أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، عز الدين ميهوبي، أن السياسة عبارة عن شعر جاف، وممارسة للغة مبنية على البراغماتية، في حين أن الشعر ـ يقول ـ شكل من أشكال الفن الأدبي والتعبير عن الأحاسيس بلغة إبداعية تفاعلية.
جاء هذا خلال يوم دراسي احتضنته، أمس، المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، حول «الكتابة السياسية والكتابة الشعرية»، ولدى افتتاحه الفعالية ثمن عميد المدرسة امحند برقوق هذه المبادرة الأولى من نوعها بالمدرسة، مشيرا إلى أنها تسهم في تشجيع الإبداع، وتقديم نظرة للطلبة والباحثين عن الكتابات الشعرية وعلاقتها بالسياسة.
وعاد عز الدين ميهوبي في سياق حديثه، إلى البدايات الأولى للشعر، قائلا إن هناك روايات تشير إلى أن أول من كتب الشعر هو أدم حين قال:
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه الصبيح
قتل قابيل هابيل أخاه فواحرباً مضى الوجه المليح
ورد عليه إبليس
تنح عن الجنان وساكنيها فبي في الفردوس ضاق بك الفسيح
وكنت بها وروحك في رخاء وقلبك من أدى الدنيا مريح
وأضاف ميهوبي، بأن هذه الأبيات دليل على تواجد الشعر منذ الأزل، وتوارثته الأجيال، حيث يقول بشأنه الشاعر السوري نزار قباني «الشعر هو الجنون الوحيد، والذي لا تستطيع الحكومة لأجله أن تأخذك إلى مستشفى المجانين».
وفي تقديمه لمقاربة حول الفرق بين الشعر والسياسة، أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن السياسة «حرفة» وهي رعاية لشؤون المجتمع والدولة، كما أنها عبارة عن شعر جاف وممارسة للغة براغماتية، في حين أن الشعر ـ حسب ميهوبي ـ فن، كما أنه عبارة عن أشكال وروافد تؤدي إلى تنمية الذائقة الفنية للإنسان، مضيفا بأن كل من الشعر والسياسة يستخدمان الكلمات، غير أن الشاعر يبني مفرداته بلغة فيها تفاعل وإبداع، أما السياسي فكلماته جافة، ويهدف إلى الوصول إلى فكرة معينة.
وأشار المتحدث، إلى أن هناك علاقة وطيدة بين المثقف والسياسة، مؤكدا بأن العديد من الدول أوكلت أمرها للشعراء والمثقفين، مانحين الثقة للمبدع على السياسي كونه لا يعتمد على مصلحته الخاصة، قائلا بأن ذلك يعد انتصارا للمثقف.
من جانب آخر فُتح المجال خلال هذا اليوم الدراسي لبقية المشاركين، وهم دكاترة من مختلف جامعات الوطن، والذين تناولوا بدورهم علاقة المبدع والمثقف بالسياسة، مشيرين إلى أن المبدع يتواجد دائما في خضم الشؤون السياسية، حتى وإن حاول التهرب منها، فضلا عن تقديم عدد من المحاضرات من بينها «عندما تحدد السياسة معالم الأدب»، «الحوارات الشعرية في السياسة»، «الجيوسياسية للإنسان في خطابات الأمير عبد القادر» و»لغة السياسة وسياسة اللغات عند الروائية أسيا جبار».