مناقشة أطروحة لنيل درجة الدكتوراه

«المخيال الاستشراقي وتمثيلات الآخر من خلال ألف ليلة وليلة

فاطمة الوحش

استطاع البروفيسور «وحيد بن بوعزيز» أن يشقّ لنفسه طريقا وسط الركام، وأن يؤسّس حلقة علمية انتدب إليها عددا من الطلبة المتميزين، وقد بدأ عمله هذا يؤتى أكله، وصار من بين الطلبة الذين تخرّجوا على يده من خيرة الأساتذة وأحسنهم بمستوى راق، يحملون مشعل العلم والجد في عدد من جامعات الوطن، ومن بينهم الأستاذ «عبد الرحمان وغليسي» الباحث المميز والخلوق الذي نال شهادة الدكتوراه عن جدارة واستحقاق.

شهدت كلية اللغة العربية وآدابها واللغات الشرقية والفنون بجامعة الجزائر -2- أبو القاسم سعد الله يوم الأربعاء الماضي مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه، التي تقدّم بها الأستاذ الباحث «عبد الرحمان وغليسي» حول موضوع «المخيال الاستشراقي وتمثيلات الآخر من خلال ألف ليلة وليلة - جيرار دونرفال انموذجا -».
وقد تشكّلت اللجنة العلمية المناقشة من: الدكتور «عزي بوخالفة» رئيسا، الدكتور «وحيد بن بوعزيز» مشرفا ومقررا، الدكتور «عبد الحميد بورايو» عضوا، الدكتور «حميد علاوي» عضوا، الدكتور «بودربالة الطيب» عضوا والدكتور «خفيف علي» عضوا
كما حضر المناقشة مجموعة من الأساتذة والدكاترة مثل الدكتورة «حياة مختار أم السعد»، الدكتورة «صحرة دحمان» والدكتور «توفيق شابو» وغيرهم من الأساتذة، كما حضرت أيضا عائلة الباحث ومجموعة من الطلبة والباحثين للاستفادة من المناقشة.
وبعد المناقشة التي دامت نحو ثلاث ساعات قرّرت اللجنة العلمية بعد المداولة منح الباحث درجة الدكتوراه بتقدير مشرف جدا مع تهنئة اللجنة.
تناول الباحث في دراسته الموسومة بـ’’المخيال الاستشراقي
وتمثيلات الآخر من خلال ألف ليلة وليلة ـ جيرار دو نرفال انموذجا -’’ النظرة الغربية لآخرها المختلف عنها والقابع في أغلب الأوقات تحت هيمنتها. فالعلاقة المتوتّرة بين الأنا والآخر أو الغرب والشرق في حالة «دونرفال» لم تكن مبنية على الصراع العسكري والسياسي والاقتصادي فقط، بل يتعدّى الأمر إلى الصراع الحضاري والثقافي، أو الصراع من أجل التمثيل.
فالنقطة الجوهرية التي تمسّ البحث هي الصورة القبْلية المشوّهة التي انطبعت في ذهن «دونرفال»، وكانت منطلق مسلماته وقناعاته، وأحكامه المجحفة. وهو ما يطرح مدى مساهمة هذا الرجل في نشر أفكار الكولونيالية وثقافتها، ثم العمل على تثبيتها في الأذهان بصورة تجمِّل الافتراضات والتمثيلات المشوهة، وكذا تترجم الأزمة الثقافية والحضارية بين الشرق والغرب التي ترجع إلى زمن بعيد.
   إن صورة العربي في المخيال الاستشراقي هي صورة مشوّهة إلى أقصى الحدود، فالخطاب المهيمن صنع شرقيا دونياً وغير سويّ تماما، توارثها كتّاب ومفكرون ورحالة ومغامرون وشعراء عن أسلافهم وشوّهوها أكثر. فيصوُّر العربي مثلا في السينما الغربية، وتحديدا أفلام هوليود بطريقة ساخرة، وينظر إليه باحتقار شديد، وقد اقتصرت على الأدوار العربية التقليدية التي تجمع بين الشرّ والغباء.
    وقد جاءت الرؤية النرفالية للعالم متناقضةً مع ذاتها ومنسجمةً مع التصوّر العام رغم أنه يبدو عكس ذلك، فمهما ادَّعى التجرّد والإنصات للواقع، فإن ترسبات الثقافة الغربية تبقيه أسير البُنى الاستشراقية وتجرّه بقوة إلى النزعة الدوغمائية والأحكام الإطلاقية.                                                                                                    
وبناء على هذه الرؤية المفارقة ارتأى الباحث أن يقارب أعمال «دونرفال» وفق آليات ومفاهيم النقد الثقافي كوسيلة لتسليط بؤر الضوء على مركزية الثقافة الغربية، وإيديولوجية الخطاب الاستشراقي المنحاز لخدمة التوجهات الإمبريالية السافرة، والحفر المتأني في أهم أشكال الثقافة تأثيرا وتأثرا. كما أن القراءة الثقافية لا تلغي البعد الجمالي لنصوص دونرفال بقدر ما تعرّيها وتفكّك محمولاتها، فالجمالي قناعٌ لتمرير الإيديولوجي.
   فهنيئا للباحث عبد «الرحمان وغليسي» وهنيئا للأستاذ المشرف «وحيد بن بوعزبز» هذا النتاج المبدع ولزوجته الدكتورة «حياة مختار أم السعد» مشاركتها وتفاعلها الدائم في الساحة العلمية، ومزيدا من التألّق والتميز.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024