استطاع عدد من الناشرين والمؤلفين والرسامين التشكيليين المهتمين بعالم الشريط المرسوم، على مدار ثلاثة أيام 25، 26 و27 من الشهر المنصرم، من الالتحاق والانضمام في فعالية صيف فيبدا، للمشاركة في الأنشطة المختلفة لمهرجان مصغر للشريط المرسوم. المناسبة التي شهدها فضاء نادي فرانس فانون، المحاذي لقاعة ابن زيدون بديوان رياض الفتح، والتي مكنت عشاق شخصيات الشريط المرسوم والمهتمين بـ«الكوزبلاي” خلالها من التعريف بأعمالهم وأفكارهم وآمالهم ومشاريعهم المستقبلية للجمهور الشغوف بمحتوى الفن التاسع الذي أطل عليهم بنموذج مصغر، استعداد لاستقبال المهرجان الدولي في طبعته 11 الذي سيقام في شهر أكتوبر المقبل، بعدما سجل غيابه السنة المنصرمة بسبب الأزمة الصحية التي فرضتها جائحة كورونا على المعمورة.
على وقع أجواء النشاط والمرح التي شهدتها أجنحة خصصت لـ15 عارضا وناشطا في مجال الشريط المرسوم والذي يعنى بإصدار قصة مصورة مكونة من لوحات تحتوي غالبا على نصوص قصيرة على شكل فقاعات لتمثيل الحوارات والأصوات، وهو فن إبداعي يطلق عليه إسم الفن التاسع، طبعتها فعاليات ورشات تكوينية اتسمت بالتنافس والتسابق لاكتشاف غمار الفن التاسع. احتفى عشاق شخصيات المانجا المعروفة عند اليابانيين التي قرأنا عنها في المجلات التثقيفية الرائجة في مجال التسلية الموجهة للمراهقين والأطفال، أو الأنمي التي شاهدناها عبر شاشات التلفاز، بتنظيم هذا المتنفس المميز الذي يقول عن نفسه أنا عينة من مهرجان شريط الرسوم حاضر وبقوة رغم بساطة الحدث وقصر مدة إقامته.
صيف فيبدا جاء بعد طلب كبير
أشار المحافظ الدولي لمهرجان الشريط المرسوم سليم براهيمي، إلى أن المهرجان الدولي للشريط المرسوم الكبير الذي سيكون بإمكانات لائقة بالحدث الدولي الهام للفن التاسع، سيقام في شهر أكتوبر المقبل، إن شاء الله، مع اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية. فالسبب الذي جعلنا نقيم صيف فيبدا الذي دام من 25 إلى غاية 27 من الشهر المنصرم، يعود إلى الطلب الكبيرو المُلِحّ على الشريط المرسوم من القراء والمهتمين. ومن جهة أخرى، لاحظنا بعد الحجر الصحي الكثير من الناشرين في حالة متدهورة، من حيث تسويق مؤلفاتهم وبالتالي انعكس ذلك على سائر العملية التجارية من توزيع ونشر إلخ، لدرجة أن الكثير منهم لم يستطع دفع مستحقات الإيجار. ومن جهة ثالثة أن نشاط هؤلاء المؤلفين والمهتمين كان مقتصرا على الفضاء الاجتماعي وعليه رأينا أن يكون فعالية صيف فيبدا FIBDA مكان لتلاقي عشاق الفن التاسع، بحيث سيوفر هذا الفضاء الصغير للناشرين مكانا لعرض وبيع أعمالهم في أجنحة مخصصة مجانية لن تكلفهم دفع مستحقات أيام العرض من جهة، وتشجيعا لهم ومساعدتهم للتنفس قليلا من جهة أخرى.
