«طين” للمخرج بن حديد دريس

فيلم يدّق ناقوس الخطر حول قصور تندوف

حبيبة غريب

«دويرية أهل العبد” بتندوف معلم أثري يعود تاريخ تأسيسه إلى أكثر من 3قرون، شكل في ما مضى موقع تصوير العديد من الأعمال السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، يعيش، اليوم ، حالة من التدهور وتآكل جدرانه بسبب عوامل الطبيعة وإهمال الإنسان. معلم يتهاوى نحو الزوال، أخذ معه جزءا كبيرا من تاريخ تراث منطقة تندوف، تأثر لحالته الكارثية المخرج والمؤلف والمتمثل بن حديد دريس فأخرج فيلم طين في محاولة لدق ناقوس الخطر وإنقاذ القصر.
عرض مؤخرا على اليوتيوب فيلم “طين” من إخراج وتأليف بن حديد دريس، إنتاج جمعية صحراء للمسرح وفنون السمعي البصري، بطولة “حمزة عبيدي سعد، مساعد مخرج ومدير تصوير بأحسن حسين.
 كشف بن حديد في تصريح لـ “الشعب” أن “ فكرة إخراج فيلم طين، “جاءت بالتدريج، بحيث كنت حضرت تصوير فيلم الجوهرة الضائعة 1996 وشاركت في مسلسل العباس بن مرداس كممثل وفي نهاية 2019 فكرت في أن نقوم بتحويل مسرحية “وجع” إلى فيلم لكن كان هذا يحتاج إلى إمكانيات مادية كبيرة؛ فأجلت الفكرة لكن كنت قد زرت المكان وتأسفت لما آل إليه من تدهور وإهمال بعد مرور 22 سنة من زيارتي له.
وقال بن حديد في ذات السياق: “فكرت لما لا يكون القصر مكان التصوير وموضوع الفيلم نفسه ولم أجد أحسن من أستاذ التاريخ حتى ابني عليه الأحداث”.
 ويحكي الفيلم عن “دويرية أهل العبد” وما آلت إليه من تدهور بسبب الإهمال والتقادم، الفيلم يمثل صرخة من أجل إنقاذه وترميمه والمحافظة عليه.
وقد كانت هناك وعود كثيرة لترميمه لكن للأسف الشديد مازالت حبراً على ورق وهذا ما دفعنا، يضيف المخرج، للتفكير في طرق مختلفة للفت الانتباه له ومن هنا جاءت فكرة فيلم “طين” التي كانت عبارة عن خليط بين الفيلم الوثائقي والروائي في قالب درامي يحمل رمزيات واسقاطات ودلالات كان أهمها الأستاذ الذي لم يكن إختيار تدريسه لمادة التاريخ ضرباً من الصدفة أو الاعتباط، كما أن ورمزية الاستغناء عنه أيضاً كانت إسقاط على إهمالنا لتاريخنا المادي واللامادي.
« هناك أيضاً العنوان والمشاهد التي تخللت الفيلم والتي حملت دلالات هجرة المكان بعد أن كان عامراً ومأهولا بالعلم والعلماء والناس والحياة وكيف أننا استبدلناه بمساكن “البيطون” لينتهي الفيلم بصرخة الأستاذ وهو يرى ليس فقط ما آل إليه الصرح، بل وهو يشاهد الجرافة وهي تنوي هدمه وتدمير ما تبقى منه”.
يتناول الفيلم قصة أستاذ تاريخ يفصل من مهنته فيعيش حالة نفسية عصيبة وبالصدفة يمر بدويرية أهل العبد ويشعر بأنه ينتمي له وأنهما يشتركان في نفس المصير وكل ما يمر بجهة أو زاوية منه يستذكر ويتخيل وجود أشياء وأشخاص مرة يتخيل انه رأى لوح لتحفيظ القرآن فيتذكر كيف كان يدرس ثم يضع رأسه على جدران الدويرية فيسمع أصوات لترتيل القرآن الكريم.
بعدها يدخل للدويرة فيتخيل أهازيج وأفراح ثم شخص يحمل كتب ثم رجل يبني ويرمم في جدران الدويرية بمادة الطين حتى انه يتخيل صور وأصوات لمعارك نشبت في المنطقة ثم يتجول في الصرح في الأخير يهتز المكان وعندما يصعد ليرى ما يحدث يبصر جرافة في طريقها لهدم المكان فيصرخ صرخة مدوية ينتهي على إثرها الفيلم....
للإشارة: “تقع دويرية أهل العبد بحي الرماضين العتيق وهي صرح بني على شاكلة القصور المنتشرة عبر الوطن لكن عوض تسمية القصور تسمى الصروح في تندوف بالدويريات ونراها منتشرة بكثرة في تندوف، ليس فقط في حي الرماضين، بل وفي حي موساني المتاخم والمسمى بدويريات موساني العتيق بما فيها مسجدها العتيق وحي القصابي بوسط المدينة البعيد نسبياً ببضع الكلومترات والمسمى بدار الديماني.
أسست دويرية أهل العبد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد “العبد ولد محمد ولد الحرطاني” . بنيت يقول بن حديد” وفق الطراز الإسلامي المرابطي الظاهر للعيان وهو طراز المعروف في شمال إفريقيا وما يميزها عن غيرها من الدُور هو احتوائها على ما يزيد عن 350 مخطوط في جميع المجالات خاصة الفقهية، كما كانت مزار للعديد من العلماء في ذلك الوقت وكانت أيضاً مكان لتصوير الأفلام والأعمال التلفزيونية، مثل “الجوهرة الضائعة” سنة 1996 ومسلسل “العباس بن مرداس”، سنة 1998، وكلها من إنتاج جمعية للنسور للمسرح.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024