الثورة ونضالات الحرية مصدر إلهامي
محمد بن رقطان ولد في03 فيفري 1948 في بلدية بومهرة أحمد قالمة، حفظ القرآن الكريم في الكتَّاب، ودرس المرحلة الابتدائية في إحدى الزوايا، ثم واصل تعلمه بصفة حرة حتى حصل على شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها، عمل معلما ثم مفتشا بالمرحلة الابتدائية، ثم مديرا للتربية على مستوى الولاية. كما تقلد مهامََّّ سياسية في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني، من دواوينه الشعرية المطبوعة «ألحان من بلادي»، «الأضواء الخالدة»، «أغنية للوطن في زمن الفجيعة».. وديوانين مخطوطين قيد الطبع.
تحدث محمد بن رقطان عن أهم ما تناوله في كتاباته الشعرية، حول التضحيات والبطولات وما ترتب عنها بفرحة عيد الاستقلال، قائلا في حديثه لـ»الشعب» أن الجزء الأهم الذي كرس له جهوده هو البعد الوطني، حيث حاول أن يُخلد ملامح البطولة والتضحيات الجسام، مشيرا إلى أنه تغنى بالثورة وبأمجادها وبإشعاعها التحرري على مستوى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وأنه بفضل ثورة الجزائر تحررت 14 دولة افريقية، من بينها تونس والمغرب وموريتانيا من أجل أن تتفرغ فرنسا لتحطيم الثورة الجزائرية.
وقال «هذه المفاهيم كلها حاولت أن أتغنى بها في أشعاري، كما تغنيت بكل انتصارات الأمة العربية عبر مسيرتها التاريخية الطويلة، والمحطات المشرقة الشامخة التي سجلت فيها انتصاراتها الباهرة»، معتبرا هذه الانتصارات مصدر إلهامه، حيث حاول تمجيدها من أجل تقديمها للأجيال الصاعدة، لتعلم حجم التضحيات والبطولات والمعاناة وكذلك الانتصارات الرائعة التي تفتح المجال من أجل صنع مستقبل زاهر.
وعن أهم ما تناوله محمد بن رقطان من خلال أشعاره تمجيدا للاستقلال فيقول، تغنيت بنوفمبر وما يحمله من مفاهيم وانتصارات، وما ترتب عن هذه الثورة من معاناة توجت بالنصر الباهر الذي تحقق يوم 19 مارس، وما 5 جويلية إلا استفتاء على استقلال الجزائر.
محمد بن رقطان تحدث أيضا عن المعاناة التي عايشها في فترة الاستعمار، مشيرا إلى أن المستعمر قام بحرق منزل عائلته، بعد أن نهب جميع ممتلكاته، مضيفا بأن والده أضحى ملاحقا وكل أفراد أسرته بسبب معمر، كان يفلح الأرض بجانب أرضهم، بعدما ألقى المجاهدون عليه القبض وقتلوه، واعتقد المستدمر أننا ساهمنا في قتله، وساهمنا في إلقاء القبض عليه ودليلهم أننا هربنا ولم نشعر السلطات الفرنسية بذلك، فأصبحنامطاردين، ومن هنا التحق والدي بالثورة مع أخي الأكبر وأصبحت أنا وثلاثة أخوات بنات مشردين في جبال هوارة ننتقل من مكان لمكان، ويضيف قائلا: «قضيت الطفولة في ظروف من الخوف والبؤس والانتقال من جهة لجهة كما هو شأن الجزائريين آنذاك».
ويعود بنا الشاعر للحديث عن كتاباته وتمجديه للثورة وما ترتب عنها من انتصارات وفرحة عيد الاستقلال، فيقول تستحضرني قصيدة «أهازيج في عيد الجزائر»، وهي عينة من مجموعة القصائد التي تغنيت فيها بأعياد الجزائر وأفراحها، مؤكدا بأنه تحدث فيها بافتخار عن بطولات شعب لم يستسلم رغم القهر والمعاناة، وكم لنا من ذكريات في هذا اليوم، حين دوى صوت شعب في البوادي والحواضر، وأضاف «التاريخ يروي وإذا الكون يساير زحف شعب عربي، ملأ الأرض مفاخر وهو كالبركان ثائر، فبطولات الجزائر كثيرة، نساء وشباب خلعوا أبهى المآزر ومضوا نحو الجبال ثائرين، رجال حملوا الشواقر وتصدوا للغزاة ولم يبالوا بالمفاخر».
