حزن عميق خيم على مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، عقب رحيل واحد من كبار المخرجين السينمائيين في الجزائر . ويتعلق الأمر ببن عمر بختي الذي أعطى الكثير للفن السابع. ظهر هذا الحزن في كلمة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي وهو ينعي نجوم سينمائيين جزائريين وعرب غادرون دون رجعة بعضم يكرمون في مهرجان الباهية تقديرا لما قدموه من دور وأعمال تبقى خالدة.
نجم آخر في سماء السينما الجزائرية يأفل.. اسم آخر يرحل عنا تاركا طعما من المرارة وضربا من الحزن يصيب الفن السابع الجزائري، بعد ضروب أحزان سبقته في نفس السنة.. كبار السينما الجزائرية يرحلون تباعا، فبعد عمار العسكري، نفقد المخرج الجزائري بن عمر بختي ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، إثر مرض عضال ذهب به والشاشة تحاول جاهدة التعافي من العقم العضال.
أسامة إفراح
الفقيد من مواليد 1941 بتلمسان، تلقى تكوينه في معهد باريس للدراسات السينمائية العليا، ثم اشتغل كمساعد تلفزيوني في فرنسا، ومن المخرجين السينمائيين الفرنسيين الذين عمل إلى جانبهم نذكر كلود لولوش وجون كلود ساسي.
عاد إلى الجزائر ليبرز نجمه كمخرج أفلام تلفزيونية فيما كان يعرف بالمؤسسة الوطنية للإذاعة والتلفزيون. ويعزى له الفضل في إخراج أفلام من بين الأنجح والأذيع صيتا في فترة الثمانينيات ومطلع التسعينيات، على غرار “ملحمة الشيخ بوعمامة” سنة 1983، الذي لعب دور البطولة فيه الفنان الكبير عثمان عريوات.
نفس الفنان أدى دور البطولة في الفيلم الكوميدي الذي أحبه الجزائريون ومازالوا، “الطاك سي المخفي”، والذي جمع سنة 1991 ثلة من ألمع فناني الكوميديا الجزائريين، نذكر منهم يحيى بن مبروك ووردية.
وهنا تظهر جليا عبقرية الراحل بختي، الذي عرف كيف يُخرج الوجه الجادّ للفنان عريوات، المتعود على الأدوار الكوميدية وبالأخص رفقة المرحومين حاج عبد الرحمن (المفتش الطاهر) ويحيى بن مبروك (مساعده)، تماشيا مع السياق التاريخي للفيلم، فيما فجّر ذات الممثل طاقاته الكوميدية في الفيلم الثاني، بفضل التوجيه المحكم للمخرج الراحل، الذي عرف كيف يسيّر الموهبة الإبداعية لعدد كبير من الفنانين المجتمعين في مشاهد جماعية، وفي ديكور ضيق (سيارة)، لمدة قاربت زمن الفيلم كله.
وصفه وزير الثقافة عز الدين ميهوبي بالقامة السينمائية الجزائرية، لما قدمه للسينما وللإذاعة والتلفزيون الجزائريين.. ووصف واسيني خسارته بـ«الكبيرة” وتتحمل عبئها الساحة الثقافية الجزائرية.. وأشادت بهية راشدي بخصاله الحميدة، ووصفته بـ«المميز”.. ولكننا نتساءل: بين هذا المدح وذاك، ما هي الظروف التي جعلت هذا المخرج الكبير يغيب طوال هذه المدة، بعد أفلام أقل ما يقال عنها إنها ناجحة؟
رحل بختي، ولن ترحل أعماله، ولهذا يحب الفنانون الإبداع: لأنهم يحصلون به على ما يحلم به كل إنسان، الخلود.. قد لا تخلد أجسادهم، ولكن أعمالهم تبقى ما حيينا، وما حيي تبجيلنا لثقافتنا، فلا ننساها بمجرد أن يتراكم على ذكراها بعض من غبار.
جمعت أعماله بين الجدية الثائرة والكوميديا الهادفة
ويرحل بختي.. رسام السينما الجزائرية
شوهد:656 مرة