احتفل الشعب الجزائري ذات يوم من 05 جويلية 1962 بحصوله على الاستقلال الوطني، بعد حرب ضارية مع المستعمر الفرنسي، الذي نكل بشعب أبي، رفض إلا أن تُسترجع سيادته وحريته، وإن كان على شلال من الدماء، حيث كان للجزائريين ما أرادوه، فرفعوا راية الجزائر عاليا معلنين عن استقلال الجزائر معبرين عن فرحتهم كل حسب طريقته، ليكون الأدباء والشعراء في طليعة هؤلاء، حيث تغنوا وأشادوا بالثورة التحريرية، وببسالة شعبها الذي ناضل لأجل الجزائر، وتنطلق بذلك كلماتهم مدوية كالرصاص لتحتفل ببسالة أمة ونضالها ضد مستعمر غاشم، لا سيما شعراء العصر الذهبي، جيل مفدي زكريا، محمد العيد آل خليفة، محمد الشبوكي، عمر البرناوي.. وغيرهم ممن لم يتركوا هذا الحدث المبجل يمر مرور الكرام، في التفاته منهم أيضا لإغاظة العدو على اعتبار أن «الكلمة أقوى من الرصاص».
وإن كان الأدب الجزائري قد أدى دوره في كتابة ولو جزء من تاريخ الجزائر الثوري والإشادة بانتصاراته، سواء في مجال القصة، الرواية أو عالم القافية ووضعها بين يدي الأجيال الصاعد، فإن مختلف الفنون التي تزخر بها الجزائر، عليها أن تؤدي هي أيضا دورها في تسليط الضوء على تاريخنا المجيد سواء في مجال الفن السابع أو الرابع أو حتى في مجال الفنون التشكيلية، حيث أنه على الريشة أن تؤدي مهامها المنوطة بها ليس فقط في تصوير جمالية الطبيعة بل أيضا تصوير التاريخ الثوري للجزائر، وما صاحبه من أحداث كان طريقها الوحيد هو الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.
الفن السابع في الجزائر قدم أفلاما تحدثت عن الحرب التحريرية، وعن ثوارها وشهدائها، حيث تسارع المخرجون لتقديم شخصية هذا الشهيد أو ذاك، أو تسلط الضوء على إحدى المعارك..
جميل ذلك، غير أن الكاميرا لا يجب أن تتوقف عند هذه الأحداث، بل عليها أن تقف عند تاريخ الجزائر بأكمله بداية من الثورات الشعبية إلى الثورة التحريرية، وصولا إلى الاستقلال الوطني، حيث يجب تصوير فرحة الجزائريين بهذا العيد الجليل، وهو ما تتجاهله أيضا خشبات المسرح الجزائري التي لا تولي اهتماما كبيرا بهذا الجانب التاريخي للجزائر.
وبالرغم مما كتب وصُور وجُسد من فنون إلا أن تاريخ الجزائر الثوري يبقى بحاجة إلى تسليط الضوء عليه أكثر، بالنظر إلى حجمه وتفاصيله، ووضعه بين يدي الأجيال الصاعدة، للوقوف على تاريخه وصناعه، من خلال تدوين جميع الحقائق وتصويرها، والوقوف أيضا على جزائر ما بعد الاستقلال، كون التاريخ هو روح الأمة وذاكرتها.
في انتظار البقيـة
هدى. ب
شوهد:543 مرة