أعلنت وحدة البحث علوم الإنسان للدّراسات الفلسفية، الاجتماعية والإنسانية بجامعة وهران 2، محمد بن احمد، أنّها ستنظّم الملتقى الوطني حضوري / عن بعد، حول “أسس ثقافة الذوق: الفلسفة وعلوم الإنسان في مواجهة عصر التفاهة”، بالتعاون مع قسم الفلسفة، وذلك في التاسع فيفري المقبل.
وفقا لما جاء في الديباجة، “لم يسبق للبشرية أن مرت بمرحلة كالتي تعيشها، والتي يسيطر فيها التافهون في مختلف مجالات الحياة والمجتمعات والدول، حيث يلاحظ تصاعد معايير الرداءة والانحطاط واستبعاد أصحاب التحديات الحقيقية للرقي بالحياة في مختلف المستويات، وقتل الإبداع والتخلص من أهل المهام والرسائل النبيلة، فصار العالم مجرّد سوق للبيع والشراء الشّعبَويَّيْن باسم الحرية.
إنّ ما يحدث في تبجيل التافه هو الانشغال عن الجوهر بالعرض، وتسهيلٌ لانتشار أسباب المرض والانفصام بها في عالم الفَرَض، وعزلٌ لإعمال العقل في الواقع بتوسيع تأثير السفاهة في المواقع. التافهون لديهم القدرة على المناورة للوصول إلى مناصب مهمة: وهذا من أسباب عزوف العقلاء وذوي القدرات في تسيير دواليب السياسة مثلا، ومن منطلق أن الطبيعة لا تحتمل الفراغ فسيقوم تافه ما بِشَغْرِ أي منصب يتنازل النزهاء عنه.
من هم التافهون؟ أولئك الذين يساهمون في نشر الانحطاط المعياري، وتدهور المستويات عبر مختلف مجالاتها وتهميش منظومات القيم وتغييب الأداء الرفيع...هؤلاء هم السائدون بسذاجة تفكيرهم خدمةً لأغراض السّوق الذي لا يعترف بالنوع والكيف. إنّهم سِلَعٌ للاستهلاك المؤقت إذ يستحيل أن يشكّلوا رؤوس أموال رمزية وثروات خالدة، يشاركون في القضاء على الحريات الفردية والعقول الحرة، وهذا ما حذّر منه مونتيسكيو بصدد حماية الحرّيات من بلوغ مستوى “الابتذال”، وهم الذين لا يحترمون معايير الذوق والثقافة والفنون، ليتشكّل مع هذه الصيرورة ما يسمى سَوَادُ التفاهَةِ وحكمها médiocratie فتصير معها جملة الممارسات التي هي دون المستوى الجيد في التفكير والممارسة وتحكم الفترة الزمنية والناس فيها، وهو ما يتوافق مع المعنى الاشتقاقي لكلمة médiocrité. إنّها سيادة مَن هم دون المستوى المطلوب في كل شيء. ومن هنا تنبثق مهمة الفلسفة في مواجهة هذا الواقع المأزوم، إذ يَسند لها جيل دولوز مهمة المواجهة والمقاومة، بحيث يرى بأن “غياب الفلسفة يعني وجود الغباء في أعلى مستوياته...إنّ مهمة الفلسفة هي مقاومة الغباء”.
الفلسفة بما هي نظام من القيم والمواقف، التي تعمل على نشر الذوق والتثقيف وسيادة العقل وجملة القيم التي تؤدي إلى التطعيم ضد كل ما هو منحط - تقول الديباجة - هي بمثابة تسامٍ وترفّعٍ عن حالة التردّي التي صارت منتشرة أيما انتشار. وهنا يبدو جليا “نظام الفلسفة” باعتباره منظومة أسس الثقافة السليمة ومنهجية التفكير السديدة التي تواجه “منظومة التفاهة” التي المُودية بكل ثقافة إلى الحضيض.”
