تراجع اللجوء إلى الفرق الموسيقية التي تؤدي الشعبي، حيث تسبّبت التكنولوجيات الحديثة في تضييق الخناق على التراث وخاصة أغاني الشعبي التي كانت ميزة عاصمية بامتياز، فالتحولات الاجتماعية والعمرانية أدت إلى تحولات عميقة في المجتمع الجزائري جعلته يتخلى عن الكثير من العادات.
وكانت أعراس العاصمة لا تخلو من أغاني الشعبي وخاصة بالأحياء الشعبية، حيث كانت تلك الأجواء الحميمية والهادئة تحمل الكثير من الحنين للماضي وتذكر ذكريات الزمن الجميل وتجمع شمل الجيران، ناهيك عن التنفيس الاجتماعي ونسيان الهموم لبعض الوقت، غير أنّ تلك المظاهر بدأت تختفي بمرور الوقت لتخلفها التكنولوجية الحديثة التي جعلت الأفراد يتفرّقون في مختلف الأزقة والمناطق المنعزلة للاستسلام لشبكة «النات» للتواصل مع الآخر أو الاستماع للموسيقى التي يريدونها وعمّت الظاهرة التي انتقلت إلى البيوت.
وكشف سيد احمد، مطرب شعبي هاوي من باب الزوار في تصريح لـ «الشعب» أنّ «الضغط الاجتماعي والحاجة للمال جعلتنا نحن الهواة لا نعتمد على الغناء فقط لكسب القوت، وبمرور الوقت وبحكم كثرة الارتباطات قلّصت كثيرا من نشاطي في مجال الشعبي، حيث أكتفي فقط بإحياء بعض الحفلات للمقربين والعائلة وفي فصل الصيف بحكم تواجدي في عطلة، وحتى بعيدا عن ذلك فالعروض باتت ناقصة وإقامة الأعراس في قاعات الحفلات ضيّقت علينا الخناق وقلّصت كثيرا من هامش النشاط».
وأشار سيد احمد الذي تخرّج من جامعة الجزائر وعشق الشعبي منذ نعومة أظافره إلى تغيّر طباع الجزائريين في الأحياء الشعبية،فالحفلات التي كانت ترافق الأعراس كانت تطبعها الرزانة والهدوء والمرح الجميل، بينما بات بعض الشباب يحتسي الخمر والمخدرات ويأتون لإفساد العرس. لقد حضرت عدة حفلات انتهت بشجارات جماعية فرّقت الجميع حتى بات الكثيرين يتخوّفون من تنظيم حفلات الشعبي في أعراسهم».
ودعا سيد احمد إلى الاهتمام بالأغنية الشعبية وعدم إهمالها لأن التحولات الثقافية تقتضي تحصينها، خاصة بعد رحيل الكثير من روادها وتراجع نشاطات جيلنا، الذي لم يجد العبارات والأشعار التي تفنن محبوباتي وبن تومي والحاج العنقى للإبداع فيها.
ويأمل نفس المصدر في أن تتحرك الجماعات المحلية لإحياء النشاطات الثقافية باستغلال دور الثقافة ودور الشباب من جهة لتطوير المواهب الشابة، ومن جهة أخرى للترفيه عن الشباب وملء الفراغ، وحمايتهم من مختلف الآفات الاجتماعية.
حنين إلى «الشّعبي»
حكيـــم بوغرارة
شوهد:621 مرة