المؤلّف المسرحي السّوري حسين كناني لـ«الشعب» :

سأعتـــــزل التمثيــــل بعد تقديم منودرامــــا «الرّقصــــة الأخــــيرة»

حاورته من وهران: كريمة براهمية

  مسرحية «صديق البيئة» أيقظت الحياة في روحي
حسين كناني كاتب ومخرج من سوريا، خاض العديد من التجارب المهمّة في المسرح الشبيبي والمسرح القومي السوري، أجبرته ظروف الحرب على ترك بلده واللجوء إلى الجزائر، فانطلق في رحلة إثبات الذات وانتزاع الاعتراف به كفنان شامل وقدير، قدّم للمسرح والتلفزيون الجزائري العديد من الأعمال، ولا زال يحاول ترك بصمة إبداعية في المشهد الثقافي الجزائري، وقد وضع نصب عينيه أن لا يمر مرور الكرام في الحياة الثقافية الجزائرية، وهو ما يفصح عنه في هذا الحوار الذي خص به جريدة «الشعب «.


  الشعب: يعود حسين كيلاني إلى المشهد الثقافي وقد بنى جسرا من الأمل والتفاؤل على نهر من الألم واليأس، وكله تحدي وإرادة لمواصلة مسيرته الفنية، وهو الذي ابتلي في الشُّهور الأخيرة بمرض أقْعدَه وجَعله حبيس الفراش، وبالرغم من ذلك واصل محاولاته لإنتاج أعمال مسرحية جديد ومتجدّد، فيما ينوي الإعلان عن اعتزاله الخشبة كممثل في مونودرام بعنوان «الرقصة الأخيرة»، فما هو هدفك في الفترة المقبلة، وقد تجاوزت مرحلة كانت بالغة الخطورة؟
 حسن كيناني: أسوأ مرحلة عشتها في حياتي حين فقدت القدرة على السير ولجأت للكرسي المتحرك، صعب أن تحس أنك عاجز  ولم يبق لك الكثير، لكن وبعد أن تجاوزت عملية خطيرة لاستبدال الشريان الأبهر، بدأت أسترجع قواي المحطمة وكان قول الله قولا فصلا... واسمحوا لي أيضا بأن أتوجّه عبركم بجزيل الشكر والامتنان لاختصاصيي جراحة القلب والشرايين بالعاصمة الجزائر وكامل الطاقم الطبي والتمريضي على ما قدموه لي من رعاية وحب.
ولا يمكن وصف سعادتي، وتلك الروح المعنوية العالية ترافقني وأنا على الخشبة، رغم أني لم أعد أستطع الصمود طويلا على قدماي، وسأنهي حياتي كممثل عبر مونودرام من تأليفي وإخراج الفنان عفباوي الشيخ، بعنوان «الرقصة الأخيرة»، وسيكون بمثابة عرض اعتزالي الخشبة، ومع هذا سأظل أتابع مسيرتي كمؤلف ومخرج.

