يرى الكاتب عيسى شريط أن من بين أهم الإنجازات المحققة في السنوات الأخيرة في مجال السينما هو مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية الذي جاء لينظم العمل السينمائي، وبعثه كصناعة قائمة بذاتها مثلما هو معتمد في الدول التي تهيمن على هذه الصناعة، والابتعاد بذلك عن الطرق القديمة التي كانت تُسيّر القطاع السينمائي الذي كان يعتمد جملة وتفصيلا على المال العام في العمليات الإنتاجية.
أشار السيناريست عيسى شريط في حديث مع «الشعب» إلى أن القانون يفتح آفاقا جديدة للمهتمين، ويؤسس لجملة من المهن المتعلقة بذلك انطلاقا من عمليات صناعة الفيلم، مرورا بتوزيعه، وانتهاءً بعرضه على شاشات قاعات السينما، وذلك عبر تسهيل الاستثمارات في المجال..
ولفت المتحدث إلى أنه قبل صدور هذا القانون كانت السينما الجزائرية تعاني جملة من المشاكل، فأغلب الأفلام التي صُنعت لم يشاهدها الجمهور الواسع، باستثناء فئة قليلة بالمدن التي تتوفر على قاعات سينمائية ملائمة عبر تنظيم فعاليات فنية، أو اقحامه في المشاركة بمهرجات دولية، في حين يتمّ تقييم مدى نجاح أو فشل الفيلم عبر «البوكس اوفيس» أي عبر مداخيله المالية بقاعات السينما، وإقبال المستهلك على مشاهدته، لذلك لا يمكن إدراج ما أنجز من أفلام جزائرية في وقت سابق ضمن الصناعة السينماتوغرافية باعتبارها غير ربحية، ومعظمها مهملٌ الآن ضمن الأرشيف على الرغم من حداثتها، لذلك تم التفكير في إحداث قانون ينظم هذا القطاع الحيويّ، ويفسح المجال قُبالة المنتجين بعيدا عن المال العام، فضلا على توفير حرية أكبر لصناعة مختلف أنواع الأفلام باعتبار السينما فنا أولا، وصناعة ثانيا، فالمنتج الخاص يمكنه صناعة أفلام تجارية مثلا تفكيرا في الربح، وقبل ذلك وتوفيرا لنجاح هذه الصناعة على المستثمر التفكير في انجار قاعات عرض ملائمة لهذا الفن المعاصر والراقي..
في جانب آخر أكد شريط أن القانون الجديد من شأنه معالجة وضعية قاعات العرض بشكل جذري «الحديث عن وضعية قاعات السينما أثار جدلا كبيرا، وعُقدت لذلك ندوات دراسية بحثا عن كيفية استرجاعها، وبعث عملها من جديد لكن دون جدوى، فجاء مشروع هذا القانون ليمنح جملة من الحلول تُشجّع الخواص المهتمين بالقطاع على الاستثمار، كالفرض على الهيئات المحلية بقوة القانون توفير كل التسهيلات، والمساعدات للمستثمر في استغلال قاعات السينما المتوفرة لديها، وتبسيط إجراءات الاستثمار في نشاطات أخرى تدخل ضمن الصناعة السينماتوغرافية كالتوزيع السينمائي، استغلال القاعات، والمركبات، وفضاءات العرض العمومية، ونشاطات أخرى تأتي مدعمة للصناعة السينماتوغرافية.»
كما أكد المتحدث أنه، عند الشروع في تطبيق هذا القانون ستُبعث صناعة سينمائية حقيقية، بعيدا عن الطرق القديمة البائدة التي لم يكن يستفيد منها أحد باستثناء المنتج المنفذ..
وختم بقوله إنه مع بداية تطبيق القانون قريبا: «يمكننا التحدّث عن صناعة سينماتوغرافية حقيقية توفّرُ العمل على مدار السنة، وتصنع لنا أفلاما جميلة ناجحة يمكن تسويقها في الأسواق التي تحتاج لذلك مثل السوق السينمائية العربية التي تحتكرها بلدان محدودة ومحددة...»