اغتيــال مجوبـي قتـل حلمـي المسرحـي
لم يمر الحديث عن “أسد وهران” وأسد المسرح الوطني الجزائري، دون إيقاظ مشاريع وأحاسيس الحزن ولوعة الفراق في نفوس الحاضرين وعلى رأسهم الفنانون والفنانات الذين عايشوا الفقيدين عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي، والذين جمعت بينهم وبين عميدي الفن الرابع العديد من سنين العطاء فوق الخشبة أو أمام ميكروفون الإذاعة أو عدسة كاميرات التصوير.
وقد أشاد الجميع بأخلاقهما العالية وتواضعهما الكبير وإنسانيتهما وعدم إجحافهما في نقل كل ما تعلموه للفنانين المبتدئين والسهر على تكوينهم واتقان أدوارهم، فشكلا الاثنين مدرستين حقيقيتين للعديد من الأجيال من هواة المسرح، والكتابة الفنية والدراما والإخراج.
وقالت أمينة مجوبي أرملة شهيد المسرح والدمع يملئ عينيها، أن اغتيال زوجها على أيادي الإرهابيين المتعطشين للدماء كان أيضا بمثابة اغتيال لأكبر حلم لها، إذ كان من المقرر أن تصعد على الخشبة رفقة زوجها في مسرحية ثنائية تحت عنوان “الزوجين”، وقد سقط عز الدين تحت رصاص قناصيه يومين فقط قبل الانطلاق التدريبات للمسرحية، التي قد قرر مجوبي أن تكون بالمسرح الوطني سويعات فقط في الفترة ما بعد الإفطار وقبل وقت حظر التجوال المفروض إبان العشرية السوداء.
وعن عبد القادر علولة قالت أرملة مجوبي بنفس الحزن العميق، أنه كان أستاذا متواضعا، كريما مع أهل الفن، حريصا كل الحرص على الإبداع والعطاء وأنه قد شجعه كثيرا على الوقوف على الخشبة وتقديم الأفضل للجمهور، وكانت لها تجربة مسرحية “الخبزة” التي أراد من خلالها علولة أن يشارك في توعية أبناء الجزائر المستقلة حول أهمية سياسة الثورة الزراعية للبلاد والعباد، فكانت مسرحية جوارية محضة، وجدت جمهورا وفيا في الأرياف والقرى النموذجية، على مدار شهور عديدة.
و عاد اللقاء أمس، بالحضور إلى مواقف وبطولات وموهبتين أعطتا الكثير للمسرح الجزائري بصفة خاصة والفن والثقافة بصفة عامة، العملاقين اللذين تركا بصمتهما وبجدارة في التاريخ ولتذكير الأجيال الصاعدة بعلمين من أعلام الجزائر الذين ساهموا في إعلاء رايتها وطنيا ودوليا، عبر الكلمة والعرض المسرحي سجلها حتى لا “ننسى”، تبقى اليوم مخلفات الفقيدين من نصوص مسرحية وسيناريوهات ومشاريع مراجعا حقيقية يعتمد عليها في تلقين أبجديات الفن الرابع حسب النظرة المنهجية والفكرة الطموحة التي حملها علولة ومجوبي وأسسا لها بالرغم من المضايقات والتضحيات والعقبات التي اعترضت طريقهما والتي كانت آخرها رصاصات الغدر التي أودت بحياتهما في شهر رمضان بفارق 11 شهرا فقط.