يجمع الدارسون على أن «التّشكيل الكرنفالي» (Carnavalisation) عامل حاسم في بناء السّرد الرّوائي، فقد حدّد ميخائيل باختين ثلاثة خطوط لتطوّر الرّواية، وذهب إلى أن هذه الخطوط تنوّعت تبعا لجذورها النّظيرة (ملحميّ ــ خطابيّ ــ كرنفاليّ) دون أن ينفي وجود أشكال انتقاليّة بين الخطوط الثّلاث قد تنتج عن توليفات مختلفة، ولقد ذهب إلى أن «التحويل الكرنفالي» قيمة «مبدعة للجنس» (الرواية)، فهو لا يحدّد محتوى العمل فقط، ولكنه يحدد القواعد المؤسسة لطبيعة الجنس في ذاته، ومن هنا ركّز على منطلقات تنوّع التّطوّر في مجال «الهزليّ ــ الجادّ» (Comique-Sérieux)، أي على مستوى الخط الثّالث، وهو الخطّ الكرنفاليّ الذي تجلّى في «المحاورات السّقراطيّة» و»الأهجيّة المينيبية» (La Ménippée)، وحقق للسّيرورة الانتقالية غاياتها في أعمال فرانسوا رابليه، ميغيل دي سيرفانتيس، وصولا إلى دوستيفسكي، وما نتعارف عليه اليوم – عموما – بـ»الرواية».
ولقد أخذت الدراسات النقدية بالضفة العربية اتجاهات مختلفة في التأصيل لمرجعيات “الرواية” الأجناسية، وأُشكل الأمر بالنسبة لـ«التّشكيل الكرنفالي” وطبيعته، وصار يتأرجح بين “توظيف المكوّن الكرنفالي” (الواقعي) و«الفاعلية الفنية التي يكرسها الرمز الكرنفالي الساخر”، وهذه تتوقف – غالبا - عند مشهدة الاستعراضات الفكاهية الضاحكة ، وتتبنى الدّراسات – في معظمها – “الكرنفال” بما هو “أصل جينيالوجي” لـ«الرواية”، بينما أوضح ميخائيل باختين صراحة أنه لا يقصد إلى أدبية مفترضة في الكرنفال؛ ذلك أن “الكرنفال ليس حدثا أدبيا” كما قال، وأن القصد يرمي إلى “لغة الأدب” التي تتطابق مع روح الكرنفال، وتستلهم منه مختلف مظاهره؛ ما يعني أن النّظر في “التّشكيل الكرنفالي” ينبغي أن يكون من خلال تعلّقه بطبقات “العمل الرّوائيّ” على المستوى “الأسلوبيّ” و«التّداوليّ”، ومدى تحقق مقولات “الكرنفال” بما هو واقع معيش يخترق الواقع العادي/الطبيعيّ، ويفرض “عالما مقلوبا” ينتهك القواعد العامّة، ولا يعترف بالتّراتبيّة الاجتماعيّة من خلال بلورة شكل ملموس للحياة يمزج “الواقع” بـ«اللّعب”، ويصطنع علاقات إنسانية تبادليّة جديدة، في مقابل العلاقات القويّة للتراتبيّة الاجتماعيّة المفروضة على الحياة خارج الكرنفال .
ويتعمّق الإشكال مع مفهوم “السخرية” بالحاضنة العربية، فهو لم يبرح مقامه البلاغي، ويصرّ على التماهي مع الأشكال المجاورة مثل “المفارقة” و«الفكاهة”، مع أنه تمكّن من اختراق الأعمال الأدبية في القرن الرابع الهجري بشكل متنوع، وقدّم روائع شعرية ونثرية، خاصة في العصر العباسي الذي نعتبر – وفقا لدراسة سابقة لنا في الموضوع – أنه بلغ ذروة السيرورات الانتقالية التي تكفل انبثاق “الرواية”، لولا ظروف تاريخية محيطة، أرجأت تحقّق الجنس المحدث إلى غاية القرن السادس عشر الميلادي (العاشر الهجري) بأوروبا.
