إسقاطات فيلم «شوكولا» على المجتمعات العربية

الروائية سـوزان إبراهـيم ترافع عن الوعي

نورالدين لعراجي

دعت الروائية السورية سوزان ابراهيم، النساء إلى قيادة المجتمعات العربية بهدف المساهمة في أي تغيير مجتمعاتي مهما كان نوعه لأنهن، بحسبها، الأقدر على الصبر والهدوء والعطاء بغريزة الأمومة والحب».
ذكرت صاحبة رواية «عندما تنفجر الريح بجلدي»، ان فكرتها جاءت بعد مشاهدتها لأطوار فيلم «شوكولا» الذي رشح لعدد من جوائز الأوسكار والمقتبس من رواية «جوان هاريس» وبطولة أيقونة السينما الفرنسية «جولييت بينوش»، حيث تعمد مخرج الفيلم وضع آليات التغيير على المجتمعات الضيقة.
أكدت سوزان، أن «التغيير الذي قصده الفيلم والذي لطالما حلمنا به، لن يكون متوفراً بعد اليوم، إذ لم نستطع تفادي الحرب واصطداماتنا ببعضنا، فمن يريد التغيير ومن يريد من الحالة القائمة أن تستمر على ما هي عليه، بعد دمار خلّفته الحرب هل تفيدنا محلات الشوكولا؟! في إشارة الى الحرب السورية والعدوان الغربي على أراضيها.
 أضافت سوزان في ذات السياق، من خلال تغريدة على صفحتها، «الأمر الأكيد أن دور النساء سيبقى هاماً وضرورياً وأكثر من أي وقت مضى، فالسوريات هن القادرات على خياطة جروحنا وبلسمتها، وهن القادرات والراغبات بتصنيع شوكولا الشفاء هذه المرة».
وبالعودة إلى أطوار الفيلم اعترفت سوزان، ان ما قامت به البطلة فيان روشر- جولييت بينوش حين بدأت تبيع الشوكولا اللذيذة والسحرية ربما لأهل البلدة الذين لم يقتربوا منها بسهولة، لكن الشوكولا بدأت تُحدث فرقاً في حياة من يتناولها، إنها تبدأ بتغيير حياة الناس، وهذا لن يمر بسهولة على من يتمسك بالتقاليد ذات الحراشف القاسية ويحرسها كبؤبؤ عينيه» وتساءلت ان كان يمكن أن نجد بعض الإجابات وهل يمكن أن يحدث التغيير عبر مكان جميل مثل محلٍّ صغير لبيع الشوكولا.
قالت الكاتبة سوزان، «إن ثمة امرأة وحيدة تصل بلدةً متخَيّلَة، ومثل كثير من البلدات والمدن، يعيش سكانها نمطاً رتيباً وتقليدياً وقمعياً بشكل من الأشكال، لن تجد المرأة الغريبة والوحيدة القادمة من مجهول لدى السكان، الترحاب ولا حتى التعاطف»، فكيف ستتمكن من الاقتراب من الناس المنغلقين على أنفسهم المتمسكين بكل تقاليدهم، رغم أنها باتت مثل قوقعة كلسية تعيق خروجهم وسيرهم وفي كثير من الأحيان حياتهم والإحساس بالفرح أو الحب».
 في الأخير أشارت سوزان إلى أن «المعركة المنتظرة تبدأ بين حرّاس القائم، وامرأة تريد تغيير حياة من حولها لكن بحبة شوكولا سحرية، وكأن التغيير لا يمكن له أن يقع إلا بوصفة سحرية، وكأن على التغيير أن يتخذ من الشوكولا الحلوة اللذيذة لبوساً لإغراء الناس بتغيير ما اعتادوه بل وكأن التغيير يقع بسهولة ومن غير صدام هدّام على يد امرأة حالمة قادرة على الحب والعطاء».
دعت سوزان السوريين «بفتح محلات كثيرة لبيع الشوكولا السحرية، شريطة أن تكون السوريات هن من يصنّعن هذه الشوكولا ومن يبعنها ومن يلامسن بضحكاتهن السحرية قلوب الناس المتعبة والمدماة أحياناً.
فالتغيير، حسب سوزان، «ليس كما يقدمه الفيلم من خلف ستار التأويل، فلا يأخذ طريقه السهل إلا عبر هدوء ومقدرة مقدّميه على الحب والعطاء واستيعاب ظروف الناس موضوع التغيير، حتى لو كان ذلك الطريق هو الأطول، لكنه الأكثر أماناً، والذي أدى إلى استدراج الناس إلى دكان الشوكولا بحثاً عن حلٍّ لمعضلاتهم.
شددت الناقدة سوزان على التغيير في عادات الناس وقناعاتهم لأنه، بحسبها، من أصعب المهام على الإطلاق، ويحتاج جهوداً مضنية بطيئة ولكن حثيثة وواعية لما تريده، يحدث التغيير بشكل تدريجي وعبر تراكم سنوات كثيرة، وعلى من يراهن على تغيير مجتمع أن يفتح محلات لبيع الشوكولا ويصنعها بنكهات السلوكات المرادة، فالاستدراج إلى منطقة التغيير والخوض في مياهه، سيكون هادئاً وتراكمياً ولكن أيضاً مقصوداً وعنيداً لا يحيد عن أهدافه.
اعترفت سوزان ان سحر النساء واقع وباق ولو أن كهنة القرون الوسطى لم يحرقوا آلاف النساء الجريئات والفيلسوفات والروائيات بتهم السحر والشعوذة، لكان الكون مكاناً أجمل اليوم.
وتساءلت ان كان هناك أبشع من مشعوذي هذا العصر وكم محرقة نحتاج اليوم لهؤلاء؟ّ.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024