أزمـةٌ.. وآمـالٌ.. وتخمينــات؟

البروفيسور: كمال بدّاري

أصبحت جائحة كوفيد- 19 المشجب الذي تُعلّق عليه الأزمات الاقتصادية والبيئية أسباب ظهورها؛ وذلك  بالنّظر إلى ما خلّفه هذا الوباء من أثار عميقة على العالم بأسره؛ بما حدث، وما سيحدث من تغيّرات كبيرة؛ والتي كانت في الأصل سابقة لظهوره؛ فقد تمّ النظر إليه باعتباره السّبب المباشر في أزمة صحية متجذرة الأصول؛ والتي سيتمّ ترسيخها في الأذهان كنقطة تحوّل في تاريخ البشرية، ومحور مواجهة حقيرة للقوى العظمى؛ بإضعاف هذا وتقوية ذاك؛ من خلال معركة انخفاض أسعار النفط.

بعد أن أصبحت الأزمة متعدّدة الأوجه؛ أصبحت كلّ دولة تواجه عددا لا يحصى من التحدّيات التي يصعب عليها تحمُلّها بمفردها؛ والسّبب لا يعود إلى نقص الإمكانات أو الموارد ـ باعتبار الدّول المصنّعة هي الأكثر تأثراً - وإنّما يعود إلى الطّابع العالميّ الموحّد للأزمة؛ والتي يتطلّب الخروج منها حلًّا  عالميًّا.
إنّ تظافر الجهد الجماعيّ أصبح ضروريّا؛ مثلما حدث أثناء الركود الكبير لعام 2008، وأزمة الرهن العقاريّ عام 2006 ـ 2007؛ فلطالما أدّى ظهور الأزمات إلى ظهور قوى تقاومها؛ والتي دفعت بالعالم ليصبح على ما هو عليه؛ في حين كانت الأزمات المختلفة التي حدثت على مرّ التاريخ كفيلة أن تدمّره بالكامل.
وانطلاقا من بعض الأزمات الاقتصادية البارزة؛ نتساءل عن كيفية تقدير المخاوف والتخمينات وطرح الحلول؛ الأمر الذي سيسمح بالكشف عن طرق الخروج من الأزمة؛ اقتداءً ببعض البلدان التي انتهجت التغيير بنجاح، وتمّكنت من مواجهة الكساد الاقتصادي والخروج من الأزمة الاقتصادية.