ويقول بذلك موضحا عن ما يصفه من فرحة في كتاباته:» الحقيقة أن الشاعر ليس صحفيا يصف الأحداث كما تجري، وإنما الشاعر يتغنى بالحدث بدلالات الحدث، وبرمزياته، فأقول مثلا: «فوق إبداعي وشعري مجد أرضي في الجزائر، يا شباب اليوم صونوا مجد شعب المتواتر، هذه الأرض بلادي، إرث جدي في الجزائر دافعو عنها قولوا للأولى باعوا الضمائر ليس منا من تخلى أو تناسى أو تآمر، نحن جيل الأوفياء كلنا يفدي الجزائر».
وفي ذات السياق تحدث الشاعر عن لحظة استقلال الجزائر، مشيرا إلى أنه كان يبلغ من العمر آنذاك 14 عاما، أين عاشوا لحظات الانتصار في جو يصعب وصفه «كنا لا ننام الليل، نهتف ونجري ونرقص، ونعبر عن فرحة غامرة، فرحة لا مثيل لها، لأننا بكل صدق وأمام الإرهاب والقمع والإبادة والتدمير الذي مارسته فرنسا، لم نكن نتوقع أنها ستنهار بسرعة، أمام ضربات جيش وجبهة التحرير الوطني»، مشيرا إلى أن فرنسا التي بلغ تعداد جيشها أكثر من مليون عسكري واستعانت بالحلف الأطلسي وبترسانة من الأسلحة الفتاكة المتطورة.. استطاع الشعب الجزائري أن يلتف حول ثورته ويقضي على القوة الغاشمة، فلما جاءت لحظات الانتصار عشنا ليالي وأياما نتغنى بالحرية والانتصار ألاء الليل وأطراف النهار، فكل الليالي ـ حسب المتحدث ـ أصبحت أعراسا، وهي لحظة يصعب على الإنسان أن يجد الكلمات التي تصف تلك الفرحة الغامرة التي شارك فيها الشعب الجزائري بكل فئاته من كهول وعجائز وأطفال وشبان وأبطال، الشعب كله يهتف بالحرية والاستقلال ويعبر عن فرحة غامرة لا نظير لها، رغم الجوع، الفقر والبؤس والحرمان، فالإنسان كان يتغذى من نشوة الفرح والانتصار من نشوة تحقيق الحلم الذي انتظره الشعب 130 سنة.
وعن مشاركته الثقافية المحلية والوطنية والعربية، يقول بن رقطان إنه بدأ الكتابة بعمر الـ20 سنة، حيث حاول قدر الاستطاعة المشاركة في مختلف النشاطات والتظاهرات الوطنية والدولية، مؤكدا بأنه يعتز حين كان منسقا لحزب جبهة التحرير الوطني بمدينة قالمة، بأنه ساهم مع أحد أصدقائه الراحلين المجاهد سعدي بونار رئيس بلدية قالمة في السبعينيات، في تأسيس أسبوع ثقافي واقتصادي، من خلال توفير جناح للتجار وتخصيص مداخيله لتغطية تكاليف الجانب الثقافي، كما أصبحنا كل أسبوع من شهر ماي، بمناسبة إحياء مجازر 08 ماي ننظم أسبوعا ثقافيا، وكنا ندعو كبار المثقفين من أسماء كبيرة تركت بصماتها خالدة، من بينهم الدكتور عبد المجيد مزيان، الأستاذ النابغة مولود قاسم آيت قاسم، الدكتور خلدون بشير، عبد الله ركيبي، الشاعر محمد الأخضر السائحي، محمد بلقاسم خمار، الأستاذ الدكتور قسوم عبد الرزاق رئيس جمعية المسلمين الجزائريين حاليا، عمار طالبي وغيرهم.. وهي أسماء يضيف كانت تزور مدينة قالمة، حيث كنا نقدم محاضرات في المسرح البلدي والذي كان يكتظ عن آخره.