أعلنت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة، بمنطقة موغل الحدودية (نحو 40 كلم شمال بشار)، عن تأسيس بداية من هذه السنة الجائزة الوطنية ‘’علة” للموسيقى الروحية، موضحة خلال لقاء جمعها، مساء الأربعاء، بالفنانين وممثلي الجمعيات الثقافية وجامعيين من المنطقة، أن « استحداث هذه الجائزة يهدف إلى تشجيع الموسيقيين على ترقية الموسيقى الروحية سيما العزف على آلة العود، فضلا عن المساهمة في تطوير البحث في مجال الموسيقى الروحية عبر الوطن».
ولقي القرار ترحيبا كبيرا في أوساط الحضور حيث نظمت بالمناسبة وقفة تقدير وعرفان للفنان المتخصص في العزف على العود عبد العزيز عبد الله والمعروف أكثر بإسم علة، كما أكد العديد من الفنانين والأكاديميين المشاركين في هذا اللقاء.
ويعتبر هذا الفنان أصيل ولاية بشار والذي يقيم حاليا بباريس (فرنسا)، مبدع موسيقى «الفوندو» التي تتميز خاصة بالارتجال في العزف على العود الذي يعطي موسيقى هادئة وعذبة بفضل براعته في العزف على هذه الآلة الشرقية.
متحف وطني «للمناجم»
أعلنت الوزيرة بالمناسبة أيضا تحويل متحف ولاية بشار إلى متحف متخصص في عرض الإبداعات والأعمال الثقافية ومشروع تحويل المتحف البلدي بالقنادسة (18 كلم جنوب عاصمة الولاية) إلى متحف وطني للمناجم والصناعة.
ويضم هذا المتحف الفريد من نوعه في الجنوب الغربي للبلاد، مجموعة هامة من المقتنيات ووثائق وصور فوتوغرافية ومجلات وجرائد وغيرها التي تبرز حقبة هامة من تاريخ الصناعة المنجمية في الجزائر بداية من القرن العشرين إلى غاية نهايته، استنادا لما صرح به مسؤول المتحف محمد نمسي.
كما أن آلاف العمال الجزائريين من مختلف ربوع الوطن، إلى جانب أوروبيين وأفارقة من مختلف الجنسيات عملوا في نشاط استغلال منجم القنادسة في تلك الفترة، مثلما أشير إليه خلال زيارة وزيرة الثقافة لهذا الهيكل.
وتم تخصيص جزء كبير من هذا المتحف لتاريخ النضالات النقابية للمنجميين، حيث إلتحق عدد من بينهم بصفوف الثورة التحريرية المجيدة 1954. وعلاوة على دوره في المحافظة وحماية الذاكرة التاريخية للمنطقة، يعد هذا المتحف فضاء لعرض التراث الثقافي المادي الثري الذي تزخر به منطقة القنادسة.
حماية وتثمين «النقوش الصخرية» بتاغيت
وأكدت بن دودة ببلدية موغل أن التكفل بالتراث المادي للولاية سيتم «بشكل فعلي»، معربة عن التزامها بتنفيذ مشروع مخطط حماية وتثمين محطات النقوش الصخرية بتاغيت لحمايتها من التدهور.
وصرحت تقول «إن هذا المخطط الذي يمثل برنامج حماية وتثمين المواقع التاريخية للإنسانية سيتم تنفيذه من أجل استدامة هذا التراث الإنساني بمساعدة الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية».
وأضافت الوزيرة خلال لقاء جمعها بفنانين وممثلي المجتمع المدني عقدته بالساحة الكبرى لقصر موغل المصنف ضمن سجل التراث المادي الوطني «ألتزم أمامكم بتجسيد مشروع مخطط حماية وتثمين موقع محطات النقوش الصخرية بتاغيت (97 كلم جنوب بشار)، بغرض حماية هذا الجزء الهام من تاريخ الوطن والإنسانية’’.
كما اطلعت على مخطط حماية وتثمين هذه المحطات للنقوش الصخرية ورصدت الأضرار التي لحقت بها من قبل العامل البشري على وجه الخصوص، حسب مسؤولي قطاع الثقافة وعديد أعضاء الجمعيات المحلية الناشطة في مجال حماية التراث.
للإشارة شهد هذا المشروع تأخرا كبيرا في تجسيده والذي استكملت ملفاته الثقافية والإدارية والدراسات التقنية من قبل مديرية القطاع وصودق عليها من طرف المجلس الشعبي الولائي في يونيو 2016، وسجلت في إطار التشريع الوطني المتعلق بإعداد مخططات حماية المواقع التراثية والمناطق المحمية.
وسيشكل هذا المخطط أداة فعالة لحماية محطات النقوش الصخرية بمنطقة تاغيت، مثلما شرح ممثلو مكتب الدراسات المكلف بهذه العملية.
وتشمل تلك المحطات التي تقع بمنطقة محمية على مساحة 500 هكتار غير بعيدة عن مقر بلدية تاغيت، عديد النقوش الصخرية التي تعود إلى حقبة العصر الحجري لما قبل التاريخ، من بينها رسومات تعبر عن صور للإنسان وأخرى لأصناف من الحيوانات التي كانت تعيش بالمنطقة سيما منها الظباء والفيلة ونعامات وغزلان وجمال وزرافات.
وقد تعرضت بعض هذه الرسومات إلى تدهور بفعل الطلاء والكتابات، وأعمال التخريب من قبل أفراد «طائشين»، كما أوضح مسؤولو مديرية الثقافة بالبلدية وممثلو المجتمع المدني الذين طالبوا بوضع حيز التنفيذ مخطط الحماية والتثمين.
وتجسيدا لهذا المشروع الثقافي الحضاري يستلزم الأمر تهيئة الطريق المؤدي إلى تلك المحطات على طول 20 كلم واستحداث مركز توجيه وإعلام حول فنون النقش على الصخور، وفتح متحف لما قبل التاريخ بتاغيت لتثقيف الجمهور حول أهمية المحافظة على هذا التراث المادي، فضلا عن تدعيم الحراسة بتلك المواقع، وكذا إطلاق مسار تصنيفها ضمن التراث المادي للإنسانية، مثلما شرح ممثلو مكتب الدراسات الذي أعد هذا المخطط.
وعاينت وزيرة الثقافة بتاغيت أيضا أشغال إعادة الاعتبار للفضاءات المشتركة لقصر هذه المدينة ذات الطابع السياحي سيما المسجد الذي توجد الأشغال به قيد الاستكمال.
وأكدت بن دودة أن قطاع الثقافة «يساهم في إعادة الاعتبار وترميم الفضاءات المشتركة لهذا القصر العريق وقصور بلديات بني عباس وموغل والقنادسة المصنفة ضمن التراث الوطني المادي، وأيضا مدينتي بني ونيف وكرزاز».