وضعنا بالموازاة مع معرض مؤلفات الشريط المرسوم، فضاء مخصصا للفنانين ليساهموا ويقيموا أعمالهم، ومن جهة ثالثة هي فرصة سمحت لتلاميذ المراحل الدراسية النهائية بعد فترة الامتحانات، خاصة عشاق الشريط المرسوم من التفاعل من عين المكان والمشاركة في فعاليات والورشات المسطرة الداعمة لهذا الفن المتميز.
ثــلاث ورشات تخللت المهرجان المصغـر
وعليه قال المتحدث: صيف فيبدا جمع 15 ناشطا بين ناشرين وعارضين ومهتمين، وقدمنا من خلاله 3 ورشات تدريبية مفتوحة موجهة للأطفال والمراهقين ولعشاق الكوزبلاي، الهدف منها تحسيس الأطفال بالقيمة الإبداعية وفتح المجال لهم لممارسة هوايتهم واكتشاف عالم الشريط المرسوم نشطتها الفنانة حنان بالمديوني التي لها تجربة في مجال التنشيط الموجه للأطفال، إلى جانب إشرافها على تحرير وإعداد مجلة “غميضة” للصغار.
أما المنشط توجي سمير، فوقف على ورشة المراهقين تناول فيها بكل دقة وعمق معلومات تفصيلية حول حيثيات الشريط المرسوم.
أما الورشة الثالثة والتي كانت في نفس الوقت معرضا، أشرف عليها سيد علي راشدي المسؤول عن الإكسسوارات الفنية ويعمل بمعدات السينما، حيث قام بإحضار معدات سينمائية جزائرية حقيقية استعملت في أفلام جزائرية، شرح من خلالها فن الكوزبلاي أو ما يعرف بفن التقنع، كيفية صنع اللباس والخوذات والأسلحة وباقي الإكسسوارات، إلى جانب الأقنعة وبالتالي أهمية استعمالها في مجال السينما. فالهدف من هذه الخطوة، فسح المجال لعشاق الكوزبلاي للمتعة والمرح وفي نفس الوقت تلقي الخبرات والمعلومات حول هذا الجانب الذي يعتبر جد مهم وفي عالم الفن التاسع، بالإضافة إلى تكوين معدين محترفين في الألبسة والأقنعة ومختلف الإكسسوارات في السينما والمسرح.
الملاحظة التي لابد من ذكرها في هذه السانحة، هو الإقبال الكبير للأطفال ومشاركتهم في فضاء الرقص المخصص لهم، وهذا مايدل على حب الطفل لورشات التفاعل، وهي خطوة سنعمل على تطويرها في باقي مواسم المهرجانات الخاصة بالشريط المرسوم.
جوائـز 2019 حاضرة في 2021
تم في ثاني يوم من ذات المناسبة، بالتنسيق مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، تقديم جوائر للناجحين في مسابقة الشريط لمرسوم لسنة 2019 في طبعته 10. كما تم على هامش اليوم الثالث الختامي لفعاليات صيف فيبدا، تقديم ثلاث جوائز تشجيعية على الفائزين في أحسن الأعمال الناتجة عن الورشات الثلاث المقامة في الطبعة1 من صيف فيبدا المصغر، الهدف منها إعطاء الطفل الإرادة في التعرف أكثر على ماهية الشريط المرسوم الذي لا يمثل أبدا القصة أو الكتاب المصور، فلكل من هذه التصنيفات خواص ومعالم معينة.
فالهدف من الشريط المرسوم أو الفن التاسع، الذي يعتبر فنا راقيا قائما بذاته، الترويج لعالم التقاسيم والشخصيات المشهورة في عالم المراهقين والأطفال الرائجة في مجال السمعي البصري، لاسيما التي أضحت أشهر من نار على علم في ألعاب الفيديو، إلى جانب دفع الأطفال وتشجيعهم على القراءة والكتابة وتحفيز الإبداع وتوسيع مدارك المخيال لديهم.
