حمدي قنديل.. نورٌ آخرُ ينطفئ

بقلم: أسامة إفراح

اختزله البعض في عنوان حصته الشهيرة “قلم رصاص”.. واختزله آخرون في عنوان حصته التي قبلها “رئيس التحرير”.. اختزل البعض شخصيته في الصحفي المحترف المتميز، واختصر البعض الآخر اسمه في كتاباته الملتزمة المدافعة عن قضايا الأمة..
ولكن حمدي قنديل لم يكن فقط قامة إعلامية، ولا مقدما لأنجح الحصص التلفزيونية.. لقد كان واحدا من جيل لا يتكرر من الصحفيين المخضرمين، الذين أعطوا لهذه المهنة ألقها ورونقها.
حمدي قنديل ابن الطبقة المتوسطة، من والد مثقف وأم متعلّمة، ولعل هذا قد كان له الأثر البالغ في تشكيل شخصيته ومسيرته.. حمدي الشاب زار عواصم أوروبا وتعرّف إلى مختلف الديانات، وكرّس هذا التسامح وقبول الآخر الذي تميز به الفقيد. كما درس الطب وإن كان لم يكمل دراسته، والذنب في ذلك يقع على عاتق الصحافة، هذا العالم الذي سحره وجذبه، وإذا كان العالم قد خسر طبيبا جيدا، فقد ربح صحفيا ممتازا.
مساره الصحفي، الذي بدأ في خمسينيات القرن الماضي، كان متميزا أيضا، وحينما يطلبك القلم الصحفي الكبير مصطفى أمين، فهذه علامة فارقة في السيرة الذاتية المهنية لأيّ كان.
رافع قنديل طويلا من أجل إعلام نظيف خال من مواد الإثارة، ولطالما أكد على ضرورة التعرّف على الآخر والتواصل معه، وتفهّم دوافع من نختلف معه في وجهة النظر، وعدم الخلط بين الإعلام والإعلان، وعدم التأثر بالدعاية الإعلامية.
كما لم يُخف قنديل احترامه للجزائر والجزائريين، ولعلّ قضيته الشهيرة عقب إجرائه المقابلة التلفزيونية مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 1999، وإعجابه القويّ بشخصية هذا الأخير، كانت واحدا من الأدلة الجليّة على هذا الإعجاب.
في الأخير نقول، إن حمدي قنديل كان “قنديلا” أضاء سراديب الإعلام في هذا العصر الحالك.. ولكن أمثال هؤلاء لا يموتون، بل يُتوفون.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024