أشاد مجموعة من الفنانين بمبادرة منتدى “الشعب” بالتنسيق مع “جمعية أضواء السينمائية” في استذكار عمالقة الفن الجزائري واحياء ذكرى اغتيال المسرحيين الكبيرين، عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي، مشيرين إلى أنها فرصة للتذكير بإنجازاتهما الفنية التي خدمت الفن الرابع في الجزائر وأصبح له صدى في مختلف الدول عبر جولاتهما الفنية.
هدى بوعطيح
تحدث الفنانون خلال منتدى جريدة “الشعب” الذي احتفى باليوم العالمي للمسرح وأحيا ذكرى المسرحيين الكبيرين، عن الجانب الفني والإنساني للفقيدين الذين اغتالتهما أيادي الغدر خلال العشرية السوداء، لتوقف مسارهما النبيل في خدمة الفن في الجزائر، منوهين بإنسانيتهما وطيبتهما وأخلاقهما التي اتصفا بها، وكان لها الأثر على الفنان ـ على وجه الخصوص ـ الذي وجد النصيحة والاهتمام من طرفهما.
السيدة حيمر: أتأسف لعدم استفادتي كثيرا من خبرة العملاقين
تأسفت الفنانة أمال حيمر لعدم استفادتها بما يكفي من خبرة الفنانين الراحلين عز الدين مجوبي وعبد القادر علولة، مشيرة إلى أن مسيرتها الفنية إلى جانبهما كانت قصيرة، غير أن عزائها ـ تقول ـ أنها قدمت مسرحية “شمس النهار” للعربي زكال، والتي كان سيخرجها عز الدين مجوبي، ولكن لأسباب خارجة عن إرادته لم يتحقق ذلك، مضيفة بأنها قدمت المسرحية في وهران بحضور زوجة عبد القادر علولة، التي أشادت بدورها كثيرا وأكدت لها بأن عبد القادر لو كان حاضرا لما ترك هذه الموهبة تذهب هباء.
وبخصوص الفنان عز الدين مجوبي أكدت أمال حيمر بأنه فنانها المفضل، وقد اشتغلت معه في عمل فني وحيد، بعنوان “الاختطاف” لجمال بن ددوش سنة 1993، مبرزة بأنها كان لها الشرف بأن مثلت إلى جانبه.
أمال حيمر قالت بأن عز الدين مجوبي، ممثل عبقري ومخرج متمكن، وبعيدا عن الفن هو إنسان متواضع وبسيط وكريم، لم يبخل على الفنانين يوما بالنصيحة، مضيفة بأن الجيل الجديد سيبقى يتأسف لعدم العمل إلى جانب هؤلاء العمالقة.
من جهة أخرى اعتبرت الفنانة أمال حيمر التهميش الذي يطال الفنانين سبب رداءة المسرح الجزائري، متسائلة عن سبب إقصاءهم لا سيما الجيل القديم، وأضافت في تصريح لـ«الشعب” أن هناك طاقات شبابية بإمكانها النهوض بالفن، قائلة بأنه ليس بإمكانهم تعويض هؤلاء العمالقة الذين أسسوا المسرح الجزائري، أمثال الفنانة كلثوم التي مهدت الطريق للمرأة لتكون على الركح، لكن بإمكانهم مواصلة مشوار من سبقوهم، والسير على خطاهم.
وطالبت الفنانة بضرورة توفر الإرادة السياسية، والعمل جماعيا، بحيث لكل دوره لأجل النهوض بالفن الرابع، مبرزة بأن العمل يجب أن يكون متكاملا بين الفنان والمخرج والسلطات، وحتى النقاد الذين يلعبون دورا مهما من خلال تقديم النقد البناء، وتحليل العمل المسرحي.
السيدة زكال: مجوبي بمثابة ابن لي وعلولة إنسان طيب وخلوق
أما الفنانة القديرة وهيبة زكال، فقد أشادت بخصال الفقيدين، حيث أن المحبة كانت تجمع بينهما وبين مختلف الفنانين آنذاك، وقالت بأن علولة ومجوبي، ينحدران من عائلة شريفة وطيبة، واعتبرت عز الدين مجوبي بمثابة ابن لها، خاصة وأنها كانت تؤدي إلى جانبه دور والدته وهو ما عمق أواصر الصلة فيما بينهما.
وبخصوص عبد القادر علولة، أشارت وهيبة زكال إلى أنها ما تزال تربطها بعائلته علاقة وطيدة، “هو إنسان طيب وخلوق، قدم الكثير للفن في الجزائر”، مضيفة بأنها تعتز كثيرا كونها عملت إلى جانبهما في يوم من الأيام وستظل تحتفظ بذكراهما، وذكرى شخصيات أخرى رحلوا عن هذا العالم، قائلة بأنها اليوم ضعيفة أمام هذا الغياب، لكنها تفتخر بما قدمته للفن، وتمنت أن تجد يوما من يقدر أعمالها ويتذكرها ولو رمزيا.
الفنان بن حطاب: الجزائر بحاجة ماسة إلى إرادة سياسية
وفي ذات السياق حيا الفنان يوسف بن حطاب مبادرة “الشعب” في تخليد ذكرى الفنانين العملاقين، لكنه أبدى امتعاضه من الوضع الذي آل إليه الفن اليوم في الجزائر، نتيجة عدم توفر الإرادة السياسية، ما أدى ـ حسبه ـ إلى تدهور أغلب المؤسسات الثقافية من المسرح إلى السينما وغياب الإنتاج والتوزيع، ناهيك عن العمل بأسلوب فوضوي.
وأعاب يوسف بن حطاب غياب قانون الفنان الذي يضبط مهنة الفن في الجزائر ويحيد من تدني وضعية الفنان، وفتح المجال لتسيير المؤسسات الفنية والثقافية على أكمل وجه، وقال بأنه من هنا ومن “منبر الشعب” يطالب بتجسيد قانون الفنان على أرض الواقع، هذا القانون الذي أسس له قبل ذلك الفنانان الكبيران عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي وشخصيات فنية أخرى.
وضم بن حطاب صوته إلى المتحدثين بأن “الجزائر بحاجة ماسة إلى إرادة سياسة”، وطالب في ختام حديثه بضرورة إعادة بناء ما تم تهديمه.
