تعدّ السيدة أوفريحة فاطمة الزهراء من بين النساء القلائل اللائي تبوأن مناصب مرموقة في الدولة الجزائرية في بداية الاستقلال، فقد سمح لها مستواها العلمي العالي آنذاك من ممارسة مهام سامية على مستوى وزارة الشؤون الخارجية في فترة سجل فيها نقصا فادحا في الإطارات ومسيّري المؤسسات السياسية والإدارية كون البلد كان حديث عهد بالاستقلال.
ولدت فاطمة الزهراء أوفريحة في درب سيدي بوعبد الله بتلمسان، حيث عاشت جل طفولتها ومراهقتها.
تردّدت على المدرسة الاقتصادية والمدرسة الفرنسية في آن واحد، بعد دراسة متفوقة بالثانوية المختلطة بمدرسة التعليم الإسلامي الفرنسي بمسقط رأسها، واصلت دراسات عليا في الجزائر وفي فرنسا، وتحصّلت على شهادة ليسانس في علم الاجتماع والتاريخ.
كرّست أهم نشاطها المهني للجامعة والبحث العلمي، حيث ناقشت أطروحة دكتورة دولة عام 1972 وعمرها لم يتجاوز الثلاثين سنة، أدهشت بنقاشها وطريقة معالجتها للموضوع اللجنة الدولية التي انتقلت خصيصا من أجلها إلى الجزائر لتصبح بذلك أول امرأة تحوز على دكتورة دولة على المستوى الوطني والمغربي.
بدأت السيدة أوفريحة فاطمة الزهراء حياتها المهنية في سن مبكرة قبل أن تكمل تعليمها العالي، حيث شغلت في سن مبكرة مناصب مختلفة ذات مسؤولية بوزارة الشؤون الخارجية، ثم التحقت بالجامعة أين كرّست أهم نشاطها المهني للتعليم العالي بصفتها أستاذة بالجامعة المركزية لسنوات طويلة وأستاذة زائرة من خلال مشاركتها في الندوات والملتقيات التي نظمتها العديد من الدول الأوروبية.
ولعل من أبرز ما تذكره أبحاثها في مجال البنوك و الدراسات الاستشرافية لهيئات وطنية ودولية على غرار مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية، والمعهد الوطني للدراسات الشاملة والمعهد الوطني للدراسات الديموغرافية، والمعهد الوطني للانتاجية والتنمية الصناعية والشركة الصينية الوطنية للبترول وجامعة الدول العربية
والبنك العالمي وبرنامج الأمم المتحدة من أجل التنمية.
كما أثرت السيدة أوفريحة فاطمة الزهراء المكتبة الجامعية بالعديد من المؤلفات صدرت عن المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار منها نظام الصحة
والسكان في الجزائر عام 2002، نظام الصحة في مفترق الطرق عام 2006، التحول والنظام الصحي في الجزائر عام 2009، وكتاب آخر يكتسي أهمية خاصة يحمل عنوان «هذه الصحة الغالية»، يتناول بالتفصيل تحليل اقتصادي لنظام الصحة في الجزائر عام 1992.
فضّلت السيدة أوفريحة فاطمة الزهراء أن تحال على التقاعد المسبق، وهي في أوج العطاء حتى تتفرغ للكتابة براحة تامة مع مواصلة تأطير أطروحات الدولة دون مقابل.
وتعكف حاليا أوفريحة فاطمة الزهراء على مراجعة تاريخ الجزائر في العصور الوسطى لغربلة ما نسجته كتب الكثير من المؤلفين في مجال التاريخ لبعض الأحداث التي طبعت الجزائر، ونسبت إلى غيرها من مدن شمال إفريقيا آنذاك خاصة المغرب الأقصى.