الأزمة: مدّتها وعواقبها؟

لم يتمّ التطرّق العميق لمفهوم الأزمة إلاّ في الفكر الاقتصادي والفلسفي الماركسي؛ باعتبارها تحصيلَ حاصلٍ لتناقضات الرأسمالية؛ فهي ـ أي الأزمة -  «الوسيلة التي يتمّ من خلالها إعادة تنظيم وترتيب الرأسمالية» ومن خلال هذا المنظور الملفت للانتباه؛ فإنّ كلّ أزمة تقوم الرأسمالية باستغلالها في إقامة نظام اقتصادي جديد أكثر ملاءمة لضمان بقائها وهيمنتها؛ حيث يقوم النّظام بوضع الّشروط اللاّزمة لقيامه؛ ليولد بذلك من جديد، وفق ما يُعرف بـ»نظرية التقلّبات الاقتصادية» التي درسها كارل ماركس.
إنّ العولمة التي كانت مرجّحة على الرأسمالية البالية في الثمانينيات والتسعينيات هي مثال حيّ على هذا التحوّل في الاستراتيجيات، من أجل الحفاظ - بشكل دائم - على عالم مهيمن ومتضارب لا يُضمن فيه المستقبل للجميع بشكل عادل.
 والعولمة في جوهرها ليست سوى تغيير آراء ومصالح «العالم القديم» من خلال ارساء طريقة جديدة للعمل، تؤثّر على قطاعات الاقتصاد والثقافة والمعلوماتية والتعليم، والتخلص من الاقتصاد المهيمن، وتبعية البلدان منخفضة الدخل، ومثل هذه الأمور تُعدّ ضرورية لاستيعاب مفهوم الأزمة؛ إذ يؤدّي الفهم الجيّد لها إلى سهولة احتوائها، وقد انتقلت البلدان المصمّمة للعولمة من أسلوب عمل اعتبرته آنذاك عتيقاً إلى أسلوب آخر أكثر جدية، وهو التحوّل الذي يضبط فترة الأزمة الانتقالية؛ والتي يتعّرض الاقتصاد أثناءها لضغوط شديدة بسبب إشكالية القواعد الجديدة المُعاد ابتكارها.
هذه الفترة ستمرّ بدرجات متفاوتة من الاضطراب؛ اعتمادًا على ما إذا كانت دولة ما - ذات إمكانات عالية أو دولة منخفضة الدخل - حينها تتمّ عملية التّغيير؛ ولكي لا يخلّف هذا الانتقال الكثير من الخسائر، وجب تقليصه بالاجتهاد والبحث والابتكار، ودعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، وستسمح أنماط التشغيل الجديدة التي سيتم ابتكارها ببناء نظام مفتوح وحيوي وديناميكي خال من أيّ نوع من الاعتماد «الأعمى»، وهو نظام يشتمل على عوامل تجعل من التنوّع الاقتصادي حقيقة واقعة؛ لعلّ أبرزها أدوات الاستشراف والإدارة السائدة؛ التي تستطيع المنافسة والمقاومة في الظروف الصعبة.
هل الأزمات حتمية؟
يدافع المناهضون للرأسمالية عن فكرة أنّ الأزمة الاقتصادية أمر لا مفرّ منه؛ طالما أنّ الرأسمالية مستمرّة في رغبتها غير المحدودة في الثّراء، وهي خاصية مرتبطة بها بشدة، فيما يرى البعض الآخر من الليبراليين - وعلى العكس من ذلك - أنّ الأزمة يمكن تلافيها، وإن وقعت؛ فلأنّنا لم نفعل كلّ ما في وسعنا لتجنُّبها، فخلال العقود الأخيرة؛ وأثناء الأزمات الاقتصادية المختلفة التي هزّت البلدان، قد يكون من الصّعب تجاهل الإشارات التحذيرية التي سبقت ظهور هذه الأزمات الاقتصادية؛ فأزمة 2008، النّاجمة عن الرّهون العقارية التي لم يتمكّن المقترضون من سدادها؛ تفاقمت أكثر بتلميحات أزمة الرهن العقاري في 2006 ـ 2007. فكانت أزمة 2008 مقترنة بالأحداث الأخرى التي أحدثت تأثيرا متباطئًا على الاقتصاد الصيني؛ والتي تسبّبت عواقبها في انخفاض حادٍّ في أسعار النفط في عام 2015، وبالتالي؛ فقد هزّت الاقتصاد الدوليّ المعتمد على المحروقات بدرجة كبيرة.
إنّ الجائحة أزمة صحية، وهي تندرج تحت فئة «البجعة السوداء» أي: إنّها غير متنبَّأ بها؛ ولكن عندما تقع تكون العواقب وخيمة على النظام الصحي والقطاعات الأخرى. والتاريخ ينبِّئنا بأنّ الأزمة الصحية خطيرة بالنسبة للاقتصادات الهشّة؛ بسبب ضعف هياكلها الاجتماعية والاقتصادية، وبوسع البلدان ذات الاقتصادات المزدهرة أن تتغلّب عليها حتى وإن مرّت بأوقات عصيبة تتَّسم في الأساس بانخفاض معدلات النموّ؛ الذي تكون عواقبه وخيمة على العمالة والتجارة والصناعة، وقد تجد هذه البلدان نفسَها - أحيانًا - في مراحل سلبية؛ خلال الفترة الانتقالية بين نهجين مختلفين هما: القديم والجديد. وستتمكّن هذه البلدان من تقليص فترة الانتقال هذه؛ بفضل وفرة الوسائل والموارد المتاحة لها، وبفضل التضامن الحقيقي أو المفترض فيما بينها أيضًا.

 الإنسانية والاتّجارية (مذهب التجاريين):