وإذا وضعنا في اعتبارنا أن والاس مارتان لم يجد لانتقال أوروبا من “القرون الوسطى إلى القرن العشرين”، شبيها يشرحُه، ولا نظيرا يفسّرُه، سوى الانتقال من “الأسطورة” إلى “السّخرية” ، فإننا نتبيّن أن وصف مارتان للسيرورة الانتقالية من “الشعر” إلى “الأدب”، ومن “الشّفاهية” إلى “الكتابية”، يتضمن حتما الانتقال بين مختلف طبائع الاشتغال الذّهني ، ما يجعل “الرواية” المعبّر الفعلي عن الواقع الحضاري بجميع المتغيرات التي فرضها على الواقع المعيش، غير أنه – في حاضنتنا العربية – يصطدم بغموض مفهوم “السخرية” العالق في المستوى البلاغي، وهو ما نتوسم أنه فرض على معظم الدّراسات العربية الالتزام بمستوى الملفوظ النّصي لا تتجاوزه، رغما عن الاعتراف بأن “السّخرية” مرجعيّة مؤسّسة في الأعمال الروائية، بحكم أن “الرواية” جنس ناقد بطبعه؛ لهذا اخترنا لسؤالنا الرئيسي أن يكون كما يلي: كيف تتجلّى “السّخرية” في البناء الروائي؟! وهذا سؤال يقتضي طرح عدد من التساؤلات الفرعية تتعلق بكيفيات الاختراق الساخر للنصوص الأدبية، بقصد التعامل مع الظاهرة في مجملها، وليس مع تجلياتها اللفظية فقط؛ لهذا أيضا، تخيّرنا نموذجا روائيا تراجيديا للدراسة، هو رواية “المطر يكتب سيرته” لمرزاق بقطاش، وارتأينا أن نبدأ بمعالجة ظاهرة السّخرية بما يوافق غاياتنا المنهجية منها، ثم ننتقل – في مرحلة تالية - إلى استخلاص تجلياتها في المتن الروائي.
1 - ظاهـرة السّخريــة
لم يتح لظاهرة “السخرية” أن تتمأسس في المشهد الأدبي كمرجعية فاعلة في السّرد الشعري/الرّوائي إلا مع الرومانسيين، ولقد وصفها فرديريش اشليغل 1772-1829م (Friedrich Schlegel) بأنها “شكل المفارقة” ، وهي مقولة يرى شارل لوبلان (Charles Le Blanc)، أنّها تحيل إلى سورين كيركغور 1813-1855م
(Søren Kierkegaard) الذي تَمثّل “المفارقة” على أنّها “شغف التّفكير”، فالّذي يفكّر دون مفارقة لا يختلف عن عاشق يفتقد إلى الشّغف، وعلى هذا، يعتبر اشليغل “الفلسفة” موطنا حقيقيّا لـ«السّخريّة” التي يفضّل تعريفها بأنّها “الجمال المنطقي” (Beauté Logique)، فيقول: “أينما نُفلسف بأسلوب غير منهجيّ، سواء في المحادثات أو الحوارات المكتوبة، فإنّه لا مناص عن السّخريّة، ولا سبيل إلاّ إلى فرضها”، فقد تصوّر اشليغل الفلسفة منتجا لقوّتين متعارضتين، أولاهما “الشّعر” (الإبداع)، والثّانية “الفعاليّة” (Praxis) التي تتجلّى في “التّجربة”، فـ«الفلسفة” منتج إبداعي بما تقدّم من جديد، وهي، كذلك، منتج تجريبي لأنّ الأفكار الجديدة يتوجّب عليها أن تتّخذ مكانا على أرضيّة موضوعيّة حتى لا تبدو مجرد أوهام أو سراب، وبالتّالي يمكن القول إنّ “الفلسفة” تظهر بمجرد تداخل القوّتين، قوة الإبداع، وقوة التّجربة؛ وهو بالذّات ما توصّلت إليه الفلسفة اليونانيّة من خلال الرّبط بين “الإبداعيّ” و«العمليّ” فكانت