ويطرح الملتقى مجموعة من الاشكاليات، منها: هل أصبحت التفاهة معيارا للنجاح الواقعي والبراغماتي؟ ما الذي يجعل السفهاء يقودون المجتمع نحو عالم الظلمات؟ هل صارت التفاهة ضرورية إلى الحد الذي ينعدم معه كل تفكير بالتريّث والعقلنة وكبح الجماح عن إطلاق العنان لفساد الذوق؟ أم أن اللجوء إلى مظاهر التفاهة هو نوع من التعبير عن التحرر والتخلص من قيم بالية ثابتة أكل الدهر عليها وشرب، فيصير التافه موقفا إنسانيا يبتغي تحرر الفرد ويعبّر عنه ليكون نوعا من العقلانية الجديدة، فهل يمكن الحكم على التفاهة وفقا للثنائية الكلاسيكية: خير/شر، صحيح/خاطئ...أم أنها تعبّر عن جوهر هذا الزمان، وهذا العصر وينبغي الثناء عليها مثلما يحدث مع “مديح الكسل” لبرتراند راسل، أو “تقريظ الغباء” لماري بيرن، الذي رغم أنه منبوذ في جوهره إلا أنه ضروري في بعض الأحيان؟ وهل الولوج إلى التافه تعبير عن استراحة للعقل سرعان ما ينبغي الاستفاقة منها أم أنها نوع من خطة “الجهل الجديد” لتعميق مشكلات الثقافة المحلية والعالمية؟
وسيتناول الملتقى المحاور التالية: السؤال: التافه بين الصحة والمرض، في التراجع القيمي والاجتماعي، في التباهي بكل ما ليس مفيدا: ضد العلم، ضد الفكر، بين التافه الفني والأدبي، عوامل سيادة التافه على حساب الذوق المعياري، الثقافة ومعايير التسامي بالذوق. التفاهة وشيوع ثقافة الاستهلاك. هل يمكن للتفاهة إنتاج نمط ثقافي؟ الاختلاف باسم التفاهة: التنمر، الشذوذ...شمولية التافه، بين مشروع المؤامرة والطبيعة العفوية. التافه في مواجهة المعرفي، في معاداة القراءة والكتابة. في الاستهزاء بالتربية والتعليم. لغة التواصل، إشارات مبتذلة. الثراء الفاحش واحتقار العمل (تحقير الجهد المبذول/ضد الحرفة والمهنة). مساهمة التفاهة في الدخل الاقتصادي. التفاهة في وسائل التواصل الاجتماعي: الانتشار الساحق. التافه بين الواقع والمواقع. التافه سلاح مجاني للقضاء على القيم. التفاهة ضد العلم. الهاتف المحمول، التفاهة المحمولة. هل نحن نصنع التفاهة أم التفاهة تصنعنا. من يصنع من؟ التفاهة، ثقافة المظهر واحتقار الجوهر، زوال قيم وظهور أخرى. علوم الإنسان في مواجهة التفاهة: التشخيص وسبل التجاوز. إمكانية فرض نوع من الرقابة على الذاتية والتقنية على أنماط التافه.
ومن بين الشروط التي حدّدت للمشاركة في الملتقى: أن لا يكون البحث قد قدّم في ملتقى علمي سابق أو نشر في أية مجلة علمية أو غيرها. أن يكون البحث متضمنا في أحد محاور الملتقى.أن يتقيد البحث بالشروط العلمية والمنهجية للبحث العلمي. أن لا تقل عدد صفحات البحث عن 10 صفحة، وأن لا تزيد عن 20 صفحة، بالهوامش والمراجع والملاحق. كما تجب مراعاة المعايير التالية أثناء كتابة البحث: نوع الخط Arabic Transparent مقاس 14للمتن، وللهامش مقاس 12بالنسبة للغة العربية وباللغة الأجنبية نوع الخط New RomanTimes مقاس 14 للمتن و10 للهامش. التهميش طريقة APA لا تقبل إلا المشاركات الفردية.