إنّ أزمة كوفيد - غير النمطية - من أخطر الأزمات الصحيّة عبر التّاريخ؛ فهي بالإضافة إلى عواقبها الوخيمة على البلدان نتيجة عدد الوفيات الذي بلغ مئات الملايين؛ تتميّز بتغلّب الجانب الاقتصاديّ على الإنسانيّ. والتاريخ يخبرنا أنّ انتشار الفيروس كان دائمًا بسبب العلاقات الاقتصادية المتضاربة؛ وكذا الفتوحات الأوروبية والحروب؛ فالتجارة بين أوروبا وآسيا الوسطى سمحت بانتشار «الطاعون الأسود» في الغرب في منتصف القرن الرابع عشر، وأدّى اكتشاف أمريكا في نهاية القرن الخامس عشر إلى انتشار مرض «الزهري والجدري» الذي قضى كلّيا على سكان الأراضي التي تمّ غزوُها حديثًا، وتمّ إدخال «الكوليرا» إلى الغرب في بداية القرن التاسع عشر؛ خلال الفتح الإنجليزي للهند، وقد أدّى هذا الفتح إلى تفاقم الوضع الصحّي بين هذين البلدين؛ بسبب العلاقة الاقتصادية «الاستعمارية» الجديدة القائمة على تجارة القطن؛ والتي أدّت إلى إقامة دائرة نارية بتجميع القطن في الهند، وتحويله إلى أقمشة في المملكة المتّحدة، وتسويقها في آسيا، وقد كان لهذه الدائرة التأثير العميق والهدّام؛ من خلال ضمان انتقال الفيروس بين القارتين.
لقد تزامنت حملات الجيش الإمبراطوريّ الفرنسيّ العديدةُ على مصر وروسيا والأمريكيتين في نهاية القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر مع أعظم الأوبئة، ولم يقلق الجيش الإمبراطوريّ الفرنسي أبدًا من مصير جنوده؛ حتى إبّان ذروة المرض الذي أخذ يشتعل ويستعر، لقد كان الحفاظ على هيبة ومكانة للجيش الفرنسيّ ٍهو الأهمّ؛ ولو على حساب الحياة البشرية.
 وفي عام 2003؛ نتذكر موجة الحرارة التي تسبّبت في وفاة الآلاف في بلد غربي؛ حيث تمّ التّخلّي عن جميع القاطنين في دُورِ التّقاعد وهم يموتون ببطء؛ دون أن يحدث ذلك شعورا بالذنب والمسؤولية إزاء هذه الخسائر في الأرواح، وكلّ هذه الأحداث جرت بسبب تجاهل كلّ ما هو غير اقتصاديّ؛ فانتشرت الأوبئة التي لم يكترث لها أحدٌ آنذاك.
وفي معرض حديثنا عن هذه الازمات؛ وتزامنًا مع انتشار الجائحة؛ فقد خلّف بالتأكيد مقتل أكثر من خمسمائة ألف شخص في عام 2020 أو أكثر، وهي المّرة الأولى في تاريخ الأمم التي واجهت أزمة بهذا الحجم، وحظيت المواقف الإنسانية فيها بالامتياز، وفضّلت معظم البلدان ركود الاقتصاد على موت الانسان، هذا مع تسجيل استثناء الملاحظة المثبّطة للحماس في البرازيل؛ ففي الوقت الذي لم يرغب فيه الرئيس البرازيلي في التخلّي عن السكّان الذين تأثّروا بشدة بفيروس كورونا فضّلت طبقة أخرى من مواطنيه التضحية بهؤلاء السكان لصالح شؤونهم الاقتصادية.

أزمة وأمل:

إنّ وجودَ الأمل بالنسبة لبلد ما مرتبطٌ أساسا بوجود إرادة سياسية اجتماعية واقتصادية حقيقية لضمان ازدهار شعبه، مع تفعيل جميع الأدوات الضرورية للنهوض، وتصوّر طرق جديدة لإعادة إحياء المجتمع، فكلّ تقدّم هامّ للمجتمع البشري - جيدًا كان أو سيئًا - هو نتيجة ضمنية لأزمة ما؛ سواء تولّدت هذه الأزمة عن مواجهة أم غزوٍ أم مرض.. فقد سمحت الحرب الباردة بتقدّم كبير (استكشاف الفضاء، الالكترونيات...) كما سمحت الحرب العالمية الثانية بتطوير معالجة البيانات؛ التي  جلبت الرّخاء لعالم اليوم (الهاتف الخلوي والكمبيوتر المحمول، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والروبوتات...) وسمحت الأزمات الصحية والغذائية للطبّ بتطوير وابتكار كلّ ما يُمكّنُ الإنسان من مقاومة الأمراض أو علاجها.
لقد وجب على الإنسان أن يتعلّم دروسا من هذه الأزمات؛ فالفيروس - مثلا - يؤدّي وظيفته فقط، ثمّ يُترك الأمر لنا لنتعلّم الدروس المناسبة؛ إذ لا ينبغي لنا أن ننحنِيَ للأزمات، ومن الضروري أحيانًا إيجاد حلول جديدة أكثر ملائمة وامتدادا إلى القول المأثور «طالما هناك حياه هناك أمل»، ويمكننا أن نضيف ما قاله الرئيس الأمريكي عام 1932: «إذا كان هناك شيء واحد يجب أن نخاف منه؛ فهو الخوف نفسه «، فالخوف عادة ما يكون مستشارًا سيّئًا، والخوف من التغيير هو عقبة يجب التغلّب عليها، وإلّا؛ فإنّ العالم سيتجمّد اقتصادُه ويتدهورُ، وتتوالى أزماته.
تأخذ الأزمة الصحّيّة شكل الأزمة المهيكلة؛ ولذلك؛ على الحكومة أن تسارع إلى اتّخاذ إجراءات تصحيحية صارمة لوقف الضّرر، وستكون هذه الإجراءات غير مكتملة إذا لم تصحبها خطّة حقيقية للتنمية في البلاد على الأمد القصير، أو خلال عدّة سنوات، أو عدة عقود. فالطب والبيئة والاستقلال الاقتصادي والجامعة والثقافة والمجتمع والتصنيع والعمل عن بعد وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والحكم الرشيد؛ يجب أن تكون على رأس الأولويات.