منتجا شعريّا (إبداع وذاتيّة)، وتعبيرا موضوعيّا من خلال “قوانين المدينة” (الأخلاق الاجتماعيّة)، وكلّ فلسفة تنفصل عن الإبداع أو الفعاليّة، لا تكون -كما يراها اشليغل- سوى فلسفة مبتذلة ركنت إلى السكون، ولم يعد لها وجود ، ويرى اشليغل، وفقا لمبادئ الفلسفة المثاليّة الألمانيّة، بأنّ “الأدب” عاجز عن إعادة كتابة الواقع في لانهائيّته وتعقيداته وتناقضاته، ويسير اشليغل هنا على خطى إيمانويل كانط 1724-1804م (Emmanuel Kant) ويوهان فيخته 1762-1814م (Johann Gottlieb Fichte) الّذي يذهب إلى أنّ “العقل” ليس صنيعة فرد بعينه، ولكنّه موجود بطريقة موضوعيّة، وأنّه يتّخذ من المفكّر وسيطا لتبليغ تعابيره، غير أن هذه “الوساطة” لا يمكن أن تحقّق “الكمال”، ولهذا، فإنّ التّجليّات الزّمنيّة لـ«العقل”، خاصة في الأعمال الأدبيّة، لا يمكن أن تكون “نهائيّة” و«مكتملة”، وهو ما يبيّن أن “الكتابة” تقع في منطقة تتراوح على الدّوام، جيئة وذهوبا، بين “الإبداع الذّاتيّ” و«الهدم الذّاتيّ”. وبما أن واقع الأشياء يقع في استحالة وصفه كما هو في ذاته، فإنّ “الشّعر” يصبح تواصلا غير مباشر يتضمّن في ذاته تفكيرا حول الشّعر نفسه، ليكون هذا “الانعكاس الذّاتي” في الأدب، وهذه الأهميّة التي يوليها لـ«الخطاب على الخطاب” (Métadiscours) في الأعمال الرّومانسية، هو ما يطلق عليه اشليغل اسم “السّخرية” ويجعل منه المعبّر عن العلاقة الجديدة بين المؤلف وعمله، فـ«السّخريّة” تطبع كل الأعمال الزّمنيّة بـ«النّسبيّة”، ولكنّها لا تتوقّف هنا، وإنّما تطبع تلك النّسبيّة نفسها، وفق انعكاس ذاتي، بنسبيّة موالية، وهكذا إلى ما لا نهاية .
وقد يكون واضحا أن متصوّر اشليغل لـ«السّخريّة” يتجاوز النّظر إليها على أنّها مكوّن من مكوّنات المعنى العام، أو شكلا من الأشكال تتلبّس به بعض الدّلالات، فـ«السّخريّة” ظاهرة شاملة يمكن لـ«الشّعر” أن يلقي عليها الأضواء؛ لأنّ “الشّعر” يتميّز عن بقيّة الفنون بأنّه يدفع “الفاهمة”
(l’intellect) إلى النّشاط التّأويليّ، ويقدم لها - في الوقت نفسه - تأويلات ممكنة جوهريّة، تقوّض كل محاولة لإغلاق باب التّأويل؛ فـ«الشّعر”، وإن كان في مجمله يتضمّن دائما جانبا لا يمكن تحديده، وهو جانب يعكس عدم قدرة “العمل الأدبي” على “تمثيل المطلق”، واشليغل الّذي يؤيّد هذا الموقف، يذهب إلى أنّ “الأعمال الأدبية” لا تبحث عن ذلك الجانب غير المتاح للتّحديد بأسلوب واع وواضح؛ ولهذا حرص صاحب “الشّذرات” على التّقييس الدّائم الدّقيق لمصطلح “السّخريّة” كي يحيل إلى الأعمال “الواعية بذاتها” ، وهو ما يُستشفُّ منه بأنّ كلّ “الأعمال الأدبية” ساخرة ضمنيّا على الأقلّ، ولو بشكل افتراضي، كما يراها اشليغل، ومن ذلك أنّه مهما تكن درجة تحديد “رؤية العالم” في عمل فنيّ، فإنّ هذا العمل يحمل في ثناياه عناصر “الوعي بطبيعته غير المكتملة”، وهو ما يعني أنّ جميع الأعمال الفنيّة، من حيث المبدأ - على الأقلّ - تترك “إمكانها السّاخر”
