صدر حديثا للكاتبة مباركة بلحسن عن «دار الوطن اليوم» مؤلف جديد بعنوان «الموت وصناعة الرمزي»، حيث تضمّن الكتاب في 176 صفحة من الحجم المتوسط، مقدّمة وتسعة عناوين جزئية، تجر القارئ إلى التمعن في الموت كظاهرة، وما تسايرها من طقوس ومعتقدات تجسدت في المخيال الاجتماعي، لذلك، لجأت الكاتبة إلى فتح المجال أمام القارئ للتعمق أكثر في فهم ظاهرة الموت وصناعة الرمزي.
استهلّت الكاتبة مؤلفها «الموت وصناعة الرمزي» بمقدمة حاولت فيها الابتعاد عن تحليل ما أسمته «الموت الفيزيقي»، بل سعت إلى تقديم ظاهرة الموت بشكل مبسّط مع التركيز على علاقة الأحياء بها وموقف الانسان منها، وما تحمله هذه العلاقة من دلالات ورمزيات وتمثلات، لأن تفسير ظاهرة الموت ومقاربتها من خلال المسار الحياتي للأفراد والعلوم الطبية والمعتقدات ـ حسب الكاتبة - يجعل الإنسان يتقرّب من فهم التحولات التي طرأت على تمثله للموت وموقفه تجاه الميت.
كما عالجت الكاتبة مباركة بلحسن في كتابها «الموت وصناعة الرمزي» بطريقة شيّقة، مقاربة سلسة لعدد من المراحل والمحطات والمفاهيم الأساسية المرتبطة بالموت، عبر المخيال الاجتماعي والممارسات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي، مع إبراز التعبيرات الاجتماعية والممارسات والطقوس التي تصاحب ظاهرة الموت، التي في ظاهرها متعلقة بالحياة، لكنها في باطنها مرتبطة بمقاومة الموت وإبعاده قدر الإمكان.
استرسلت الكاتبة في مؤلفها في تحليل سلوكيات الأفراد مع حدث الموت، والذي يتم بطريقة قيمية وتعابير تقليدية، مشيرة إلى أنّ الطقس كمفهوم ليس بالشيء الجامد، ولم يفقد مكانته كمصطلح علمي أساسي في حقل الأنثروبولوجيا.
الكتاب جدير بالقراءة، خاصة وأنّه عالج ظاهرة لطالما كانت مصدر خوف وحزن، فنجحت الكاتبة في تقديمها للقرّاء بزاوية أخرى، تدفعهم إلى التأمل بدل الخوف، وإلى التحليل بدل الحزن، فتضمن الكتاب تحليلاً لجملة من الطقوس التي ارتبطت بالموت بطريقة تحليلية سردية بسيطة، أثبتت الكاتبة من خلالها حضورها القوي، وتمكّنها من تفكيك ظاهرة الموت في المخيال الاجتماعي.