الدكتـور العيد جلولي لـ»الشعب»:

الجهود الفردية لا تكفـي لإقامة صـرح ترجمي..

فاطمة الوحش

عــودة «الترجمـة» إلى الأولى ليسانــس.. إيــذان بانطلاقة جـادّة

أكّد البروفيسور العيد جلولي أنّه، من الصعب معرفة واقع الترجمة في الجزائر في غياب المعطيات والأرقام وفي ظلّ عدم وجود بيبليوغرافيا متخصّصة، وأشار إلى أنّ أكبر تحدّ تواجهه الترجمة، هو الانتقال من الترجمة الورقية التقليدية أو الكلاسيكية المعتمدة على الجهد البشري، إلى الترجمة الآلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

انطلق الأستاذ الدكتور العيد جلولي في حديث مع «الشعب» من مقولة «يصنع الكتّاب أدبًا قوميًا، بينما يصنع المترجمون أدبًا عالميًا»، قائلا: «لعلّ هذه المقولة تعبّر بصدق عن الجانب الإنساني للترجمة، فالترجمة تساهم محليا وعربيا ودوليا في إرساء قيم التعايش الإنساني والعمل على دعمها ونشرها، وهذا ما كان من شأن الحضارة العربية الإسلامية حين لم تغفل الترجمة منذ البداية، حيث اهتم خالد بن يزيد بن معاوية بنقل الكتب اليونانية إلى اللغة العربية، وهو ما سار عليه جميع الخلفاء في العصور الإسلامية.»
ولفت جلولي، إلى أنّ هذه الأيام يكثر الحديث حول أهمية وضرورة الترجمة بالنسبة لكافة الحقول المعرفية العلمية والإنسانية على حدّ سواء، مشيرا إلى أنّ الجزائر هي واحدة من الدول التي عرفت الترجمة منذ زمن بعيد، «غير أنّه من الصعب معرفة واقع الترجمة في الجزائر في غياب المعطيات والأرقام وفي ظلّ عدم وجود بيبليوغرافيا متخصّصة، فنحن حتى الآن وفي مجالات كثيرة لا نملك مرصدا يوثق تاريخ الترجمة والمنجز الذي تم في هذا الميدان، وبالتالي لا يمكن الحديث بدقّة حول واقع الترجمة ببلادنا»، يقول المتحدّث.
ويرى العيد جلولي، أنّ المتتبع للترجمة خاصة الترجمة العلمية، يلاحظ ارتباطها بحركة تعريب التعليم خصوصا في المجالات العلمية، وهو ما يتوافق وسياسة الدولة بداية من الستينيات وحتى التسعينيات من القرن الماضي، مشيرا إلى أنّه يغلب على هذه الترجمات الجهد الفردي وغير المتخصّص.
كما أكّد المتحدّث أنّ الحال كذلك في ترجمة الآداب والعلوم الإنسانية الأخرى، فهي أيضا تعتمد على الجهد الفردي يقوم بها أفراد من مزدوجي اللغة (العربية والفرنسية) أمثال عبد الحميد بورايو وأحمد منور ومحمد ساري ومحمد يحياتن ومحمد داوود وحنفي بن عيسى وبوداود عمير وسعيد بوطاجين وبوزيدة عبد القادر وغيرهم.
وقال جلولي: «لا شكّ أنّنا دخلنا عصرا جديدا يتميّز بغلبة الجانب التكنولوجي وهيمنته على جميع المجالات، ولعلّ أكبر تحدّ تواجهه الترجمة هو الانتقال من الترجمة الورقية التقليدية أو الكلاسيكية المعتمدة على الجهد البشري إلى الترجمة الألية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وهو موضوع يحتاج إلى تفصيل ويحتاج إلى ندوات متخصّصة تبين إيجابياته وسلبياته، وقد تعدّدت مواقعه ومنصّاته مثل ترجمة جوجل Google ومترجم مايكروسوفت (بينج)، ترجمة أمازون، يضاف إلى ذلك التحدّيات القديمة والمتعلقة بطبيعة اللغة العربية في حدّ ذاتها وهو موضوع يطول ويتشعّب ويعرفه المختصّون.»
وللنهوض بهذا القطاع، يؤكّد العيد جلولي قائلا: «يجب تشجيع دور النشر الجزائرية ودعمها، خصوصا تلك التي تضع الترجمة في سلّم أولوياتها، وكذلك تحفيز المترجمين وضمان حقوقهم المادية والمعنوية، وأيضا التفكير في إنشاء مراكز ومؤسّسات عمومية للترجمة على شاكلة ما هو موجود في بعض الدول العربية وغير العربية، تتكفّل بالترجمة الجيدة والمتخصّصة، وأيضا تأسيس جائزة للترجمة لتثمين جهود المترجمين الكبار، وإبراز أعمالهم، وتحفيز طاقتهم الإنتاجية ورفع مستوى الترجمة في الجزائر، ونشر الكتب والمجلات والرسائل الجامعية وغيرها، ممّا يضيف رصيدا متميزا في عالم الترجمة. وما لم نصل إلى تحقيق هذه الغايات ستبقى حالة الترجمة عندنا ضعيفة لا تخرج من دائرة الاجتهادات الفردية.»
وأوضح المتحدّث أنّه، تماشيا مع الإرادة السياسية الجديدة التي تنتهجها الجامعة الجزائرية في عهدها الجديد، فتحت أقسام جديدة للترجمة منها قسم الترجمة بكلية الآداب واللغات بجامعة قصدي مرباح بورقلة هذا الموسم 2024/2025، والذي تبدأ فيه الترجمة من السنة الأولى ليسانس وقد كانت الترجمة قبل هذا تخصّصا في مرحلة الماستر فقط، علما أنّ هذا القسم كان موجودا في جامعة ورقلة في مرحلة النظام الكلاسيكي ثم أغلق دون مبرر، والآن يعود هذا القسم ليكون انطلاقة جديدة في عالم التكوين في الترجمة» يقول الأستاذ جلولي، ويضيف: «ما يعاب على كثير من المتخرجين، هو اشتغالهم في مجال الترجمة القانونية دون المساهمة في الترجمة العلمية والأدبية التي يحتاجها التعليم الجامعي، باعتبار الترجمة وسيلة لنقل المعارف والعلوم.»

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19585

العدد 19585

الأربعاء 02 أكتوير 2024
العدد 19584

العدد 19584

الثلاثاء 01 أكتوير 2024
العدد 19583

العدد 19583

الإثنين 30 سبتمبر 2024
العدد 19582

العدد 19582

الأحد 29 سبتمبر 2024