مقتبــسات من الروايــة..

جزائريتـي هويتـي

أنا الجزائرية اليافعة، مازلت أحمل شمس بلدي التي تغلغلت في جسدي حتى بلغت العظم، مازلت أتزين بألوانها ومازال نخاعي العظمي يتغذى من حرارتها، من ذاك الغصن إمتدت أوراقي وتكاثرت كل البذور التي ستجعل حديقتي تزهو بالنحل والعسل والزيتون، مازالت جذوري شامخة ولم تحترق تحت صعقات الكهرباء وقوارب النفي، لم تنسيني غربتي أن المنفي وهو ينشد ألمه قد أوصاني أن أستعيد حبال وثاقه وبقايا سفينته التي رست في شاطئ غريب حتى يعود إلى بره، بر الآمان سالما سعيدا من باريس ستتغير الجغرافيا ويكمل التاريخ مسيرته.
في هذه المدينة العتيقة في الفكر والأدب والسياسة حيث شـيّد نابليون قلعته الإستعمارية سأبحث عن سلاسل خطيئته، عندما استعاد قبضة روما على البحر ونخر في أجساد وذاكرة لاجئي الأندلس وخرّب عليهم عشهم الجميل ودنس شمسهم وجعل شملهم بكاء وصراخا وعويلا تحت سياط الكولون ومحرقة جنرالاته البرابرة.
ميلاد خارج سماء مدينة الأم
أنت خارج الديار فاطمة، هذه المدينة ليست مدينتك، مازالت أعماقك هناك تسافر عبرالرياح لتزورالمساجد والحارات وولائم العائلات، ترحلين مع كل غروب حيث يبكي شفق الشمس غياب الأرواح الطاهرة، تقفين كل صباح على التلة لترصد روحك المدينة القديمة وأحلام البنايات الجديدة في الوصول إلى رؤية سماء بلد اسمه الجزائر، مازال البحر يحملك ومازلت تحلمين بعودة أطفالك وفي محفظتهم كتب العربية والقرآن، عيون هذه المدينة لا تراك، هكذا تحسين،وأنت تبحثين فيها المستحيل، لكن سفيان غيًّر ذوق المدينة الغريبة، جعل فاطمة ترسو على بر الآمان، حسابات الأيام قلبت الأمور، عليها الآن فتح ذراعيها لتقلبات الدهر، منح ميلاده، لفاطمة التأقلم مع هذه الأرض الغريبة التي ستجد فيها مع مرور الأيام شيء من الألفة التي قد تشبه ألفة الوطن، هكذا تحلم قوافل الأجيال القادمة من ذوي الأقدام البيضاء بالعثور على الشعور الآمن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024