تنظمه السفارة اليابانية بالتعاون مع مدرسة الهندسة بالحراش

مدن معلقة وتصاميم مبتكرة في معرض المعمار الياباني

أسامة إفراح

يتواصل معرض «تحدي المدن: المشاريع الحضرية اليابانية منذ الستينيات»، الذي تنظمه سفارة اليابان بالجزائر بالتعاون مع المدرسة المتعددة التقنيات للهندسة المعمارية والعمران بالحراش، ممتدا على مدى ثلاثة أسابيع كاملة، ويشكل فرصة للمهتمين بالفن المعماري للتعرف على المدرسة اليابانية، وتأثيرها على تصورات المدن في أصقاع العالم. وكان سعادة سفير اليابان بالجزائر ماسايا فوجيوارا، قد دشن المعرض نهاية الأسبوع الفارط، رفقة المدير العام لمدرسة الهندسة محمد صالح زروالة، وبحضور أساتذة وطلبة الهندسة.

يسلط هذا المعرض، الذي يتمحور حول موضوع العمارة والمدينة، الضوء على المقترحات والتصورات الجديدة للمدينة، التي طرحها المهندسون المعماريون اليابانيون في ستينيات القرن الماضي، عندما شهد اليابان صعود الأفكار والأنشطة في هذا المجال.
ومن هذه التصورات نجد ما جاء به كنزو تانغي من خلال «خطة لطوكيو ــ 1960»، وكذا تصاميم أسماء أخرى مثل كيونوري كيكوتاكي، كيشو كوروكاوا، ماساتو أوتاكا، فوميهيكو ماكي، نوبورو كاوازووي، وأيضا أراتا إيسوزاكي وتصميمه «المدن في الهواء» (أو المدن المعلقة)، وهي في مجملها أفكار طموحة للتعامل مع مختلف التحديات والعوائق الناجمة عن التحضر.
وعن سبب اختيار هذه الفترة الزمنية التي تم التطرق إليها، قال سعادة السفير ماسايا فوجيوارا خلال كلمة الافتتاح إن الستينيات شهدت «نقطة تحول في تاريخ العمارة اليابانية الحديثة»، من خلال المشاريع والتصورات الطموحة لهؤلاء المصممين، ما كان له «تأثير كبير في عالم التخطيط الحضري من خلال الصورة المبتكرة والطوباوية (المثالية)». واستشهد السفير الياباني بالمعماري أراتا إيسوزاكي، الذي أطلق مشروع «المدن في الهواء»، ما أثر في مشاريع خارج اليابان كما هو الحال مع البرازيلي لوسيو كوستا.
كما شهدت الستينيات «فترة إعادة الإعمار الكامل من البلاد بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، وبدأت المدن اليابانية إعادة تهيئة نفسها لتنظيم الأحداث الكبرى مثل دورة طوكيو للألعاب الأولمبية عام 1964، ومعرض أوساكا في 1970»، يقول سعادة السفير، مضيفا بأنه سنة 1968، «صار اليابان يحتل المركز الثاني في العالم من حيث الناتج القومي الخام. لقد كانت عقودا من النمو غير المسبوق، وهو ما سمي في وقت لاحق بالمعجزة الاقتصادية اليابانية».
وعن إمكانية تطبيق هذه التصورات والتصاميم على أرض الواقع، اعتبر السفير فوجيوارا، خلال كلمته، بأن هذه الأفكار لا يمكن أن تطبق على هذا النحو في التهيئة العمرانية في الوقت الراهن، نظرا للوضع الحالي لليابان مع تناقص وشيخوخة السكان، ولكن تم تنفيذ اقتراح معين مؤخرا خلال إعادة بناء المنطقة المنكوبة من جراء الزلزال الكبير والتسونامي الذي دمّر شمال شرق اليابان سنة 2011، وهذا يدل على تواصل صلاحية هذا المفهوم اليوم.
من جهته، توجه المدير العام للمدرسة المتعددة التقنيات للهندسة المعمارية والعمران بالحراش، محمد صالح زروالة، بالشكر للسفارة اليابانية على اختيارها هذه المدرسة للمرة الثانية من أجل تنظيم معرض في هذا المجال، كما اعتبر في كلمته بأن هذه التظاهرة تعدّ فرصة للطلبة الجزائريين من أجل الاحتكاك مع التجارب الأخرى، خاصة الرائدة منها على شاكلة التجربة اليابانية.
ومن خلال الصور والمجسمات التي يقدمها المعرض، يمكن أن نخلص إلى أن الأفكار المعروضة أبعد من أن تصبح شيئا من الماضي، خاصة وأن مشكلة الحضر أصبحت أكثر إلحاحا مع الوقت. إذ قدرت الأمم المتحدة أنه من إجمالي سكان العالم، فإن نسبة الذين يعيشون في المناطق الحضرية سيتجاوز 50 في المائة سنة 2010. ومن هنا جاءت الحاجة إلى مواجهة تحديات غير مسبوقة ناجمة عن التحضر السريع واكتظاظ المدن. والعاصمة اليابانية طوكيو هي واحدة من هذه المدن، بل من أكبر الحواضر في العالم، وبالتالي فإن الحلول التي تقدمها التجربة اليابانية، والتي واجهتها في وقت مبكر نسبيا، من شأنها أن تقدم نموذجا يقتدى به، فمن زاوية التوسع العمراني الذي صاحبت العصرنة كظاهرة في تاريخ العالم، يمكن أن نجد بأن المقترحات اليابانية كانت الردود على الاهتمامات المشتركة في مختلف البلدان.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024