«الجزائر دخلت عهد السمسرة بالكتاب»
أكد عدد من المثقفين خلال ندوة فكرية نظمتها الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة، أمس، بقاعة ابن زيدون برياض الفتح بالعاصمة، أن التنافس هو الحل الأمثل للوصول بالإبداع في الجزائر إلى مصاف الشعوب المتطورة مثيرين إشكالية الأدب المكتوب باللغة العربية مقارنة بذلك المكتوب بلغة موليير، فضلا عن تناولهم لمواضيع خاصة بالإعلام الثقافي ودور النشر.
أكد الروائي أمين الزاوي، أن الأدب المكتوب باللغة العربية ليس له حضور في فضاء الثقافة العربية، مشيرا إلى أنها كتب المناسبات التي لا تُقرأ، مقارنة بتلك المكتوبة باللغة الفرنسية، والتي تتميز بحضور يومي.
ونوه الزاوي في سياق حديثه بأعمال الأديبة زهور ونيسي، مشيرا إلى أن كتاباتها لا تقل تفوقا عن الكاتبة أسيا جبار، متسائلا عن السبب الذي يقف وراء تهميش أعمالها قائلا: «لماذا لا يمكن أن نضعها في مكانها الذي يليق بها».
وأضاف أمين الزواي أن الحديث عن مستقبل الإبداع في الجزائر يجرنا إلى تقديم حصيلة من خلال تقييم الإبداعات والخروج بالاقتراحات اللازمة، مشيرا إلى أنهم سنة 2003 قاموا بما يعرف بجلسات الكتاب لكنها لم تكتمل، داعيا إلى ضرورة القيام بإحصائيات بعيدا عن الحسابات السياسية.
أمين الزاوي أكد بأن الكتاب في سنوات الثمانينيات والتسعينيات وفي عهد «السناق» كان بخير، حيث كان يُطبع وينشر ويصل إلى المداشر والقرى، لكننا اليوم يقول «دخلنا عهد السمسرة والخردة للكتاب»، مشيرا إلى أن الكتاب الجيد يجب أن يكون له ناشر جيد.
وعن دور الإعلام الثقافي في خدمة الإبداع أعاب الكاتب والإعلامي حميد عبد القادر إسقاط الصحف الخاصة للصفحات الثقافية، مؤكدا بأنها أصبحت تعتمد فقط على تقديم الخبر، وقال بأن الأدب ليس حالة استشرافية، وإنما هو حالة نفسية متعلقة بمستوى الكاتب، ومستقبل الإبداع خاضع للمجهول.
وعن الأعمال المكتوبة باللغة العربية أكد حميد عبد القادر أنه لا يتفق مع أمين الزاوي في كون الأدب الفرنكوفوني أفضل من الأدب المعرب، مشيرا إلى أن هذا الأخير ينتسب إليه أفضل الكتاب غير أن المشكلة ـ حسبه ـ تكمن في غياب مؤسسات تعتني به عكس الأدب المكتوب باللغة الفرنسية.
أما الإعلامي سعد بوعقبة أشار إلى أن الصفحات الثقافية خلال سنوات 80 و90 كانت تحظى بأهمية بالغة، مقدما مثالا عن يومية «الشعب»، التي كانت تولي ـ حسبه ـ أهمية للصفحة الثقافية، والتي اعتبرت بمثابة القوة الضاربة للجريدة، التي تخرج منها فطاحلة الشعراء والأدباء، وكانوا يعتبرون بقية الأقسام جهلة.
وأكد بوعقبة بأن المساعدات المالية التي ترصدها الدولة لمثل هاته الصحف، يجب أن توجه لتلك التي تهتم بالإبداع والثقافة وليس فقط السياسة.
من جهته طالب مدير دار النشر هومة، فيصل هومة بضرورة تقييم الأعمال الإبداعية من خلال ميثاق النشر، مشيرا إلى ضرورة الالتحام والتعاون لأجل الإبداع، وقال بأن النشر سنوات التسعينيات في عهد الاقتصاد الموجه، يختلف عما هو عليه الآن لا سيما فيما يخص المهنية والاحترافية، مؤكدا بأن دور النشر تقوم اليوم بتنظيم معارض فوضوية تعمل على قتل الكتاب وليس الترويج له، ودعا خلال حديثه الناشرين إلى تنظيم أنفسهم، وخلق فضاءات تساعد على التقاء المبدعين والتعارف فيما بينهم.
الروائية والشاعرة ربيعة جلطي أشارت في تصريح لـ»الشعب» إلى أن التفاؤل يسكنها ككاتبة في مستقبل أفضل للإبداع حتى في الظروف القاسية، مؤكدة بأن جل المبدعين والمثقفين وجدوا أن في تكاثفهم ولقاءاتهم ومحبتهم رغم التنافس الإبداعي الحل الوحيد للوصول بالإبداع في الجزائر إلى مصاف الشعوب المبدعة، مؤكدة بأن هذا الوطن يمتلك طاقات ابداعية رائعة، فقط هذا التكاثف الذي كان ينتظر تقول «لكي نصل إلى نسج هذا الوجه الحقيقي للجزائر المبدعة».
وأكدت جلطي بأن هناك تجاربا فتية كانت خاملة، بدأوا يفكرون بضرورة التلاحم فيما بينهم، كأرضية ضرورية لإنتاج الأفكار، داعية إلى ضرورة خلق جسور بين المبدعين الجزائريين بكل اللغات سواء العربية أو الفرنسية أو بجميع اللغات التي تقرأ.