مــــن يـــريـــد الــــذهــــاب إلى الـــعــــالمـــيّـــة عـــلـــيـــه أن يـــنـــطـــلــــق مــــن المحــــلــــيـــــة
الفنّان المسرحي الهاني محفوظ.. أحد الأسماء اللامعة في السّاحة الفنّية الجزائرية.. استطاع أن يثبت موهبته في الأعمال الدراميّة والمسرحية، بدايته كانت على خشبة المسرح، ثم انتقل إلى التلفزيون ليشارك في العديد من الأعمال الدرامية.. يُقدم محفوظ أداءً استثنائيًّا يجمع بين الإحساس العميق والتّجسيد الواقعي، ما جعله يحظى بتقدير واسع من الجمهور والنّقاد.. في هذا الحوار، نقترب من رحلته الفنّيَّة، ونتعرّف على رؤيته للدراما الجزائريّة، وأبرز محطّاته الإبداعيّة..
الشعب: الفنان محفوظ الهاني.. كيف تُقدّم نفسك؟
الهاني محفوظ: الهاني محفوظ من مواليد 1967 ممثّل مسرحي وتلفزيوني وسنيمائي، بداياتي كانت من مسرح باتنة الجهوي، مارست هذا المجال مدة 35 سنة، وأعتبر نفسي مخضرمًا، حيث كان لي الحظ أني واكبتُ الحركة المسرحية والتّلفزيونيَّة وتعاملت مع قامات المسرح والتّلفزيون من الجيل القديم من بينهم أذكر: مجوبي، صونيا، زياني الشريف،.. كل هذه التّجارب أضافت كثيرا من الخبرة بالنّسبة لي كممثل، كما تعاملت مع جيلي من الفنَّانين الشّباب المبدعين المخرجين والممثّلين، كانت لي تجارب تليفزيونيّة وسنيمائيّة أهمُّها “سلسلة جحا” في أربعة أجزاء مع المخرج عمّار محسن، وفي السنيما فيلم “شهادة” مع المخرج محمد زموري، وهو عمل مشترك جزائري-فرنسي، كذلك كانت لي تجربة مع المخرج أحمد راشدي، وهناك أعمالا أخرى لا أستطيع ذكرها كلّها. وهذه السنة شاركت في أربعة أعمالٍ تليفزيونيّة منها: “الرباعة” من إخراج وليد بوشباح ومسلسل “الحصلة” إخراج سفيان حرقوس ومسلسل “التابعة” للمخرج التّونسي أنور فقي وسلسلة “المرحي” إخراج نزيم لعرابي.
يقول شكسبير أعطني مسرحا عظيما أعطيك شعبًا عظيمًا، ما تعليقك على ذلك؟
إذا انطلقنا من مقولة شكسبير، اعطني مسرحا أعطيك شعبًا عظيما؛ نقول نعم، إنَّ المسرح أبو الفنون، كلّ الفنون موجودة في المسرح ومصدر الفنّ الإنسانية وهو دائما يبحث عن الحبِّ والجمال والخيرِ، بالمفهوم الواسع إذا استطاع المسرح تحريك هذه الثلاثيّة - إنْ صحَّ التّعبير في مجتمعه - فقد وصلنا إلى الإنسانيَّة والتي هي عند كلّ شعبٍ.
كيف ترى حال المسرح في الجزائر خاصّة وفي العالم العربي عامّة؟
بالنسبة لي، أنا متفائل جدًّا، حيث اشتغلت مع ثلاثة أجيال، والجيل الجديد مِنَ الشَّبابِ يحملُ تصوُّرًا جديدًا للمسرح ومواكب للحركة المسرحيَّة العربيَّة والعالميَّة، وله تصوُّر جديد وفكر جِدّي، تبقى أنْ نعطيهم فرصَة ونثق فيهم وسيكون للحركة المسرحيَّة الجزائريَّة شأن كبير، ليس في العالم العربي فقط، بل في العالم ككلّ، فعندما يكون سلاحُنا هويّتنا وتراثُنا وتقاليدُنا توظف في المسرح، هنا يكمن التّحدي والنّجاح بحدِّ ذاته. فأنا أقول للذهاب إلى العالميَّة يجب أن تكون نقطة الانطلاق من المحلّيّة.
نرى فنانين يدخلون أعمالًا تلفزيونيَّة دون تكوين في المسرح، هل أصبحنا اليوم في عالم “السوشيل ميديا” لا نحتاج إلى المسارح ونستطيع الاستغناء عنها؟
^^ التّكوين والممارسة هما الأساس، وممارسة المسرح هي التي تعطيك النّضج والوعي في فنّ التّمثيل وتجعلك تعرفُ كيف تتعامل مع الشَّخصيّات التي تجسّدها في أعمالك، بحيث يكون لك القدرة على الانتقال مِنْ حالة نفسيَّة إلى حالةٍ أخرى بسلاسةٍ وصدقٍ، وهناك مَن يستطيع تحريك مشاعر المتلقِّي وهناك من يؤمنُ بك ويكون عندك قبول عند الجمهور. أمَّا بالنّسبة للشَّباب الذين ليس لهم أي تكوين ولا ممارسة، لا يجب رفضهم، بالعكس، يجب احتواؤهم وخلق جوَّ من الأمان لهم، وعلينا مساعدتهم في التَّكوين ونكون سندا لهم، ونوجّههم إلى المعاهد والجامعات.
ما الذي تضيفه الجوائز للفنّان المسرحي أو السّينمائي في حياته الفنّيَّة؟
لجوائز سلاح ذو حدّين، فهي بمثابة تحفيز لنا لبذل مزيد من الجهد والإبداع والنّضج والرّقي. أمَّا إذا وقعنا في الغرور، فهنا تكون نهاية الإبداع.
ماذا عن مشاريعك المستقبليّة؟
هناك مشاريع في المسرح مستقبلا، أمَّا بالنِّسبة للتِّلفزيون فليس هناك مشاريع رسميّة، إنَّما هي وعود لهذا لا أستطيع القول إن لي مشاريع تلفزيونيّة.
ما تعليقُك على الأعمال الرَّمضانية هذه السَّنة في القنوات الخاصَّة والعموميَّة؟
سعيد جدا بالإنتاج التِّلفزيوني هذا العام.. أعمال كثيرة متنوّعة ومختلفة، أمَّا من خلال الكمّيَّة، نستطيع التَّوعية أكثر، زيادةً على ذلك، هناك أعمال نحسُّ أنَّ لها طابع الهويَّة الجزائريَّة، وإذا انطلقنَا مِن مقولة “إذا أردْت الذَّهاب إلى العالميَّة فانطلق من المحلِّيَّة” فمضمونا هي موجودة فعلا بالإضافة إلى التّطوّر الملحوظ تقنيًّا وفنِّيًّا عند معظم الممثّلين.
هل يعود ضعف الإنتاج في المسلسلات الجزائرية إلى ضعف السيناريو، أم إلى ضعف أداء الممثلين؟
تفاوت في الأعمال الدرامية منطقي، الجميل هذا العام أن هناك عددا كبيرا من الأعمال، ما يتيح للمتلقي اختيار أفضل الأعمال الدراميّة.. إن الجيّد يجب أن تتوفّر فيه شروط معيّنة مِن فكرة جديدة، سناريو ذو بناء دراميّ جيّد وإخراج يخدم فلسفة النّص وممثّل متمكّن هو من يحمل هذه الفلسفة، ليست كلّ الأعمال ضعيفة؛ بل هناك أعمال جيّدة وذات جودة عالية وفيها اشتغال على الهويَّة الجزائريَّة.