يعدّ كتاب “جدلية التلقي والتأويل في النقد الأدونيسي” للدكتور عيسى عطاشي دراسة نقدية متعمّقة تتناول رؤية الشاعر والناقد أدونيس للتراث العربي وعلاقته بالحداثة. يسعى الكتاب إلى تحليل كيفية تلقّي أدونيس للتراث الشعري العربي، من خلال دراسة مواقف النقاد العرب من أفكاره، كما يتتبع الأساليب النقدية التي اعتمدها في قراءاته للأدب العربي والعالمي.
يقدّم عطاشي في هذا الكتاب رؤية شاملة لشخصية أدونيس الأدبية والنقدية، من خلال دراسة أعماله الشعرية واختياراته الأدبية التي تأثرت بالفلسفات الغربية والاتجاهات الثقافية العالمية. يتناول الكتاب أيضًا تأثيرات أدونيس الفلسفية، لا سيما تأثره بفلسفة هايدغر والمدارس الصوفية والسوريالية، ويستعرض تطوّر أفكاره النقدية التي شكّلت جزءًا أساسيًا من منهجه الأدبي.
يتناول كتاب “جدلية التلقي والتأويل في النقد الأدونيسي”، للدكتور عيسى عطاشي، دراسة نقدية تبحث في التفاعل بين التراث والحداثة في أعمال الشاعر والناقد أدونيس، واسمه الحقيقي علي أحمد سعيد إسبر. يركّز الكتاب على تحليل تجربة أدونيس المتميّزة في الثقافة العربية المعاصرة، سواء كشاعر مجدّد ورائد في الحداثة الشعرية أو كناقد أحدث تحوّلًا جذريًا في طرق التعاطي مع التراث والنقد العربي. وقد استطاع أدونيس إعادة قراءة التراث بعين نقدية جريئة مع الاعتراف بقيمته وأهميته، محذّرًا من الوقوع في عداء مطلق للماضي كما يفعل بعض دعاة الحداثة.
وفقًا لما ورد في تقديم الكتاب، تطرّقت دراسة عطاشي إلى تتبع كيفية تلقي أدونيس للتراث الشعري العربي، سواء القديم أو الحديث، وكيف تعامل النقاد العرب مع خطابه النقدي. كما بحثت الدراسة في الأدوات والمنهجيات التي اعتمدها النقاد لتحليل النصوص النقدية “الأدونيسية”، وسعت للكشف عن التنظيم الداخلي لهذه النصوص والعلاقات الحاكمة لها.
كما سلّط الكتاب الصادر عن دار “ومضة” للنشر بالجزائر الضوء على مسار أدونيس النقدي، مستعرضًا ما جمعه من “مختارات” شعرية عربية وصفها المؤلّف بأنّها مصادر إبداعية أصيلة، بالإضافة إلى تأثير ترجماته لأشعار فرنسية وغربية في تشكيل مذهبه النقدي وذائقته الجمالية. تناول عطاشي أيضًا تأثر أدونيس بفلسفة هايدغر، والاتجاهات الصوفية القديمة، إلى جانب السوريالية الحداثية، وتشبّع أدونيس بالثقافات العالمية، ما جعله ناقدًا حداثيًا ذا رؤية فريدة.
يركّز الكتاب على مراحل حياة أدونيس الإبداعية التي جعلته واحدًا من أهمّ رموز الحداثة في الشعر العربي. وقد أظهرت أعماله مثل “مفرد بصيغة الجمع”، و*”أغاني مهيار الدمشقي”، و«التحوّلات والهجرة في أقاليم النهار والليل”، و«أوّل الجسد آخر البحر”*، منهجًا جديدًا في كتابة الشعر وتوظيف اللغة. حصد أدونيس العديد من الجوائز الدولية، أبرزها جائزة ناظم حكمت، وجائزة غوتة، وجائزة الإكليل الذهبي للشعر.
يرى النقاد أنّ أدونيس يقرأ التاريخ الثقافي العربي الإسلامي من زاوية نقدية مختلفة. فقد قارن الكاتب والناقد خلدون الشمعة بين منهج أدونيس ومنهج عالم الاجتماع الفرنسي أوغست كونت، مشيرًا إلى أنّ أدونيس يعكس في قراءته قوانين عامة ونظريات تحكم العلاقة بين الظواهر المختلفة. ومن أشهر أعمال أدونيس النقدية كتاب “الثابت والمتحوّل”، الذي يعتمد على فكرة الصراع بين الاتباع والإبداع في الثقافة العربية، حيث ركّز على رفض النموذج المطلق والمتحجّر لصالح التجديد والإبداع.
عمل عطاشي على تفكيك أفكار أدونيس النقدية وربطها بتجربته الشعرية، ليقدّم رؤية شاملة تجمع بين وجهي الشاعر والناقد. في هذا الإطار، يختلف عطاشي عن نقاد آخرين يميلون إلى الفصل بين الجانبين.
للإشارة، الدكتور عيسى عطاشي هو باحث جزائري متخصّص في الأدب العربي، حاصل على دكتوراه في الأدب العربي من جامعة الجزائر. يعمل أستاذًا للأدب العربي في جامعة “عمار ثليجي” في ولاية الأغواط. وهو معروف باهتمامه العميق بالنقد الأدبي، خاصّة فيما يتعلق بالدراسات حول الأدب العربي المعاصر، وخاصّة شعر الحداثة.
ساهم عطاشي بعدد من الأعمال النقدية التي تهدف إلى تحليل الأدب العربي من زوايا مختلفة، من بينها كتابه “جدلية التلقي والتأويل في النقد الأدونيسي”. هذا الكتاب يعدّ دراسة نقدية تحليلية لتجربة الشاعر والناقد أدونيس، وهو يتناول تأثير أدونيس على الشعر العربي المعاصر وفكره النقدي الذي يمزج بين التراث والحداثة.
الدكتور عطاشي هو من النقاد الذين يركّزون على تفكيك النصوص الأدبية لتقديم رؤية معمّقة حول ما تحمله من مفاهيم ثقافية وفكرية. بالإضافة إلى دراساته النقدية، يولي اهتمامًا خاصًا بإعادة النظر في التجارب الأدبية الحديثة ومحاولة فهم التفاعل بين الأدب العربي والنظريات النقدية الغربية.