صدر حديثا عن «مؤسّسة الانتشار العربي» بلبنان كتاب «النص والجماعة: مدخل إلى هرمينوطيقا الطوائف في السياق الإسلامي» للبروفيسور محمد قراش، الأستاذ بجامعة الجلفة. ويحاجج الكتاب بأن الجماعة هي أصل انبثاق التأويلات الدينية وليس النص، بل إن الجماعة مارست هيمنة تأويلية على النص. كما يرى المؤلف بأن كتابه يتطرق إلى موضوع «هو الأشد خطرا في سياقات تحولات الفهم المعاصر ضمن إعادة قراءة التراث التأويلي».
«النص والجماعة: مدخل إلى هرمينوطيقا الطوائف في السياق الإسلامي» عنوان كتاب البروفيسور محمد قراش، الأستاذ بجامعة الجلفة، الصادر حديثا عن دار «مؤسسة الانتشار العربي» اللبنانية.
وفي هذا الصدد، نشر أ - د - محمد قراش قائلا: «أتشرف اليوم بتقديم هذا العمل للقراء في العالم العربي والإسلامي، في موضوع هو الأشد خطرا في سياقات تحولات الفهم المعاصر ضمن إعادة قراءة التراث التأويلي».
ونقرأ في تقديم الكتاب، أن «تأسيس البحث على رؤية جديدة تتوخى النظر في سلطة الجماعة بوصفها أصل التأويل ومرتكزه في الهرمينوطيقا الدينية في السياق الاسلامي، ينقل الباحث والمؤول على حد سواء، إلى أفق جديد في فهم قضايا التأويل الديني، التي في أولها إعادة ترتيب العلاقة المتوقعة بين النص الديني وبين الممارسات التأويلية المسلطة عليه».
ويرى قراش في كتابه بأنّ «الجماعة، وليس النص، هي أصل انبثاق التأويلات الدينية، وهي مدار التصديق على العقائد والأحكام التي يتم صياغتها من أجل صيانة كيان الجماعة نفسها، إذ تنمو كل التوسعات التي ينتظمها مجال التأويل الديني، سواء في مستوى الأحكام التي ينتهي إليها ذلك التأويل، أو في مستوى المفاهيم وقواعد الاستدلال التي يستند إليها، انطلاقا من حاجة الجماعة إلى تبرير اطروحتها في فهم النص».
من جهة أخرى، يتّخذ النص «موقعا مركزيا على مستوى البيان العقائدي لكل جماعة، بوصفه مرجعا مطلقا لبناء الأحكام، ولكنه يتراجع في المستوى العملي، ضمن كل الممارسات التأويلية عبر التاريخ، إلى موقع التوظيف الذرائعي في سبيل تأطير منظور جماعة بعينها، وبالقدر نفسه في سبيل نفي معتقد الجماعات الأخرى، فالتعددية التي تنتجها هرمينوطيقا الجماعات أو الطوائف هي عبارة عن أنظمة مغلقة بامتياز، تنبثق من إغلاق تأويلي قائم على قاعدة اثبات ونفي، إثبات صحة معتقد، ونفي صحة معتقد آخر، وتستمر تلك الأنظمة التأويلية في التعارض والانغلاق على طول التاريخ، مرتهنة بالوجود التاريخي الديني للجماعة».
ويعتبر قراش أنّ حصيلة التحيزات التي شكلتها بيئات ثقافة دينية اجتماعية على مدى قرون من تنزل النص القرآني وتداوله خلقت «منظورات متعددة أنشأتها الجماعات المستقبلة في التراث، ومهما حاولت تلك الجماعات أن تقدم نفسها بوصفها تجليا لحقيقة النص المقدس، إلا أنها في التحليل الأخير لا تجسد إلا رؤيتها الخاصة لتأويل النص ولمفهومه»، ويضيف الكاتب: «ومن هنا كان التعارض الذي صاغ على الدوام استراتيجية الجماعات ينعكس منذ البدء على مفهوم النص الديني، لتستكمل الجماعة هيمنتها التأويلية على النص، تلك الهيمنة التي تعززت على الدوام بواسطة مسلمات دينية تأويلية تنبثق من الصناعة النظرية للجماعة وباسمها العقائدي».
ويأتي هذا الكتاب ليدعّم مجموعة الكتب التي سبق للبروفيسور محمد قراش نشرها، والتي نذكر من بينها «النص الديني وتحولات الاستقبال: قراءة في منعطف التأويليات المعاصرة» (دار كنوز المعرفة العلمية، 2023)، و»الخطاب القرآني واشتراطات القراءة الحداثية (لدى محمد أركون)» (رؤية للنشر والتوزيع، 2018)، «سيرة العارفين..مناقب وأعلام الزاوية الطاهرية» (دار خيال، 2020)، إلى جانب مقالات علمية من بينها: «انفتاح الخطاب الشعري العربي: من سلطة النسق إلى سلطة القارئ»، «أسلوبية القارئ: الأسلوب بوصفه استراتيجية تأويلية»، «إشكالية النصية في علوم القرآن من خلال علم المناسبة»، «الحجاج واستراتيجيات التأويل، مقاربة مفهومية في ضوء البلاغة الجديدة ونظريات القراءة»، «تأويل التراث: البحث عن التنوير في الخطاب العربي المعاصر».