إدراج مـــادة الشريط المرســوم في مناهج الفنون الجميلة
وعن نقطة إدراج مادة الشريط المرسوم ضمن البرنامج البيداغوجي في مناهج المادة التعليمية لمدرسة الفنون الجميلة، صرح المحافظ الدولي سليم براهيمي بأن هذه الخطوة كان قد طرحها على الجهات الوصية وعلى رأسها معالي وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، ومدير مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة جمال لاروك، وذلك قبل تنصيبه محافظا دوليا للشريط المرسوم.
وعن الحدث، جاء على لسانه أيضا: تشرفت أثناء اللقاء الإعلامي الخاص بالإعلان عن انطلاق فعاليات الطبعة الأولى لصيف فيبدا، عقد شراكة مع مدرسة الفنون الجميلة، وإشارة انطلاق إدراج رسمي في تقديم مادة الشريط المرسوم لطلبة المعهد الذين كان حلمهم هو تدريس هذا الفن بأسسه وتقنياته، إلى جانب التفكير في تعميم التخصص في الشريط المرسوم ولم لا تقديم مذكرات تخرج تثمينا لمعايير الإبداع القابلة للتطور لعالم الشريط المرسوم المشهور عالميا بالفن التاسع.
جزء لا يتجزأ من الفن التاسع
من جهته صرح منشط الورشات سمير توجي، أن الطبعة الأولى من صيف فيبدا المستحدثة، تعتبر محطة هامة لنقول من خلالها إن نشاط الشريط المرسوم مازال حاضرا، رغم الجائحة التي أجبرته، السنة المنصرمة، على الغياب. وهاهو في هذا العام جاء بحلة مصغرة، حملت أنشطة وورشات وحضور مشرفين على الأعمال والمؤلفات، إلى جانب الإقبال اللافت للمراهقين الشغوفين بالفن التاسع، لاسيما حديثي العهد بهذا الفن الراقي من فئة الأطفال الأقل من 12 سنة الذين شاركوا وفق خبرات بسيطة في الطبعات السابقة، الحالمين بتطوير رسوماتهم من خلال الطبعة المقبلة التي ستكون في استقبالهم في شهر أكتوبر من هذه السنة الجارية.
في ذات السياق، صرحت المنشطة ورسامة في مجال الشريط المرسوم ومختصة في مجال الطفل وصاحبة فكرة مجلة غميضة حنان بن المديوني، أنه فريق العمل على مدار ثلاثة أيام استطاعوا من خلال الورشات الموجهة للطفل أن يمهدوا له ماهو الشريط المرسوم وماهي الطرق والمراحل التي يجب أن يتتبعها ليتحصل على كل التقنيات الشاملة لمعالم الشريط المرسوم في المستقبل، كما أثنت المتحدثة على نتائج مسابقة أحسن عمل واعتبرته تثمينا مستحقا للفن التاسع الجميل.
التاريـخ والتقاليـد حاضران
اعتبر الناشر في ذات الصدد عزيز جاوتي، وهو أكبر العارضين والمخضرمين في مجال الشريط المرسوم في طبعة صيف فيبدا الأولى، أن إقامة هذا الفضاء الثقافي، جاء كمتنفس لأغلبية العارضين الذين تاهت خطاهم السنة الماضية، بسبب تداعيات الحجر الصحي من جهة، وتراكمات العواقب التجارية التي تدخل في مردودية عملية النشر والتوزيع لمؤلفات الفن التاسع من جهة أخرى. ونوه المتحدث في تصريحه، إلى وجوب اهتمام الشباب بهذا الفن من عدة جوانب لها علاقة بالتاريخ والتراث والعادت والتقاليد، بحيث لا تقتصر رؤاهم على ما وجدوه شائعا في البلدان الرائدة والخبيرة بشؤون الشريط المرسوم، فلكل بلد نسق ولكل بلد وجهة نظر معينة في ما يخص محتوى مواضيع مؤلفات تحكي عن شخصيات مشهورة تناولتها عناوين عريضة لمهرجانات دولية متعاقبة للشريط المرسوم.