(Potentiel Ironique) لـ«التّأويل”، شرط أن يكون “التّأويل” مصمَّما لأجل فرض هذه النّقطة. ولعلّ يكون هذا أكثر وضوحا إذا اعتبرنا برأي إليزابيث دانكوزا التي ترى أنّ مصطلح “السّخريّة”، بما هو الخيار الاصطلاحي الّذي راهن عليه اشليغل لمقاربة “الظّاهرة الجديدة”، رغم أنّه مصطلح سبق تحديده في سياقات أخرى، يحقّق أولا ربط الحداثة بالحضارة القديمة، ويسمح بتحفيز استغلال المصطلح ضمن تواز بين “خطاب الخطاب الشّعري” الرّومانسي، وخطاب سقراط الذي يجسّد “فلسفة الفلسفة”، ففي الحالتين - تقول دانكواز - نجد أنفسنا مع دفق غير منقطع من الأفكار، ومساءلة دائمة لهذه الأفكار أمام انعكاس ذاتي. ثم إنّ “التّهكّم السّقراطيّ” و«السّخريّة الرّومانسيّة” - كما نظّر لها اشليغل - يتميّزان معا بأنّهما لا يتجلّيان في ملفوظات معيّنة، وإنّما يعبّران عن “موقف” يرمي إلى إعادة النّظر الشّاملة في المتصوّر العام عن “العالم” وعن “الأدب” .
2- صنافـــات السّخريــة
تعدّدت صنافات “السّخرية”، وتعدّدت تعريفاتها إلى درجة جعلت المفهوم عرضة للغموض، بل إن فلاديمير يانكيلفيتش 1903-1985م (Vladimir Jankélévitch) نفسُه، وصفها بأنها “مستعصية عن التّحديد” ، وذهب إلى أن هناك سخريّة أوّلية تشتبه بـ«المعرفة”، وهي مثل “الفن” بنت الترفيه، (ولكن) “السّخريّة” – بالتأكيد – (يقول يانكيلفيتش) “أخلاقيّة” إلى درجة أنها لا يمكن أن تكون فنّيّة حقّا، و«قاسية” إلى درجة أنّها لا يمكن أن تكون فكاهيّة حقّا .
ولقد حدّد دوغلاس كولين ميوكى 1919-2015
(Douglas Colin Muecke) عددا من المبادئ، صنف في ضوئها الأنواع الساخرة وفق تراتبية درجاتها، انطلاقا من موقفه الذي اتخذه من الخاصيّة الأساسية لـ«السّخريّة” (“التّظاهر” مثلما هي الحال في منهج سقراط) وإمكانات تعديلها وفق مقتضيات “الحدث” أو “الموقف”، ويتضمن تصنيفه قسمين مركزيين: “القصدي”، و«غير القصدي”، دون أن يهمل ما يصفه بأنّه من “الخصائص الجوهرية” لـ«السّخريّة” و«الخصائص المتغيّرة” ، أما واين كلايسون بوث 1921-2005م (Wayne Clayson Booth)، فقد اقترح تصنيفا لإجراءات “السّخرية” وفق ثلاثة متغيّرات، أوّلها “درجتا الشّفافية والإخفاء”، وهذه مقتضاها التّركيز على منسوب العمل الذي يقتضي تفكيك الشّيفرات، والثّانية “درجة الاستقرار في إعادة بناء المعنى”، وهذه تركّز على الأسباب التي تجعل المتلقّي يفكر بأنّ عمله التأويلي قد انتهى في لحظة معيّنة، أما المتغيّر الثّالث، فهو المتعلّق بـ«الحقل الذي تنكشف فيه الحقيقة”، وهذا يتعلق بالمدى الذي ينبغي للقارئ فيه أن يتابع أسلوب “الإنكار”، وهو ما ينتهي به إلى التّفريق بين “السّخرية المستقرّة” و«السّخريّة غير المستقرة”..
