تخلل الحديث عن فقيد الركح عبد القادر علولة من خلال المداخلة التي قدمها الفنان عبد الحميد رابية في قالب النظم، مخالفا بذلك كل منهجيات المحاضرات والندوات، حيث أرادها المتدخل في شكل نظم على طريقة السجع، بلغة سليمة قريبة الفهم لدى عامة المستمعين من الحضور، لا هي بالممتنع ولا هي بالسهلة أيضا.
وقد استحضر رابية كل مناقب المسرحي والفقيد علولة، ذلك الشاب الذي ترعرع في أسرة تهوى الثقافة والأدب والمسرح، تشتغل بكل جماليات الفن الرابع، علولة الشخص الذي كان محبا لفنه ولعمله، لا يختلف إثنان حول مسيرته المسرحية التي بدأها هاويا، فمحترفا ومنظرا ودارسا ثم مدرسا ومخرجا، لا غرو في ذلك فهو المتشبع بالقراءة للمسرح الانجليزي والروسي والفرنسي، أعاد إخراج الكثير من العروض المسرحية التي ساهم في ترجمتها. يقول رابية، إن عبد القادر علولة كان شخصا استثنائيا فوق الخشبة، كأنه شخص لا تعرفه من شدة حرصه على الأداء الجيد وتقمص الأدوار التي يراها مهمة وذات رسالة نبيلة وهادفة.
لقد راهن علولة منذ اشتغاله بالمسرح على استحداث نمطية فنية تهتم ببناء المسارح وإعادة هيبتها التي افتقدتها، وهي الأيام الذهبية التي كانت بالفعل يعيشها المسرح عبر العديد من الولايات. كانت العروض عبارة عن سلع متنقلة من ولاية إلى أخرى، تستهوي المثقفين والمواطنين والعائلات التي كانت تحضر كل العروض، فقد استطاع الرجل ذو الحضور القوي على الركح أن يحمل أغلى رسالة وهي رسالة المسرحي الذي حملها الأولون، مساهمة منه في بناء مسرح متين ومدرسة مسرحية قائمة بآلياتها يشهد لها تاريخ الحركة الركحية في الجزائر.
تنقل علولة بفرقته عبر العديد من الأقطار وله الفضل في اكتشاف مسرح الحلقة الذي اكتشفه بالصدفة، عن طريق احتكاكه بالواقع الحي، وهو ما جعله يخرج المسرح من الخشبة وينقله الى الحياء والمداشر والقرى لتقديم العروض.
وهو نسق كان أسسه الفيلسوف اليوناني أرسطو في العصور الإغريقية الأولى، ومن خلالها اكتشف علولة الكثير من المميزات الهامة التي لا توجد في المدينة ولا في أزقتها، فمن خلال التصرفات تظهر تلك السمات والملامح الريفية، منها الجلوس على الفارض وتكوين حلقة مغلقة، إلا بعض الإكسسوارات ذات الضرورة القصوى.
علولة كان كثير التساؤل والأسئلة عند مصادفته شيئا جديدا أو غريبا، يدعوه الفضول لاكتشاف هذا السلوك، لأنه بالنسبة إليه استثناء وحالة يجب الوقوف عندها.
كان مسرحيا ومخرجا وقدم العديد من الأعمال منها “القوال” و«الأجواد و«التفاح” وأنهت رصاصات الغدر أنفاسه قبل أن ينتهي من كتابة مسرحيته “العملاق”.
صاحب «القوال» لم يكمل «العملاق»
علولة... والفضل في تأسيس “الحلقة”
نورالدين لعراجي
شوهد:510 مرة