لم يكن وقع الأزمة المالية شديدا على المشهد الثقافي بتيبازة خلال السنة المنصرمة بالنظر إلى طبيعة النشاطات المسجلة بمختلف الأقطاب المعهودة بالولاية كشرشال والقليعة وعاصمة الولاية.حدث هذا بالرغم من تصنيف قطاع الثقافة ضمن الدوائر الوزارية المعنية بترشيد النفقات العمومية إلا انّ الذي أثار قلق الفعاليات الثقافية يكمن بالدرجة الأولى في رحيل عدد من الأيقونات الثقافية تاركة وراءها فراغا رهيبا صعب على المعنيين ملؤه وتسييره.إنه المشهد الثقافي الذي يتطلع إلى المزيد من المكاسب والإنجازات عام 2017.
سجّل المشهد الثقافي المحلي رحيل مؤسس جمعية الفن الأصيل للموسيقى الأندلسية الفنان ابراهيم بلجرب منذ شهرين تقريبا وهو الذي كان يستعد لوضع الروتوشات الأخيرة لكتابه المشهور حول» الطبوع الموسيقية الأندلسية بالجزائر». وهو الكتاب الذي شرع في جمع ملفاته الأولى منذ أكثر من عقدين من الزمن إلا أنّ القدر لم يسعفه لعرضه للجمهور في آخر المطاف.
كما خطف القدر عنا الفنان حميد رماس الذي شهد له الجميع بأنّه عاش في الظل ومات في الظل أيضا إلا أنّ إسهاماته و أعماله لا توحي بذلك بالنظر إلى جديتها وغزارتها وتنوعها، كما غادر الساحة الفنية المحلية وللأبد الفنان حمدان بومنجاس من جمعية الراشدية بشرشال ليترك كرسيه بكواليس الجمعية شاغرا لم يتجرّأ أحد من زملائه على شغله احتراما للفن النبيل الذي قدّمه الراحل للمشهد الثقافي المحلي والموسيقى الأندلسية عموما.
أقيمت خلال العام المنصرم الطبعة 16 للأيام الفنية الأندلسية بمشاركة الجمعيات الموسيقية الأندلسية المحلية واستبعاد الجمعيات الأخرى تماشيا والمعطيات الجديدة المرتبطة بقضية ترشيد النفقات العمومية كما برمجت ذات الجهة عدّة سهرات رمضانية بمقر المديرية الولائية تماشيا ورغبات الجمهور المحلي.
كما تمّ تقليص فترة تظاهرة قراءة في احتفال من أسبوعين تقريبا إلى أسبوع واحد فقط تأقلما مع الغلاف المالي المتوفر إلا أنّ إقدام الجمعيات الثقافية المحلية على عرض برامج فنية ثرية خلال الفترة الصيفية أضفى على المشهد الثقافي طابعا مميّزا يحمل في طياته قدرا وفيرا من التنوع والنوعية الرفيعة في المادة الثقافية المقدّمة، بحيث أقامت جمعية نسيم الصباح بشرشال الطبعة السادسة لتظاهرة لليالي الموسيقى الأندلسية، كما أقامت جمعية الراشدية الطبعة التاسعة لأيام الموسيقى الأندلسية وتلتها جمعية المنارة الشرشالية التي أقامت الطبعة الرابعة لموسيقى الشعبي، كما أقامت بلدية حجرة النص الطبعة الأولى للأيام الثقافية والرياضية على مدار أسبوعين ليضاف هذا الجهد كلّه إلى البرنامج الثري الذي يعدّه شهريا مركب عبد الوهاب سليم بشنوة والذي شهد ذروته خلال موسم الاصطياف حين عمدت إدارة المركب إلى برمجة حفلات فنية يومية بمشاركة 3 إلى 4 فنانين في السهرة الواحدة.
