«اتحاد الكتاب الجزائريين سيترجم رواية سييرا دي مويرتي إلى اللغة الإسبانية»، هذا ما أعلنه رئيس الاتحاد يوسف شقرة، خلال التكريم الذي حظي به الروائي عبد الوهاب عيساوي، أمس، بمقر الاتحاد بالعاصمة، وهو الفائز بجائزة آسيا جبار للرواية باللغة العربية في طبعتها الأولى. تكريم تضمن مداخلتين للدكتورين عثمان بدري وعلي ملاحي، وبيعا بالإهداء للرواية المكرمة.
اعتبر يوسف شقرة بأن هذه الترجمة هي أحسن دعم يقدمه اتحاد الكتاب الجزائريين لعبد الوهاب عيساوي، كما أنه قد يسمح لروايته بولوج عوالم أخرى ما وراء الحدود الوطنية. وأضاف شقرة بأن هناك الكثير من الأسماء المجهولة بسبب التعتيم الإعلامي رغم أن لها مكانة معتبرة وراقية في الوطن العربي. ووعد بأن الموسم سيكون حافلا بالنشاطات، ومن ضمن ذلك انطلاقة اتحاد كتاب المغرب العربي في الحادي عشر من ديسمبر المقبل.
أما عبد الوهاب عيساوي فقدم روايته التي تحكي عن إسبان شاركوا في الحرب الأهلية الإسبانية وخسروا الحرب، ليتم نقلهم من فرنسا إلى معتقلات في الجلفة، وهناك تبدأ الحكاية.
وفي ردوده على أسئلة الحضور، قال عيساوي إن الرواية تتطرق أيضا إلى الشخصية الجزائرية، فنظرة الإنسان الجزائري، الذي لا يكون بالضرورة ذا علم واسع، إلى الآخر تبقى نظرة عالمية مليئة بالإنسانية.
وعن روايته السابقة «سينما جاكوب»، قال عيساوي إنه اشتغل أكثر على المكان، فذاكرة هذا الأخير أكثر اتساعا وشمولية من ذاكرة الإنسان، والمكان يقاسم جميع الناس ذاكرتهم. و»سينما جاكوب» هي قاعة سينما بالجلفة، افتتحت نهاية الأربعينيات وتم إغلاقها نهاية السبعينيات، لتبقى المدينة دون قاعة سينما إلى اليوم.
من جهته تحدث د.علي ملاحي قائلا إن استدعاء التاريخ ليس متيسرا للجميع لأنه قد يوقع الكاتب في السطحية، ولكن عبد الوهاب استطاع أن يبسط بين يديه الصحراء فتكون بمثابة مفتاح إلى الله، والصحراء تجعلنا قريبين من الذات الإلهية. وأضاف بأن عبد الوهاب استطاع أن يفلت من بين أصابع اللغة المباشرة والتاريخ لم يوقعه في ذلك وهو أهم وأعمق شيء في هذه الرواية. وأضاف بأن الوضوح والمباشرة والتقريرية غابت في الرواية وبرزت مسحة شعرية ذات جمال هادف، «هذا النص يعيدنا إلى إحدى روايات جمال الغيطاني الذي استدعى التاريخ بكل مواصفاته... هذا يجعلنا نقف أمام أسئلة قلقة فيها نوع من المناورة، أسئلة أثراها النص وليس الكاتب في حد ذاته، يقدم من خلالها هوية أخرى بوجدان جلفاوي»، يقول، مؤكدا بأنه أحسس بالطمأنينة عندما اكتشف بأن اختصاص الكاتب ليس الأدب وإنما هندسة الميكانيك، ويكتب بهذه الطريقة، وهو ما يستحق وقفة احترام.. عبد الوهاب ينطق بلغته الخاصة جدا وهي فصيحة فصاحة قلبه، ويمتلك الأدوات الروائية بيقين وثبات.
وقال د.عثمان بدري عن رواية عيساوي إنها ذات لغة عالية المستوى، وقدم ملاحظات مؤسسة على قراءة أفقية أولى، كان أولاها الإطار الموضوعاتي وهو سردية الذاكرة المأسورة أو المقموعة أو المنفية. والثانية، هي أن من مظاهر التفرد تناسل حالات الذاكرة المقموعة تتم من موقع الأنا والآخر في الضفة الشمالية للمتوسط أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، ما جعل الرواية تتنزل في ما يعرف بالاستغراب. ثالثا: الفضاء الزماني والمكاني والقيمي من النوع المغلق ما جعل النص السردي يتعانق في قفاه مع الرواية البوليسية من جهة وأدب السجون والمعتقلات والمنافي من جهة أخرى. والملاحظة الأخرى هي أن الرؤية للعالم في هذه الرواية هي مساءلة الغرب الرسمي في ضحايا المختلفين سياسيا وإيديولوجيا.
ولخص بدري الرواية في نقاط ثلاث: الأولى أنها ذاكرة سردية تشتغل على الذاكرة التاريخية، والثانية هي العلاقة بين الشمال والجنوب، وكيف وجد الأول متنفسا في الثاني، أما الثالثة فهي فكرة الحرية.
من جهته أشار الشاعر نور الدين طيبي إلى أن الكتابة عن الآخر طريقتين: الأولى مستهلكة فيها استحضار الآخر بشكل ذاتي نقوّل فيه الآخر ما نحلم نحن بأن يقول. أما الطريقة الثانية فهي الكتابة في جلد الآخر، فهناك من ينتحل شخصية أخرى ومن ذلك رواية «في جلد زنجي» لكاتب ألماني انتحل شخصية الأسود ويرجع إلى صفته الألمانية ليلا ويقارن الحياة من المنظورين.