يعتبر المتحف الجهوي للمجاهد بولاية خنشلة صرحا تاريخيا لحفظ وصون الذاكرة الوطنية وفضاء رحبا لنقل تاريخ الجزائر إلى الأجيال الصاعدة، وتعدّ هذه المؤسّسة صرحا يوثق للمراحل التاريخية التي مرت بها الجزائر إبان فترة الاستعمار وينقلها لجيل الاستقلال، حسبما صرح لـ(وأج) رفيق مرداسي، رئيس قسم الإعلام والتنشيط والتوزيع والمعارض بذات المتحف.
ويحتوي المتحف الجهوي للمجاهد المتواجد بحي “لموشي” غير بعيد عن منطقة “عين السيلان” مقر اجتماع الرعيل الأول المفجّر للثورة التحريرية بالولاية التاريخية الأولى، والذي تم وضعه حيز الخدمة سنة 2010 على قاعة عرض تضمّ أسلحة وتجهيزات وألبسة ثورية وحطام طائرات فرنسية وصور المجاهدين والشهداء والوثائق التاريخية الخاصة بالولاية التاريخية الأولى.
وفي هذا الصدد، أوضح المسؤول أنّ “المتحف الجهوي للمجاهد بولاية خنشلة قام منذ وضعه حيّز الخدمة بجمع قرابة 3784 قطعة من المقتنيات المتحفية، تم ضمّها إلى أرشيف المتحف الذي استلمها من مواطنين وأساتذة ومجاهدين عايشوا الثورة التحريرية المجيدة، إضافة إلى دعم المجلس العلمي للمتحف المتكوّن من 13عضوا، من بينهم أساتذة من معهد التاريخ بجامعة الشهيد عباس لغرور بخنشلة”.
وتتمثل محتويات قاعة العرض المفتوحة أمام الجمهور في وثائق تاريخية للثورة التحريرية يقدّر عددها بـ845 وثيقة تمثل رسائل وتقارير مختلف القسمات وأوامر بمهمة لمجاهدي الولاية الأولى التاريخية، وتصريحات بالعبور إضافة إلى عدد كبير من قصاصات الجرائد الصادرة باللّغة الفرنسية وبعض الأسلحة والتجهيزات الحربية، والملابس المستعملة من قبل المجاهدين في كفاحهم ضدّ المستعمر، والتي يقدّر عددها بـ1514 قطعة و1395 صورة أصلية ومستنسخة، بالإضافة إلى 24 لوحة فنية تشكيلية و6 تماثيل.
كما يحتوي المتحف الجهوي للمجاهد على قاعة محاضرات كبرى بطاقة استيعاب تقدّر بـ300 كرسي، حيث تحتضن هذه القاعة مختلف الأنشطة والتظاهرات المنظمة بمناسبة الأعياد الوطنية والمناسبات التاريخية والمحاضرات والأيام الدراسية، التي تنظّمها إدارة المتحف بالتنسيق مع مديرية المجاهدين ومختلف الهيئات الفاعلة.
ويقوم المتحف باستقبال الزوار أين يتولى قسم الإعلام والتنشيط مهمة إعطاء شروحات وافية عن المقتنيات المتحفية. وفي هذا الشأن أبرز المتحدّث بأنّ “المتحف الجهوي للمجاهد يعمل يوميا وحتى في بعض أيام العطل من أجل استقبال زوار من مختلف الولايات، وحتى من خارج الوطن، بالإضافة إلى تأطير زيارات لفائدة ممثلي الأسلاك النظامية وتلاميذ المؤسّسات التربوية في الأطوار التعليمية الثلاثة ومتربّصي المراكز التكوينية”.
تسجيل 476 شهادة حيّة
بالإضافة إلى العمل الذي يقوم به المتحف من خلال جمع الممتلكات التاريخية والثقافية وجردها مع تنظيم المعارض الدائمة والمتنقّلة، قام قسم السمعي البصري التابع للمتحف في إطار المهام الموكلة له، “بتسجيل 476 شهادة حيّة لمجاهدين وأبناء وأرامل شهداء بمجموع 209 ساعة و52 دقيقة”.
وأشار محدّثنا إلى أنّ “جمع هذه الشهادات الحيّة التي انطلقت أواخر سنة 2010 لا تزال متواصلة بقاعة التسجيلات الحيّة، هذا إلى جانب تنقّل تقنيين تابعين للمتحف الجهوي للمجاهد، بالتنسيق مع كلّ من مديرية المجاهدين وذوي الحقوق بالولاية والأمانة الولائية للمنظمة الوطنية للمجاهدين إلى منازل المجاهدين وأرامل الشهداء وأبنائهم، وكذا إلى مركز الراحة للمجاهدين بحمام الصالحين ببلدية الحامة لجمع وتسجيل الشهادات التاريخية، بهدف إثراء الرصيد المتحفي لذات المؤسّسة التي تعنى بصون الذاكرة الوطنية”.
ويشارك المتحف الجهوي للمجاهد بخنشلة بالتنسيق مع مؤسّسات إعلامية في تصوير وإنتاج أفلام وثائقية تؤرّخ لحياة وبطولات شهداء، وتبرز كفاح وتضحيات الشعب الجزائري وتسلّط الضوء بالصوت والصورة على مختلف أشكال التنكيل والتعذيب التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حقّ الجزائريين، حيث ساهم المتحف خلال الـ5 سنوات الفارطة في إنتاج أفلام “عباس لغرور.. هواجس شهيد ثائر” و«علي النمر...نمر الأوراس” و«زنزانات الولجة.. الجرح الذي لا يندمل” و«عمار نصراوي.. أسد جبال النمامشة”، وهي الأفلام التي نالت عديد الجوائز نظير فوزها بالمراتب الأولى في مختلف المسابقات الوطنية التي نظّمتها وزارة المجاهدين وذوي الحقوق.