اختتم المنتدى الدولي الـ 6 حول حياة ومؤلفات كاتب ياسين بقالمة باتخاذ اجراءات عدة تعطي قيمة واعتبار للتظاهرة والمواضيع محل النقاش. من بين القرارات حجب الجائزة الأدبية التي تحمل اسم المفكر والكاتب لعدم تجاوب الاعمال المرشحة للمستوى المطلوب. لهذا كانت المبادرة المتخذة جعل الجائزة دورية كل سنتين بدل العام المطبقة منذ اعلانها.
وحسب المشرفين على المنتدى لـ «الشعب»، فقد تقرّر بالمناسبة إعادة النظر في طريقة المشاركة في الجائزة التي تشمل ثلاثة أصناف من المكرّمين وهم على التوالي كتاب الذهبية، الفضية والبرونزية.
المنتدى المنظم بقالمة تحت عنوان: «التفاعلات الثقافية النصية والجمالية في كتابات ياسين» أحدث انتعاشا في المشهد الثقافي وكان وجهة المثقفين والمواطنين المتشوقين لمعرفة المزيد عن كاتب ياسين.
تضّمن برنامج الملتقى بالمسرح الجهوي «محمود تريكي» تقديم عدة مداخلات حول موضوع الطبعة، والذي خصّص لتسليط الضوء حول: «كاتب ياسين.. لغة، فن وثورة»، «نجمة الرواية الحجة»، «صورة كاتب ياسين من خلال آخر حوار معه»، «كاتب ياسين ومسألة الحداثة العربية» و»الترجمة العربية لحوارات كاتب ياسين».. قدّمها مشاركون من الجزائر، فرنسا، تونس، الولايات المتحدة الأمريكية، بلجيكا، المغرب، بولونيا، وفيينا.
وحسب «مهني منصور» الكاتب والجامعي الذي نال مؤخرا «جائزة كاتب ياسين» الأدبية في قالمة بالجزائر، وهي مخصصة للرواية المنشورة في المغرب العربي باللغة الفرنسية، وتسلمها في حفل اختتام منتدى «كاتب ياسين» الدولي الخامس في جانفي 2014، فإن كاتب ياسين أحد أهم رموز الأدب المغاربي والعالمي أيضا، كما يبرزه الاهتمام المتنامي بأدبه في جامعات أغلب الدول.
وأضاف الكاتب «منصور مهني» متحدثا لـ»الشعب» عن اهتماماته بالمفكر الراحل: «كاتب ياسين يسكنني منذ صغري، وقد تجسد هذا الالتقاء الروحي بأطروحتي التي ناقشتها سنة 1986 في باريس وواصلت الاهتمام بهذا الكاتب في سياق العمل، فأصدرت في كتاب بعنوان: «التحولات الأدبية في المغرب العربي» ويتضمن جزء خاص بكاتب ياسين»، بالإضافة إلى نصوص ـ يضيف المتحدث ـ تكاد تكون بنفس الروح وقد لا تكون بنفس الحجم، والى يومنا هذا يبقى كاتب ياسين من الرموز المحددة للاستلهام الإبداعي، ومن المجالات التي اعتز بها.
وأكد منصور على أنهم تجندوا لهذا الملتقى، وتكليفه بالتنسيق في المجلس العلمي شرف له، شاكرا في ذات السياق كل من رحّب به في هذه المدينة المضيافة الرائعة، كما أقول «ما أحلاك يا قالمة».
وبخصوص الملتقى ثمّن «مهني» المجهودات التي قام بها الجميع، من دعم من قبل السلطات، لكنه تأسّف لعدم تجاوب الجامعة مع الملتقى، وكأن ـ حسبه ـ هناك قطيعة غير معلنة قائلا: «لابد أن يلتقي الجميع حول كاتب ياسين لصالح قالمة ولصالح الجزائر».
«نجمة» رواية خالدة
من جهتها، أشادت السيدة «عفيفة مرزوقي» مختصة في الأدب الفرنسي في «منوبة «بتونس بأهمية الملتقى بالنسبة لها، كونها مهتمة بالجانب الشعري الفني قائلة: لـ «الشعب»: «شيء طبيعي أن يهتم الباحث والأستاذ بالمغرب العربي بالنصوص المغاربية للتعريف بالمنتوج الثقافي المغاربي، وكون كاتب ياسين يمثل ثقافتنا العربية والمغاربية وهي ثقافة عالمية لابد من التركيز عليها».