ولقد لاحظ بوث على المستقر من السّخريات أنها تشترك في أربع علامات تميّزها عن غير المستقرّ منها؛ وهي كما يلي:
- أنّها جميعها موجّهة ولها مقاصدها، وهي إبداع بشري للسّماع أو القراءة أو الفهم، ولهذا فإن هذه العلامة لا تمتدّ إلى ما يمكن أن تصطنعه الصّدفة، ولا إلى ما يصدر عن غير وعي؛ وهي لا تنسحب - بالتّالي - على ما يعرف بـ«سخرية الأحداث”، ولا على “الحبّ من أوّل نظرة” كما يقول بوث .
- أنّها جميعها تعتمد على تضمين مقاصدها التي ينبغي إعادة بنائها بما يوافق المعاني السّطحيّة المختلفة، وهذه علامة لا تنسحب على المقولات الصريحة؛ مثل: “إنه لمن السّخرية أن..” وغيرها من العبارات المشابهة.
- أنّها كلّها تستقر أو تتثبّت بمجرّد تحقّق معناها الضّمنيّ، ما يعني أنّها لا تستدعي المتلقّي إلى هدم المعنى وبنائه من جديد؛ وإذا اختار المتلقّي، من تلقاء نفسه، إعادة بناء المعنى مرة أخرى، فإنّه يمكن أن يحوّل “المستقر” إلى “غير مستقر”، ولكنّ خياره هذا لا يؤثر مع أخذ العلامة الأولى بالجدّية اللاّزمة.
- أنها تشترك كلّها في التّطبيق المحدود، وهي تتباين مع السّخريات اللاّنهائية (مستقرّة وغير مستقرّة)، ذلك أن معانيها التي يعاد بناؤها موضعيّة ومحدودة، وحتى حين يكون موضوعها عامّا ومتشعّبا، فإنّ مجال الخطاب بها يكون محدودا جدّا بالنّظر إلى اتّساع الموضوع الّذي تشتغل عليه .
ويسجّل بوث بأنّ العلامات الّتي حدّدها لـ«السّخرية المستقرّة” أبعد من أن تكون نهائية، ذلك أنّها لا يمكن أن تميّز السّخرية عن بقيّة الأشكال التي تقتضي القراءة بين السّطور، فهناك اجراءات كلاميّة كثيرة “تقول شيئا وتقصد إلى آخر” كي تستدعي القارئ إلى إعادة بناء المعنى، كما هي الحال مع “المجاز” و«الاستعارة” و«الكناية” .
وإذا كان بوث يراهن في مقاربة المقول السّاخر على قصديّة المؤلف، فذلك لأنّه لا يتصوّر النّصّ دون حدود يضعها أمام القارئ، بل إنّه يرى هذه الحدود أمرا لا جدال فيه، والنقاش - كما يراه بوث - لا يتعلّق بتعدّد التّأويلات المفترضة لنصّ أو فقرة معيّنة، وإنّما هو متعلّق بالخيار بين تأويلين اثنين جادّين متعارضين تعارضا واضحا، وعلى هذا، تكون “السّخريّة” مستقرّة إذا توصّل القارئ إلى قصد المؤلف الضّمنيّ، بينما لا تكون مستقرّة في حالتين اثنتين: أولهما تلك التي يرفض فيها المؤلف اتّخاذ موقف، وهو ما يمنع القارئ عن إعادة بناء المعنى الحقيقي للنّصّ، والحالة الثّانية هي تلك الّتي يرفض فيها القارئ تلقّي العمل وفق مقاصد المؤلف، ويحاول - عوضا عن ذلك - أن يفرض تأويله الخاصّ .
للمقال مراجع - يتبع