بقصر خداوج العمياء

نقاش حول الحليّ الجزائرية عبر التاريخ

حبيبة غريب

 كشفت حريشان بوحميدي نورة، محافظة التراث بالمتحف العمومي الوطني الفنون والتقاليد الشعبية «قصر خداوج العمياء»، أمس، أنّ «حب البقاء والوجود ولدت بداخل الإنسان رغبة في استعمال تقنيات وأساليب لتجميل جسمه، فاستعمل الوشم بالصبغة الحمراء كمادة طقوسية، ليعتمد بعدها على الحلي التي أصبحت تربطه بها علاقة وطيدة على مر العصور».

 أشارت حريشان بوحميدي نورة أنّ «تاريخ استعمال الحلي في الجزائر يضرب جذوره بعمق في التاريخ، حيث تشهد الاكتشافات الموجودة في المتحف العمومي الوطني للفنون والتقاليد الشعبية «قصر خداوج العمياء» على قدمها، كما تشير أيضا إليه الأبحاث الأكاديمية والتاريخية في هذا المجال».
إنّ الحلي الحضرية الموجودة بالمناطق المعروفة، في الشرق قسنطينة، في الوسط الجزائر وفي الغرب تلمسان، جد مميزة، منها تقول المحاضرة «الجبين وخيط الروح وكرافاش بولحية في الغرب، وتعصبت العقود بشتى أنواعها «ازرار» تزلاغث ن الحرز» العقود بالعملات النقدية في منطقة القبائل، إضافة إلى الخواتم والأساور وما يميزها والخلاخل وما تحمله من معاني ورموز ورسائل دون أن ننسى المشابك بأنواعها».
وفي السياق ذاته، عرجت محافظة التراث على منطقة الأطلس الصحراوي أين استعمل السكان مجموعة من الحلي مثل المشابك أو الابازيم لشد اللباس النسوي الملحفة، كما يوظّف الحلي لتثبيت غطاء الرأس «كالمناجد الصدغ» المزيّنة بسلاسل متدلية وأقراط «لمشاريع» اللعمورية والقصورية وأقراط أولاد نايل.
وقسّمت حريشان بوحميدي نورة تاريخ وجود الحلي بالجزائر إلى ثلاثة مراحل متباينة، ففي المرحلة الأولى  تظهر أهمية ومكانة الجسم من خلال اعتباره كمادة اولية تحمل رسوما مثل الرسم الذي وجد بمنطقة «عين اونرحات» بتاسيلي، والذي يمثل جسد امرأة مطليا بمجموعة من النقاط متخذة أشكال متوازية على الأيدي والأرجل، والممتدة على باقي الجسم».
وفي المرحلة الثانية، استعمل الإنسان الجزائري التمائم والتعويذات لحماية الجسد من الحسد، إلى أن اكتشف الوظيفة الجمالية كتكملة للوظيفة الوقائية، ثم تلي المرحلة الثالثة وهي مرحلة اكتشاف المعدن، وخير دليل على ذلك الاكتشافات التي سجلت بمقبر ة بني مسوس ومقبرة تديس وقستل بالشرق الجزائري، أين ثم العثور على أقراط الأذنين وابازيم ضخمة لتشبيك الثياب وخلاخل من البرونز.
وجاءت المحاضرة التي قدّمتها، أمس، حريشان بوحميدي نورة تحت عنوان «دور المتحف في الترويج للحلي كموروث ثقافي»، في إطار التظاهرة الثقافية التي نظمها المتحف العمومي الوطني للفنون والتقاليد الشعبية «قصر خداوج العمياء»، تزامنا مع اليوم العربي للتراث تحت شعار «الحلي في الوطن العربي».
وتضمّنت التظاهرة - إضافة إلى المحاضرة التي عرّفت بمجموعة الحلي التقليدية المحفوظة بالمتحف ودوره في الحفاظ والترويج للحلي وإلهام الحرفيات، من خلال التقرب من المجموعة المتحفية - ورشات تطبيقية حول كيفية إنجاز الحلي، الهدف منها تبيان تقنيات إنجاز وزخرفة وكيفية صياغة المادة المستعملة من فضة ومواد أخرى لخلق أشكال تجمع بين الماضي والحاضر».
كما نظّم بالموازاة معرض للحلي يجمع بين الأصالة والمعاصرة مع تقديم مطويات ومنشورات المتحف، لإبراز وتوثيق عنصر هام من عناصر التراث، والكشف عن المعاني التي يحملها الحلي كوسيلة للوقاية والتعرف على مدلولاتها من خلال فتح المجال أمام الباحثين لدراستها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024