الحـــرفي والمـــؤرّخ بــلــخــضــر الــشـــولي لـ “الــشـــعـــب”:

تـــراثـــنـــا غـــنـــي ويـــســـتـــحـــق أن يـــوثّـــق ويـــُروّج لـــه

الجلفة: موسى دباب

 

في رواق المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي، ظهر بلخضر شولي كأحد أبرز الحرفيين الذين قدّموا صورة مشرقة عن التراث المحلي، فهو ليس مجرد حرفي ماهر، بل مؤرخ استطاع تحويل حلي المنطقة إلى علامة فارقة في التراث الجزائري.


 شولي الذي ولد في عائلة احترفت صياغة الحلي والذهب منذ عقود، لم يكتف بالحفاظ على هذه المهنة، بل انطلق ليكون أول من أعطى اسما مميزا لهذا التراث، “حلي أولاد نايل”.
تحدّث بلخضر مع “الشعب” بحماس عن مشاركته في المهرجان الوطني للثقافة والتراث النايلي، قائلا “في هذا المهرجان أرى الزوار يندهشون بجمال الحلي وقيمتها التاريخية. لقد كان هذا المهرجان فرصة حقيقية لإعادة إحياء تراثنا وتعريف الأجيال الجديدة بهذا التراث”. ويحكي بلخضر عن نشأته في هذه المهنة قائلا “ولدت عام 1959 وسط أدوات الصياغة، ورأيت أهلي يعملون في هذا المجال. جمعت حليا يعود إلى أكثر من قرنين من الزمن، مثل “سوار ذو الأنياب” الذي لا يوجد في أي منطقة بالعالم سوى هنا في منطقة أولاد نايل”. ويضيف بأنّ الحلي النايلي لا يقتصر على التصميم فقط، بل يحمل رموزا ثقافية فريدة، ومن بين القطع التي جمعتها “السوار ذو الأنياب”، “الناصية أم صفين” وهي قطعة فريدة تلبس على الجبين، وهي أيضا تقليد عربي أصيل، “القلادة” وتلبس مع الملحفة النايلية لإكمال الزينة، “خلخال بطن اللفعة” و«خلخال المظفور” وهي عبارة عن قطع ذات دلالات عميقة في التراث المحلي.
هذه القطع التي لم يكن لها هوية موثقة، أصبحت بفضل جهود بلخضر شولي رمزا لتراث المنطقة، فمن خلال عرضه الأول عام 2003، نجح بلخضر في إبراز الحلي النايلي كتراث فريد، وأصبح الاسم جزءا من الهوية الثقافية يتم ذكره في الدراسات والكتب الحديثة.
يقول شولي بدأت رحلتي في توثيق حلي أولاد نايل مع مشاركاتي في معارض مختلفة، وكان أول معرض ضخم للحلي الفضية من تنظيم والدي عام 1967 في المدرسة المركزية الأمير عبد القادر، ضمن مهرجان “الكبش”. أما عن نفسي، فقد عرضت لأول مرة عام 2003، وأشار قائلا “لم يكن لحلي أولاد نايل وجود كاسم، أي أن هذا الاسم لم يكن مستخدما من قبل، حتى أطلقته بعد مشاركاتي في المعارض”.
ويروي بلخضر بفخر “أتذكّر أنّي عندما عرضت الحلي لأول مرة، انبهر الزوار بجمال القطع وقيمتها الثقافية. كما انبهروا بها اليوم مثل “سوار ذو الأنياب”، التي لم تكن معروفة للكثيرين أصبحت محور اهتمام وإعجاب”، ولم يتوقف الشولي عند حدود العرض، بل انخرط في توثيق التراث، حيث يقول “أعمل على إنهاء كتاب عن حلي أولاد نايل..الكتاب سيجمع كافة التفاصيل التاريخية والفنية لهذه الحلي، ليكون مرجعًا أكاديميا وفنيا للأجيال القادمة”.
كما شارك في تأليف كتاب حول “المقاومة الشعبية في منطقة أولاد نايل” مع مجموعة من الباحثين، منهم الأستاذ محمد مويسة، والدكتور مسعود بن سالم، والبروفيسور خالدي بلقاسم، والدكتور شبيري محمد، والأستاذ حكيم شويحة. ويضم الكتاب 400 صفحة، حيث يعد مرجعا مهما لتوثيق تاريخ المنطقة، ويجري حاليا العمل على إصدار طبعة ثانية منه، حسب المتحدث.
وعلى الرغم من التحديات، يصر بلخضر على أن رسالته تتجاوز الربح المادي قائلا “أنا هنا لأعرف الأجيال بتراثنا، هذه الحلي ليست مجرد زينة، بل تاريخ حي يعبر عن هويّتنا”، ويؤكّد الشولي أنّ النقوش الموجودة على الحلي مستوحاة من وسم الإبل والطبيعة، ممّا يربط الحلي بعادات المنطقة وتقاليدها.
كما أشار إلى أنّه في الماضي، كانت المرأة النايلية لا تخلع الخلخال من قدميها أبدا، وكان السخاب يلبس للطفل عند الختان ثم تحول لزينة المرأة، يقول بلخضر: “كل قطعة لها قصة، وكل نقش يحمل رمزية. الحلي كان كنزا اقتصاديا وثقافيا، ولا يزال اليوم جزءا من هوية كل منطقة.
شولي وجّه رسالته قائلا “تراثنا غني ويستحق أن يوثق ويروّج له، وما أقوم به ليس مجرد عمل، بل واجب تجاه تاريخنا”. وأضاف “أنا هنا لا أبيع، بل أقدّم رسالة فنية وثقافية، ليبقى تراث أولاد نايل نابضا بالحياة في ذاكرة الأجيال والوطن”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19646

العدد 19646

الأربعاء 11 ديسمبر 2024
العدد 19645

العدد 19645

الأربعاء 11 ديسمبر 2024
العدد 19644

العدد 19644

الإثنين 09 ديسمبر 2024
العدد 19643

العدد 19643

الإثنين 09 ديسمبر 2024