دار الثقافة بالقليعة.. 205 نشاط
أحصت إدارة دار الثقافة الدكتور احمد عروة بالقليعة إنجاز 205 نشاطا متنوعا على مدار السنة من بينها 118 نشاطا خلال السداسي الأول و87 نشاطا خلال السداسي الثاني من السنة والذي شهد تراجعا طفيفا مقارنة مع الشطر الأول بالنظر إلى سهر القائمين على الدار على احترام تعليمات الحكومة المتعلقة بصرف نصف الميزانية المحددة لا أكثر، وتشمل النشاطات المسجلة حفلات فنية وإنشادية وعروضا مسرحية وأمسيات شعرية و معارض متنوعة وتظاهرات لمسرح الطفل ومسابقات ونشاطات علمية وتكريمات خاصة وأبواب مفتوحة على مواضيع شتى بمعية إحياء بعض من الأعياد الدينية والوطنية .
وأكّد مدير دار الثقافة بوجمعة بن عميروش لـ»الشعب» بأنّ الضائقة المالية التي مرّت بها البلاد خلال السنة الجارية لم تخلّف تداعيات سلبية بوسعها أن تقزّم الفعل الثقافي محليا بحيث استعانت إدارة الدار بعديد الجمعيات النشطة التي قدّمت للجمهور منتجات ثقافية متنوعة و قيّمة بالجملة مما أعطى الانطباع للجمهور بأنّ الأمور تسير بشكل عاد ولا علاقة للثقافة أصلا بقضية ترشيد النفقات العمومية، وعدّ مدير الدار نشاطا واحدا لم تتمكن مصالحه من إنجازه هذه السنة مقارنة مع سنوات خلت .
ويتعلق الأمر بالتحديد بالصالون الوطني للباس والعرس التقليديين الذي يتطلّب إمكانيات مالية كبيرة لا تتيح توفيرها الظروف الحالية، في حين تمّت برمجة مخلف التظاهرات الموسمية الأخرى لاسيما تلك التي تعنى بالطفل كمسرح الطفل الذي يدرج ضمن برنامج العمل السنوي على مرحلتين تتعلق الأولى بعطلة الشتاء وتعنى الثانية بعطلة الربيع بمعية إحياء اليوم العالمي للطفولة واليوم الإفريقي للطفل.
مع الاإشارة إلى بلوغ عدد المنخرطين هذا الموسم على مستوى الدار 685 فردا معظمهم من فئة الأطفال الذين ينشطون بمختلف الورشات التكوينية التي تشمل الفن التشكيلي والموسيقى والرقص وتعلّم اللغات وغيرها، بحيث استفادت الأفواج المعتمدة بذات الدار خلال الأسبوع المنصرم من رحلة استكشافية وسياحية لحديقة التسلية ببن عكنون في إطار برنامج التكفل الشامل بحاجيات الطفل الثقافية والسياحية، كما أتاحت الدار الفرصة لجمعية الغرناطية لإقامة طبعة جديدة من تظاهرة أندلسيات القليعة والشأن ذاته بالنسبة لحركة المسرح بالقليعة التي أقامت الطبعة الـ21 لمهرجان الفرجة فيما تمّ حجب تظاهرة المهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية الذي تقرّر تنظيمه بدعم مباشر من الوزارة الوصية خلال كلّ عامين عوضا عن برمجته سنويا.
وما يلفت الاهتمام بنشاطات دار الثقافة بالقليعة كونها لا ترتبط بالتظاهرات الموسمية القارة وإنّما تشمل في طياتها العديد من التظاهرات المنفردة التي تعنى بالعروض المسرحية والمحاضرات المتخصصة والأمسيات الشعرية ناهيك عن عرض الأفلام المتميّزة بحيث ساهمت هذه الوتيرة في الحفاظ على الجمهور المحلي الذي لا يزال يتردّد على الدار بشكل مكثف، مع الإشارة إلى تسجيل منافسة شرسة بين المتسابقين في مسابقة الشعر بأطيافه الثلاث المنظمة هناك لأول مرّة هذه السنة وهي المسابقة التي أفرزت توافدا لافتا على النادي الأدبي للدار والذي ينظم حصصا تكوينية كل يوم سبت طيلة الموسم الثقافي.