يرى الأستاذ الجامعي علي كرزيكة، أن تراثنا ضارب في جذور التاريخ، وشاهد على التنوع الثقافي الذي عرفته بلادنا الجزائر، فالتراث اليوم هو وقود التنمية المستدامة إن أحسن استغلاله، بحمايته وحفظه وتثمينه، قائلا إن “الأمم تقاس بماضيها الحضاري”.
أكّد أستاذ علم الآثار الإسلامي بجامعة الحاج موسى أخاموك تمنغست، الدكتور علي كرزيكة، في تصريح لـ “الشعب”، أن التراث هو أحد ركائز التوجه الاقتصادي لدى كثير من الدول، فهو ـ حسبه ـ قطاع حيوي باعتباره مصدرا من مصادر الثروة المستدامة.
في هذا الشأن، يقول المتحدّث إنّ اقتصادنا اليوم بحاجة إلى نفس جديد، يكون له دور فعال في توجيهه، وهذا لا يأتي إلا بإعادة النظر ومراجعة القوانين المسيرة لهذا القطاع الحساس، خاصة وأن صناعة السياحة تعتمد على المادة الخام المتمثلة في التراث المتنوع، حيث يرى بأنه المحرك الهام للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن الكثير من الدول تعتمد على تراثها المادي واللامادي في جذب السياح، وتوفير الظروف المناسبة لتشجيع هذا القطاع، “الأمر الذي يحتم علينا أن لا نبقى مكتوفي الأيدي في الوقت الراهن في ظل المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية”.
ويضيف كرزيكة أنه من أجل استغلال الموروث في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، كان لزاما علينا جميعا كل في موضعه أن نبرز ما نمتلك وما تزخر به بلادنا الجزائر من كنوز حضارية متنوعة، فالأستاذ المختص في علم الآثار له دور فعال في ذلك البحث والتحري والدراسة والنشر العلمي لكل جديد في مجال التراث والإعلامي، ونشر أهمية التراث وتوعية المجتمع بدور التراث وقدرته في استحداث مشاريع ربحية، يكون لها شأن في ترقية الاقتصاد، دون نسيان المجتمع المدني من خلال الجمعيات الثقافية الفاعلة في هذا الشأن.
ويؤكّد المتحدث - في السياق - أنّه آن الأوان لجعل التراث الثقافي أداة من أدوات التنمية المستدامة، ولن يتحقق ذلك إلا بتوفير وسائل حماية التراث الثقافي، واستمرارية تنفيذ الخطط والبرامج التنموية، واستدامة مشاركة المجتمع، وخطة الإدارة المستدامة للمواقع الأثرية، إضافة إلى الاستفادة المستمرة من المعلومات، وإحياء التراث الثقافي اللامادي في إطار مهرجانات سنوية، باعتبار التنمية المستدامة تهدف إلى الحفاظ على القيمة التاريخية والأثرية والثقافية للتراث، كونه مورد من موارد السياحة “وبهذا يكون التراث الثروة التي لا تنفذ ويمكن المحافظة عليها لكل الأجيال”.
ويرى علي كرزيكة أن الجزائر مطالبة بتفعيل دور المؤسسات المتحفية ودواوين السياحة وإعادة تأهيل المواقع الأثرية، وتشجيع حاملي التراث اللامادي كونه غير مسجل أو موثق، مع تشجيع التوجه إلى التخصصات للمساهمة في الحفاظ على التراث لاستغلاله في التنمية الاقتصادية، على غرار تخصص علم الآثار، وإدراج تخصصات جديدة ذات صلة بمراكز التكوين والتعليم المهنيين للرقي بالتراث، مع إنشاء مؤسسات في ذات الميدان، فالجزائر - يؤكّد المتحدث - تبذل مجهودا يذكر من أجل تعزيز الاقتصاد من خلال الموروث الثقافي المادي واللامادي، ويقول: “من خلال إنشاء مؤسسات ممثلة في دواوين حماية وحفظ وتثمين التراث عبر كل أرجاء الوطن، وكذا ميلاد دواوين جديدة تعنى بحماية التراث على غرار إقليم الساورة”.