولغوية وفكرية متنوعة»، تقول رئيسة تحرير المجلة أ.غزلان هاشمي في افتتاحية العدد.
تضمّن العدد السادس والعشرون مقالا لأسامة أحمد جاسم من كلية الإمام الأعظم الجامعة (العراق)، تحت عنوان «التفكير النَّقدي (الثقافي- الحضاري- الأدبي) في أطروحة عبد الوهاب المسيري»، ومقال «نقد الحداثة الغربية في فكر المسيري»، وقّعته أ.لندة واضح من جامعة الجزائر، وطرحت فيه إشكالية: «هل كان نقد المسيري للحداثة الغربية مؤسسا وفق منهج ورؤية معرفيّين، أم كان نقدا مصبوغا بطابع الإيديولوجيا؟». فيما كتب د.عثماني عمّار من المركز الجامعي أحمد زبانة (غليزان) عن «المجازات الإدراكية ودورها في تحليل الخطابات ونقدها قراءة في مشروع عبد الوهاب المسيري».
من جهته، تحدث د. عواطف منصور من المعهد العالي للفنون والحرف بجامعة القيروان (تونس) عن «الجسد/الصّورة في الخطاب الإعلاني، دراسة سيميائيّة (رولان بارت)»، وما في الإشهار كفنّ إعلاني من استناد إلى مؤشرات مرئية تؤسس لعلاقة المتلقي والمستهلك، وكيف أصبح الجسد عامّة في الإشهار سمة فاعلة في التأثير على المتلقي.
فيما تطرق كلّ من مرتضى عبد النبي علي الشاوي وهاني نعمة حمزة من كلية التربية ( القرنة ) وجامعة البصرة (العراق) إلى دراسة سيميائية في «التَّعدُد المَكَانِي في المُقَدّمة الطَّلَلَيَّة للمُعًلَّقات السَّبْع». ويتناول هذا البحث الزخم المكاني في المقدّمات الطللية، وأثر المكان في نفسية الشعراء، كونه المنفذ الوحيد للذكريات السعيدة وما تبثه من هواجس أليمة.
واختار د.محمد أحمد عزب من كلية العلوم الإسلامية بجامعة المدينة العالمية (ماليزيا) دراسة «قضية الإيمان بالغيب بين المتكلمين والصوفية». حيث يتطرق إلى تحول الناس في العصر الحديث إلى الماديات المحسوسة على حساب الروحانية الغائبة في جوانب الحياة، وتناقص الرقابة الداخلية، بحيث أصبحت رقابة المرء لا تنبعث من نفسه.
فيما يقترح علينا د.بن قويدر مختار من جامعة مصطفى اسطمبولي (معسكر) مقالا عنوانه «مفاتيح تلقي الخطاب: علاقة العتبات بالنص المركزي الرواية الفلسطينية: شمعة لا تنطفئ لمحمود الزهار أنموذجاً»، وقد اختار الدارس هذه الرواية من ضمن مجموعة أعمال للروائي الفلسطيني محمود الزهار، نذكر منها رواية «الرصيف»، رواية «الأبيض والأسود»، ورواية «في أعماق صخرة».
أما أ.يوسف بكوش من جامعة الجيلالي اليابس (سيدي بلعباس) فقدّم دراسة حول «شعر المقاومة الوطنية تيارته ومؤثراته وخلفياته الفكرية». وهي قراءة في جانب من جوانب الأدب الجزائري باعتباره صفحة هامة من الأدب العربي، وتبيان لمحاولات الاستعمار سلب أفكار الشعب وتزوير تاريخه وتحطيم كيانه واستغلال ثروته، وهو ما تأثر به الأدب بطريقة أو بأخرى.
كما نقرأ مقالا عن «فاعليّة النّسق الثلاثي في قصيدة (لاعب النّرد) للشّاعر الرّاحل محمود درويش»، بقلم دولات سروري بن عودة من جامعة وهران، حيث نجد تطرّقا إلى مقدرة الأنساق اللغوية على تفعيل عملية القراءة وتعزيز التلقي من خلال خرق توقعات القارئ وتحقيق عنصر المفاجأة. وعن «الخطاب الصوفي وإشكالية التلقي» كتبت بلغول منصورية من جامعة عبد الحميد بن باديس (مستغانم)، قائلة إن التصوف يحمل حلقة مفرغة يحتاج فيها المتلقي إلى آليات لفهمها وتأويلها، ويحاول المقال استكشاف هذه المستويات المتعلقة بالتلقي وإقحامها في الخطاب الصوفي.
