ميزّ المشهد الثقافي بعاصمة الأهقار مؤخرا، انتعاشا ملحوظا في الإنتاج الأدبي للعديد من الكتاب والأدباء بمختلف أطيافهم وأعمارهم، أين سجّلت الساحة الأدبية ميلاد العديد من المؤلفات في مختلف الأجناس والألوان، بالرغم من الظروف المختلفة التي رافقتهم من أجل إبراز إبداعاتهم وأفكارهم وتعزيز الساحة الأدبية محليا ووطنيا.
«الشعب» رصدت الحركية التي شهدها المشهد الثقافي، على غير عادته خاصة في جانب التأليف، وهذا من خلال بعض أراء كتاب وشعراء الولاية.
النشر هاجسهم الأول
أجمع عديد الشعراء والكتاب بعاصمة الأهقار في حديثهم لـ»الشعب» عن معاناتهم مع مشكل النشر وتأخّر الطبع، الذي يبقى من بين المشاكل التي تعيق مواصلتهم للإبداع.
وفي هذا الشأن، اعتبر الشاعر محمد عبد الكريم حاجي، تأخر الطبع أول معضلة تواجه الكتاب والشعراء بعاصمة الأهقار، في ظلّ غياب دور نشر في الولاية أو حتى في الولايات المجاورة، يضاف له غياب ما يسمى بالمقروئية في الوسط المحلي، قائلا إنه حبذا لو تلك الفئة التي تحاول جاهدة لنيل المكانة العلمية العصامية.
وأضافت الكاتبة خولة بن عمار في نفس السياق، أن التسعيرات الملتهبة التي تضعها دور النشر للمنشورات الأدبية، والمعاملة السيئة التي يتعامل بها بعض الدور وصولا للمسافة الشاسعة بين الشمال والجنوب، عوامل تؤرق كتّاب هذه القطعة من الوطن، خاصة في فترات المعارض الوطنية والدولية، إلى أن وصل بالعديد من المثقفين في الآونة الأخيرة التخلي عن أعمالهم، رغم إمكانية إيجاد حلول لها.
قلة الأنشطة المتعلقة بالكتاب
من جهته، أكد الشاعر قومني مبارك أن المؤلف يعيش واقعا مريرا بسبب تجاهل قطاع الثقافة والمتعاملين لانشغالاته، إذا يقع على عاتقه تكاليف الطبع والتوزيع بدون معين ولا مشجع، هذا الواقع دفع بالكثير من الشعراء والكتاب ـ يقول قومني ـ إلى اليأس وعدم التفكير في التأليف رغم أن أعمالهم جادة تستحق الطبع.
وفي نفس الصدد، أضاف الشاعر رمضان بن سالم أن انعدام التحفيز من قبل أهل الاختصاص على النشر وإصدار الدواوين، بالإضافة إلى هاجس النشر والطبع ونقص التواصل بين المؤلف ودار النشر أثر بشكل كبير عليهم، ما جعله يصف حالتهم بـ «حرب شبكية مع عدو بلا وجه».
نفس الأمر أكده الكاتب أحمد سيماوي، مما يتطلّب ـ حسبه ـ تدخل الجهات الوصية وإعادة الاعتبار للأدباء، بإعادة النظر في مختلف التظاهرات كتنظيم مسابقات ولائية وتحفيزهم من خلالها على طبع مخطوطاتهم، بتكريم الفائز بالمسابقة الولائية بالتكفّل بطبع مخطوطه (رواية، شعر، قصة، خواطر..)، وتشجيع أولي للمبدعين في مجال الطبع وإدراج الجانب الأدبي في مختلف التظاهرات الثقافية مثله مثل باقي الفنون الأخرى الثقافية.
معضلة الدعم المادي
بدوره أرجع الشاعر تاكوبا يوسف، مشكل معاناة الكتاب وأدباء المنطقة إلى قلة الدعم المادي لهم، الذي يعتبر ـ حسبه ـ معضلة إن تمّ التخلص منها ستشهد الساحة الأدبية غزارة في الإبداع والتأليف في مختلف الفنون، بالإضافة إلى ضرورة تواجد دور للنشر التي تبقى هي الأخرى عقبة كبيرة تواجه الكتاب، الذين يظلون في رحلة بحث عن من ينتج إبداعه من ولاية إلى ولاية، ناهيك ـ يضيف الشاعر ـ تسعيرة طبع المؤلف التي تثقل كاهل الكاتب وتحبط من عزيمة المبدعين، خاصة الشباب كون الساحة الثقافية تشهد اكتساح قوي للأقلام الشابة في الآونة الأخيرة والتي غالبا تحتاج لدعم وتحفيز مادي لمواصلة الإبداع.