يشكل الموقع الأثري «سيقا» بعين تموشنت أهمية متميزة في خارطة المواقع الأثرية بالجزائر، حيث يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد واتخذ في القرن الثالث قبل الميلاد عاصمة للمملكة النوميدية الغربية، كما مرت به عدد من الحضارات التي ذاع صيتها إقليميا عبر مختلف الحقب التاريخية، ويحظى حاليا باهتمام «بالغ» لحمايته وتثمينه.
وتعتبر مدينة «سيقا» الأثرية التي «نشأت في القرن الرابع قبل الميلاد على ضفاف وادي التافنة عاصمة للمملكة النوميدية الغربية (المازيسيل)، التي كان يمتد نطاقها من وادي ملوية بالحدود الجزائرية الغربية إلى غاية الوادي الكبير بضواحي مدينة القل حاليا (سكيكدة)، وفق ما أبرزه المختص في التاريخ الأثري بالدائرة الأثرية التابعة للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية بعين تموشنت، زهير بلقدار.
ولعبت المنطقة التاريخية «دورا محوريا» بحوض البحر الأبيض المتوسط مكنت الملك «سيفاكس» بفضل حنكته والسمعة التي كان يتحلى بها من جمع القرطاجيين والرومان على طاولة حوار واحدة، احتضنتها «سيقا» سنة 206 قبل الميلاد، سمحت بالخروج بمعاهدة تاريخية، أبرز مواثيقها الصلح بين الطرفين، مثلما ذكره ذات المتحدث.
ويتوفر الموقع الأثري الذي يتربع على مساحة 60 هكتارا أيضا على الضريح الملكي «سيفاكس»، الذي يتميز بهندسته المعمارية السداسية الأضلاع، فضلا على احتواءه على غرف جنائزية، حيث لا يزال يشكل إلى يومنا هذا مادة للأبحاث الأثرية من طرف المختصين، وفق نفس المصدر.
«سيقا» يستقطب الباحثين..
ونظرا لأهميته، استقطب «سيقا» الواقع ببلدية ولهاصة في السنوات الماضية أفواجا من الباحثين المهتمين بعلم الآثار والتاريخ القديم من شتى دول العالم، بالنظر إلى أهمية هذا الموقع الأثري، إضافة إلى بعض الوفود السياحية الوطنية منها والأجنبية.
ولم يتوان قطاع الثقافة والفنون بالولاية عن إيجاد الآليات الكفيلة بتأطير هذه الأبحاث ضمن توجه أكاديمي محض، تمّ بالتنسيق مع العديد من المختصين في علم الآثار والباحثين لأجل تثمين ذات الموقع وتوسيع دائرة الأبحاث التاريخية الخاصة بالمنطقة.
وكللت تلك العمليات بعدة اكتشافات، حيث تمّ استرجاع العديد من اللقى والحفريات منها ما تمّ توجيهه إلى المتحف الوطني العمومي «أحمد زبانة» بوهران، ومنها ما تمّ الاحتفاظ به على مستوى الدائرة الأثرية التابعة للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية بالولاية، وفق ما أبرزه مدير الثقافة والفنون بعين تموشنت، عبد العالي قوديد.
آليات عملية لحماية الموقع وتثمينه
واستفاد ذات الموقع الأثري من مخطط لحمايته من خلال قرار وزاري صدر في العدد الـ15 من الجريدة الرسمية خلال السنة الجارية، حيث جاء هذا القرار المتعلق بمخطط حماية الموقع الأثري لـ»سيقا» والمناطق المحمية التابعة له واستصلاحها.
وحدد القرار الموقع من طرف وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، المواقع الأثرية المعنية بمخطط حماية الموقع الأثري لـ»سيقا» والمناطق المحمية التابعة له واستصلاحها «بخزان الماء الرئيسي ونصب تذكارية وجزء من السور وأقبية ضخمة منهارة وكتابة بونية ومقبرة وميناء نوميدي ومقبرة أخرى تعود لأواخر القرن الأول الميلادي وبداية القرن الثالث الميلادي، ومبنى ورصيف من الأحجار المصقولة وجرات وصهريج».
وكانت الوزيرة، خلال زيارتها الميدانية الأخيرة لولاية عين تموشنت، قد كشفت أن «العمل جاري حاليا لإعداد مخطط لفائدة ضريح الملك سيفاكس الأثري الذي هو موضوع للمصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الولائي بعين تموشنت، وهو ما سيسمح مستقبلا بتسجيل مشاريع لفائدة هذه المواقع الأثرية».
وتولي السلطات المحلية بعين تموشنت اهتماما مميزا لموقع «سيقا» الأثري والضريح الملكي «سيفاكس» من خلال تثمينه كمنطقة جذب سياحي والعمل على الترويج لها من خلال استحداث مسارات سياحية جديدة، خاصة بذات المنطقة لتشجيع السياحة الأثرية، حيث أضحى ذات الموقع يشكل وجهة مفضلة لبعض نوادي التجوال، إضافة إلى الخرجات العلمية لعدد من المختصين، حسب ما ذكره القائمون على قطاع السياحة بالولاية.