أقامت المنظمة الوطنية لناشري الكتب ، أول أمس، بالجناح المركزي للصالون الوطني للكتاب، أمسية تكريمية للراحل الأديب والمترجم مرزاق بقطاش، وذلك بحضور أهله والعديد من أصدقائه الذين أجمعوا على أخلاقه الفاضلة وثقافته الواسعة، فقد كان من الذين تركوا أثرا كبيرا في الذاكرة الثقافة الجزائرية بأعماله القيّمة، التي تنوّعت بين القصص، الروايات والمقالات.
افتتحت الأمسية حماش لمياء، مديرة النشر بمؤسسة “أناب”، مشيدة بفضائل هذا الروائي، لتقدّم بعدها نجلته كلمة حول والدها..
قدّم محمد بلحي مداخلة تكلم فيها عن سيرة الراحل، الذي ولد في ماي 1945 بالعاصمة، وتوفي في جانفي 2021، مشيرا إلى أنّ بقطاش كان من القلائل الذين تكلّموا عن البحر، وشكّل هوسه به اتجاها بارزا في كتاباته، مضيفا أنّ جذور هذه العلاقة تعود الى أصول بقطاش العائلية التي تنحدر من عائلة الملاحين (العائلة البحرية).
كما ذكر أنّ الراحل تتلمذ على يد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، واستفاد في نفس الوقت من المدرسة الفرنسية، وكانت حياته حافلة بالأعمال الأدبية المتنوعة، فقد كتب وترجم عدة روايات، وكتب سيناريوهات عدّة لأفلام ومسلسلات، كما تحصّل على العديد من الجوائز منها: جائزة عبد الحميد بن هدوقة وجائزة آسيا جبار، ليختتم المتحدث في الأخير بمقولة لليو تولستوي «يجب أن نكتب فقط عندما تغمس الريشة في الحبر تبقى قطعة من لحم»، معتبرا الأديب من أحد أكبر كتاب الرواية والقصة والترجمة في تاريخ الجزائر.
ومن جهته تحدّث رشيد بوجدرة خلال مداخلته عن بعض الانطباعات الشخصية الحميمية التي ربطته بالراحل بقطاش في الماضي، فذكر بأنه تعرف عليه جيدا عندما ترجم رواية ألف سنة وسنة من الحنين ترجمة جيدة، والتي اعتبرها بوجدرة من أعمق واعقد وأضخم الروايات.
كما أشار إلى أن بقطاش قد اهتم بالبحر، فكان محللا دقيقا للطبقات الفقيرة، واهتم بالبحارة والصيادين.
وأضاف المتدخل أنّ بقطاش كان إنسانا طيبا خلوقا متواضعا نزيها، وعندما بلغه وفاته حزن حزنا عميقا، كان كاتبا له بصمة خاصة، ومكانة مرموقة وخصوصية لا تتواجد في غيره من أبناء جيله.
أما مداخلة الكاتب المترجم محمد ساري، فقد تحدّث فيها عن ذكرياته مع الأديب الراحل، الذي كان حاضرا في حياته منذ بدايته بالكتابة، واستفاد منه كثيرا فقد كان مزدوج اللغة يتقن العربية والفرنسية مثله.
وأضاف أن الراحل كان سخيّا كثير القراءة، فحين يقرأ كتاباً ويعجبه يحث غيره على قراءته، وكان دائما يزدري من الكتاب الذين لا يكتبون كثيرا ويبحثون عن المنابر، ففي اعتباره أن الكتابة الجيدة هي التي تتحدث عن الكاتب الجيد.
وأكّد محمد ساري أيضا أن بقطاش كان كاتبا لا يصنف ضمن كتاب عصره، فقد عرف بثقافته الواسعة وجمع بين اللغتين، مما جعل المفرنسين والمعربين يحترمونه ويبجلونه في ثباته ومبادئه.
كما ذكر المتحدث أنه خلال تدريس طلبته بالجامعة، يدرج أعمال هذا الأديب المرموق في البحوث الموجهة إليهم من أجل دراستها وتعريفهم به، ثم أردف أحد أصدقاء المرحوم بالحديث عن مساره الحافل وأخلاقه الكريمة.
أما الصحفي زين العابدين بوعشة، فقد أشاد هو الآخر بشخصية الراحل الفريدة من نوعها، حيث اعتبره المدافع القوي على اللغة العربية، والمثقّف المبدع الذي سيخلد اسمه التاريخ بما قدمه للثقافة والأدب.