عرض «إلعب ليك باسطا» بالمسرح الوطني

صـــراع درامـي في عــالم عبثــي

أمينة جابالله

 مواصلة لبرامج العروض الجديدة التي يعكف عليها المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي، عرضت وعلى مدار ثلاثة أيام قاعة «مصطفى كاتب» مسرحية «إلعب ليك باسطا» من تأليف وإخراج الفنان إبراهيم شرقي، بمساعدة فايزة أمال وبدعم من الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب وتطويرها، والمهداة إلى روح فقيد المسرح الجزائري الفنان ياسين زايدي، الذي وافته المنية شهر ديسمبر من السنة الماضية.

 تابع، عشية أمس، عشّاق أبي الفنون بركح خشبة المسرح الوطني محيي الدين بشطارزي على غرار يومي الخميس والجمعة مسرحية «إلعب ليك باسطا» أو باختصار «باسطا»، كما اختير في مونشات الاشهار الخاص بها، من تأليف وإخراج الفنان إبراهيم شرقي، والتي كانت من المفروض أن تكون أول إنتاج للمسرح الوطني الجزائري للسنة الجديدة، إلا أن القدر جعل مسرحية «بوستيشة» أول من تتصدّر قائمة الأعمال الفنية في مطلع السنة الجارية، والتي ذهب ريعها إلى أطفال مرضى السرطان، حيث استقطبت خلال أيام عروضها الثلاثة توافدا لم يسبق له نظير، وضجة إعلامية ضاهت الرسالة الإنسانية التي حملتها تلك الفكرة الفنية بقيادة المخرج أحمد رزاق.

أبطال «باسطا» يستذكرون زايدي
 
 جاءت «باسطا» تخليدا لروح فقيد الفن الجزائري وابن المسرح الوطني الفنان الشاب ياسين زايدي رحمه الله، الذي يعتبر من أحد الأسماء اللاّمعة على خشبة المسرح، حيث شارك الرّاحل في 26 مسرحية، 23 منها حُظي فيها بأدوار رئيسية، وبالتزامن درس الإخراج وقدّم محاولات فيه، وكان مساعد مخرج وممثل في مسرحيتي «المفترسون»، و»المهبول العاقل»، إلى جانب حضوره في عدة أعمال للمسرح الوطني الجزائري، مثل: «الجثة المطوقة»، «الفيزيائيون»، «الزائر»، «المنتحر»، «الليالي البيضاء»، «أوميرتا الصمت»..
وشارك زايدي في 25 مسلسلاً تلفزيونياً، بينها: «دارنا القديمة»، «الليالي البيضاء»، «الميدالية»، «الأخطاء»، «بين البارح واليوم»، «المكتوب»، «قضاء وقدر» و»دوار الشاوية»، إضافة إلى إطلالته الأخيرة في مسرحية «سليمان اللكّ» التي انتجت سنة 2018.
«باسطا» هي مسرحية كوميدية ساخرة من تأليف وإخراج ابراهيم شرقي، تتحدّث عن شخصيات أسطورية تعيش أطوار الانسانية بأفراحها وأحزانها وطموحاتها، وبقالب هزلي مضحك مبكي، أبدع رفاق شرقي في تجسيد المعاناة وتحدّي الواقع الغارق في عالم عبثي، المتخبّط في لجج الحقيقة المرة التي تفرض على الإنسان أن يعيش خيارين، إما أن يفجر ما له من ردود وانفعالات عكسية صارخا ومعترضا في وجه الواقع المثقل بالأوجاع والترسبات السلبية، أو أن تستسلم أفكاره إلى سطوة المكبوتات، وتتحوّل بدورها إلى حياة أخرى تعيش في ذاته، التي لن تنعتق أبدا من أغلال اليأس وأحلام مكبّلة بالكوابيس.

أحلام، آمال وطموحات..

 فمن خلال «باسطا»، حاول المخرج أن يؤسّس رؤية مسرحية ذات مرجع مميز، جاءت في سياق كتابة أدبية ترجمتها الكتابة الركحية المسرحية، وجسدتها شخصياتها التي تنتمي إلى المدرسة الواقعية الانفعالية، أين تكلّمت عن أحلامها، آمالها، طموحاتها وأحزانها في ظل قالب هزلي تراجيدي كوميدي كما سبق الذكر.
رافق المخرج ابراهيم شرقي شخصيات بارزة في صناعة الفن الرابع، فعلى غرار مساعدة المخرج الفنانة فايزة آمال، سجّلت خمسة أسماء أخرى حاملة لشهادات في ذات الاختصاص بصماتها في هذا العمل الراقي، وهم على التوالي: ربيعة سِحاب التي سبق لها وأن شاركت في العديد من الدول العربية والأجنبية، إكرام زموري الحاصلة على ماستر 2 في النقد المسرحي، أمينة بلحاج ماستر 2 تخصص إخراج مسرحي ، إبراهيم جاب الله الذي أدّى العديد من الأدوار في أعمال مسرحية حصدت نجاحات وألقابا ونالت جوائز عديدة، إلى جانب الممثل القدير فؤاد زاهد، الذي شارك في أغلب الأعمال الدرامية التلفزيونية والمسرحية الأكثر شهرة ونجاحا جهويا ومحليا.
وفي ذات الصدد، فلقد كان التوزيع التقني بقيادة المايسترو عبد الغني معزوز، إلى جانب المبدع زكريا العياشي، وبمساعدة كل من تقني الخشبة شريك محمد وزبيري ساعد، في حين عادت مسؤولية تقنية الصوت إلى الشابة الصاعدة سارة حشاني.
للإشارة، إبراهيم شرقي كاتب، ممثل ومخرج مسرحي من مواليد 13 جانفي 1960 بالقصبة بالجزائر العاصمة، حيث أصبح كاتباً مسرحياً بدءا من عام 1985، وممثلا في المسرح الوطني الجزائري بداية من عام 1993، ويتمتع بعضوية اللجنة الفنية لمسرح تيزي وزو الجهوي، حظي بمسار تكويني في المعهد الدولي للمسرح، وكانت له عديد التربصات بفرنسا، وشارك في عديد المهرجانات العربية والدولية بتونس والأردن والإمارات وفرنسا.
أخرج شرقي عديد المسرحيات، مثل: «صفية»، «رانا جيناك»، «دار الفرجة»، «اسمع واسكت يا حسن»، «رايحة لوين»، «باسطا»، «كان هنا وراح»، و»حالتنا هنا»، مثلما ساعد في إخراج أعمال أخرى على غرار «رحلة حظ».
كتب شرقي عدة نصوص مسرحية، أبرزها: «يا شاري دالة»، «الجوّالة»، «الفينيق»، «اسمع واسكت يا حسن»، «روبوتيك»، «تنهينان»، «ضياف ربي»، «سمفونية والأحلام السرية..»، كما مثّل في عدة مسرحيات، أهمها: «مسار الذاكرة»، «أضواء»، «مجلس الانضباط»، «بدون حدود»، «المعلم الفاضل»، «انسالو ولاّ ما نسالوش»..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024