-  قرّرت مرغما اعتزال التمثيل بعد أن تقدّم لجمهورك وللمسرح عملك «الرقصة الأخيرة»، فهل هذا المنودرام يمثلك؟
-  الرقصة الأخيرة، هي خلاصة لمرحلة السنوات العشر الأخيرة من حياتي منذ آخر وقوف لي على خشبة المسرح، مرورا بالأزمة السورية وانعكاس ذلك على شخصيتي إلى غاية هجرتي للجزائر وتشرد أسرتي، ولهيب شوقي واحتياجي لأهلي وأحبائي أرهقني؛ فابنتي وزوجها بألمانيا وابني البكر في سوريا، أما أخي فمات بالأردن ولم أستطع توديعه...
وأشير هنا إلى حالة عامة تعيشها أغلب الدول العربية، وكل منايا أن أكون ذخرا للوطن ودعما للفن المسرحي الهادف، لا محطة عابرة فيه، وقد استطعت أن أتحدى صراعات متشابكة وظروف صحية تحالفت ضدي، لا أعرف إلى متى؟ لكني أدرك أنّ في داخلي كلّ متناقضات العالم من سعادة وشقاء وألم وأمل نابع من عشقي للفن الراقي بجمالياته ودلالاته، وكأنه أنبت جذوره في جوف صدري، فصار أساس حياتي...
- لماذا اخترت الجزائر تحديدا لمواصلة مسيرتك الفنية؟
- لربما كانت معاناتي سببا لدخولي البيئة الجزائرية المسالمة واستقائي الأعمال الجزائرية، وبذلك أكون أول كاتب عربي يكتب بالبيئة الجزائرية، وتعرض أعماله في التلفزة والمسارح الجزائرية، إلى درجة أنّ الفنان القدير محمد شرشال لقبني بالمخرج السوري الجزائري، الذي أصبح سائدا ومنتشرا..
فخلال خمسة سنوات قضيتها بالجزائر قدمت ست أعمال مسرحية كمخرج وخمسة كمؤلف، كما شاركت في التلفزيون الجزائري كممثل بالفيلم الدرامي التاريخي «رجال الفرقان»، كما قمت بتأليف سيتكوم «وليد المام» في عام 2015 ثم أخرجت سيتكوم بعنوان «صورة» لم يعرض بعد على الشاشة، وحاليا استعد لمشروع تلفزيوني جديد سأعلن عنه قريبا...
وقد عملت على إنتاج العديد من الأعمال المسرحية، أذكر منها «العانستان» مع جمعية نسمات فنية في الشلف، وشاركنا بها على هامش المهرجان المحترف عام 2016 وفي احتفالية اليوم العالمي للمسرح بتونس هذه السنة، كما قدمت لنسمات فنية العمل المسرحي «الضحك آخر الليل»، الذي عرض خلال رمضان المنصرم في عدة ولايات، وحاليا أستعد لإعادة ترتيبه وتحضيره لموسم 2019، أيضا كتبت وأخرجت «كلمات متقاطعة» للجمعية الثقافية جليدة بولاية عين الدفلى وتحصلنا بها على جائزة سينوغراف في عزابة أيام عز الدين مجوبي المسرحية، وأيضا الجائزة الفضية كأحسن عرض في مهرجان تسيمسيلت، وبالتعاون مع المعهد السمعي البصري وتعاونية البرج في برج الكيفان، تمكّنا من إنتاج «تقاسيم شرقية» وعرضها في العديد من ولايات الوطن، وأيضا شاركت بالعرض المسرحي «بروفة» مع المسرح الوطني وجمعية «س .او .س»، وذلك في إطار تطوير مسرح الشباب.
-  و هل من أعمال أخرى؟
- أستعد لتقديم عرض خاص بالأطفال بعنوان «صديق البيئة» مع المسرح الوطني الجزائري وهو العرض الوحيد الذي لم أكتب نصه، وهو من تأليف سيد علي بوشفاع والموسيقى والألحان للفنان فؤاد ومان، أما آخر عمل مسرحي لي في سوريا كان في عام 2009 بعنوان «شبابيك الهوى»، من تأليفي وإخراجي، وقد تحصلت به على جائزة أفضل نص وثاني إخراج في مهرجان المسرح الشبابي في سوريا، أما تلفزيونيا فصورت مسلسل الولادة من الخاصرة بجزأيه الثاني والثالث.

- بلغنا أنّك كنت تحضّر الإطار العام لمشروعك المسرحي الجديد، وأنت طريح المستشفى، كيف كانت التجربة؟
-- صحيح فقد أيقظت مسرحية «صديق البيئة» الحياة في روحي، وأنا على فراش الموت في المشفى كنت اشتغل على السينوغرافيا ولغة الجسد وإيقاعه، وكنت أتابع عن كثب تصميم الملابس والتلحين وغيرها من العناصر الأساسية في المسرحية الموجّه كما سبق وأن أشرت للأطفال، في محاولة لتوعيته وتحسيسه بأهمية الحفاظ على البيئة والنظافة بأسلوب مختلف عن السائد والنمطية المعتادة في عروض الأطفال.
وسعينا جاهدين لرسم مشهدية بسيطة وجميلة وجديدة، فجعلنا الأشجار كائنات تتحرك وتتكلم وتحس، كذلك فقد عملنا على تصميم لوحات بصرية نتمنى أن تلقى صدى لدى جمهورنا، بل كنا حريصين جميعا كعائلة واحدة على التدقيق بكل كلمة، وكان للفنان الجزائري فؤاد ومان جهدا كبيرا في صياغة ألحان أصيلة في مسعى لتعويد الطفل على الأصالة والتراث، وجذب انتباهه إلى جمال المسرح،فالمسرح مدرسة مهمة جدا ليس فقط للتربية والتعليم، وإنما يعتبر أحد أهم الأنشطة الترويحية لغرض المتعة والتسلية....
وأظن أنني أتّفق مع سياسة المسرح الوطني الجزائري في سعيه لصناعة جمهور مسرحي حقيقي وجيلا جميلا ذواقا، وهذا ما نسعى إليه، زيادة عن الحالة التربوية للعمل، ولعلّها من المحاولات الجادة في هذا الاتجاه، وهنا لا يمكنني القول أني سأنتصر على تقنية الرسوم المتحركة وشيء اسمه التلفاز والرسوم المتحركة.
- هل من كلمة أخيرة؟
- تحية من القلب للجزائر بمناسبة ذكرى نوفمبر المجيدة، ويكفيني فخرا أنّ أوّل وسام نلته من الفنانين الجزائريين لقب المخرج السوري الجزائري، وكل احترامي للشعب الجزائري وأصدقائي وجمهوري، فقد علّمني حبهم كيف أقتنص من العمر لحظات، أستعيد معها لياقتي الفنية بكامل صورها وأشكالها وأبعادها، والآن بعد صراع طويل ومرير مع المرض والتحدي وإرادة الحياة، ازددت عزما وقوّة لمواصلة مسيرتي حتى أكون أملا لكل يائس.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024