وأشارت السيدة مرزوق إلى أنها تناولت في إحدى دراساتها نصوص شعرية لكاتب ياسين كونه معروف أكثر بكتابة الروايات، و»يظهر أن القارئ غير مطلع ولا يعرف النصوص الشعرية لذلك قمت بتسليط الدراسة على هذا الجانب، حيث سأتحدث على مدى اتصالها بالفنون عامة، وماهية تصور الشاعر للشعر باللغة الفرنسية».
وأضافت السيدة عفيفة بأن دراستها أيضا تناولت اتصال هذا الشعر بالفنون عامة وخاصة بالموسيقى، بتوضيح الطريقة التي حاول من خلالها كاتب ياسين مزج الآلات الموسيقية في كتاباته، حيث يمثل الشعر كفن موسيقي، وفن له وقع يُسمع، وتصوره من ناحية التركيز على الموسيقى الإفريقية التي لها وقع، وكذلك الموسيقى العربية الشرقية، حيث يتكلم على العود والبندير، وآلات خاصة بالمغرب العربي أو إفريقيا بصفة عامة، مبرزة بأن دراستها جاءت على وجه الخصوص للتعريف بما تناوله كاتب ياسين من الجانب الفني الموسيقي.
اعتبرت «مريونت تاكرات» طالبة دكتوراه فرنسية وكوميدية مسرحية، كاتب ياسين علم من أعلام الكتابة بالمغرب العربي والعالمي، وهو صاحب أجمل الروايات الجزائرية والعالمية التي كتبت باللغة الفرنسية أشهرها رواية ‘’نجمة’’.
وعن ما قدّمته حول كاتب ياسين تقول: «حاولت تناول ما قمت بدراسته في جامعة السربون حول الكاتب ياسين، أين قمت بالبحث عن كل ما يخص الكاتب، وطبعا العمل لا ينتهي من البحث، كما قمت بتجسيد مسرحية على خشبة المسرح حول الكاتب».
من ناحية أخرى، وحول ما تضمنته محاور الملتقى تطرق حسونة المصباحي في مداخلته بعنوان: «صورة كاتب ياسين من خلال آخر حوار أجري معه»، إلى ما تم نشره ببعض الجرائد الفرنسية من مقالات وحوارات فيقول: «في عددها الصادر في شهر أوت 1985 نشرت مجلة لوتر جورنال الفرنسية، والتي لم يصدر منها غير أربعة أعداد حوار مسهبا مع الراحل كاتب ياسين، وذلك قبل أربع سنوات عن رحيله في 1989، ويعتبر هذا الحوار وثيقة أمة وأساسية لفهم عالم صاحب نجمة وسبر أغوار تجربته الإبداعية التي لا تزال محافظة على تميزها واشراقتها حتى هذه الساعة».
أشاد «محمد برغل» من جامعة المنستير بتونس برواية «نجمة» مؤكدا إلى أن منذ نزولها إلى المكتبات أحدثت ضجة، لأسباب سعت دراسات كثيرة إلى إبراز مدارات الإرباك فيها، بما سمح لها بهذا الفيض من التأليف الذي يدور حول أحداثها وشخصياتها وسياقات إنشائها وتلقيها، مضيفا بأن النقاد أجمعوا على أهميتها في تاريخ الكتابة الروائية العربية.
فيما خلص بقوله: «ننتهي في تأملنا فيما يتعلق بالكتابة الروائية «نجمة»، هل هي سيرة صاحبها، هل نجمة شخصية ياسين متشظية في أصوات شخصياتها؟ هل نجمة كتابة للذات أم كتابة لموضوع تاريخي وموقف من العالم بفلسفة ماركسية ترى الأثر، وصاحبه مجرد مبشرين بعصر قادم؟ وهل نجمة رواية المغرب في علاقته بالغرب قياسا على عصفور من الشرق وموسم الهجرة إلى الشمال والحي اللاتيني؟
للإشارة، اختتمت فعاليات الملتقى الدولي السادس «كاتب ياسين تقاطعات ثقافية نصية وفنية»، بجولة سياحية لزيارة مجسم صغير للمعلم التذكاري المنجز سنة 2009 ، بمنطقة «عين غرور» ببلدية «حمام النبائل» بقالمة التي تحتضن أصول قبيلة بني كبلوت التي ينحدر منها كاتب ياسين.