كيفية الخروج من الأزمات:

بعيدًا عن فكرة «الاستشراف» أوعن نبرة اليقين؛ وبعيدًا عن النتائج الكارثية المتوقّعة في جميع أنحاء العالم، تبقى الحقيقة أنّ أزمة كوفيد ستعطي الإنسانية دروسا مهمّة؛ من شأنها أن تساعد بلا شكّ في تشكيل مستقبل أفضل، وسيكون على كلّ دولة أن تتعلّم الدروس جيدًا؛ من خلال إعادة تحديد مساراتها ونماذجها التأسيسية.

1 / الخلق من خلال التحوّل:
يمكن صياغة مبدأ الكيمياء القائل: «لا شيء يخرج من العدم، لا شيء يُفقد، وكلّ شيء في تحوّل مستمر» بجملة لفيلسوف يوناني: «لا شيء يولد أو يهلك؛ لكن الأشياء موجودة بالفعل؛ تتحدّ ثم تنفصل من جديد». فالأصل أو النسخة يعلّمنا أنّه يجب تحويل الموارد الطبيعية عن طريق العمل ورأس المال؛ لانشاء أشياء جديدة، وكلّ بلد لديه الخبرة في الجمع بين هذه العوامل التحويلية، والملاحظ أنّ الدول الغربية  لم تتردّد - ولا تزال كذلك - في جلب العلماء الأجانب على أراضيها، وجذب المستثمرين للحصول على رأس المال والعمالة، وحتّى وإن لم تكن تملك الموارد الطبيعية اللازمة؛ فسوف تحصل عليها من الدّول الضعيفة الواقعة تحت سيطرتها.
لقد وصلت الصين إلى المستوى الحالي من التنمية بفضل برنامج حقيقي يمتدّ لعدّة عقود؛ فكان أن تخلّت عن التخطيط المركزي والخصخصة في مراحل متتالية، وعكفت على التطوّير السّريع للبنية التحتية؛ مراعية في ذلك تجارب دول أخرى كاليابان وكوريا خصوصًا؛ فوصل التّدريس تدريجياً إلى الامتياز... ومن المتوقّع أن تصبح الصين إلى غاية 2035 القوة المبتكرة الأولى، وكذلك كوريا الجنوبية التي حقّقت معدّلات نموّ عالية، بالرغم من افتقارها لموارد طبيعية كافية؛ حيث تمكّنت الدّولة من تنظيم وتطبيق المتطلّبات المؤسّسيّة والاقتصادية اللازمة (شبكات الاتصال، الإدارة الحديثة، الأنظمة التعليمية الفعالة) مع فرض الانضباط الاجتماعي، ومحاربة المضاربات والأنشطة غير القانونية، وتحويل الموارد.
وأمّا الجزائر؛ فغنيّة بالموارد الطبيعية المساعدة على تجاوز الأزمات؛ لكنّ عوامل العمل ورأس المال ليست متطوّرة كفاية، ولا حتى العمليات التكنولوجية الضرورية لهذا التحوّل مستقلةٌ عن السوق العالمية؛ لذلك؛ يجب علينا تعزيز هذه العوامل الرئيسة للإنتاج؛ والتي هي ضرورية لتحويل مواردنا الطبيعية؛ فالمطلوب هو المساهمة المثمرة لجميع العلوم؛ وفق شرط أساسيّ هو الثّقة في قدراتنا؛ ولكي يحدث هذا التحوّل دون آثار سلبية مع الحفاظ على العدالة والعدالة الاجتماعية؛ من الضروريّ مكافحة التعصّب والبحث عن الأصالة والإيجابية، وتبنّي سياسة لينة مع الطبقاتِ الأكثر حرمانًا.

2 / الوقاية خير من العلاج:
علينا أن ندرك جيّدا أنّ التغييرات الثقافية التي أحدثها التقدّم التقنيّ لم تُطوّر لدى الفرد - بشكل عامّ - القدرةَ على التّعامل معها، أو حتّى صياغة الروح التطلّعية الضرورية، كما يجب ألا يغيب عن بالنا أنّ «أزمات الغد لا تزال في مهدها اليوم»، فهل محتّم علينا أن ننتظر الطوارئ حتّى نبدأ العمل؟ إنّ التهديدات المناخية والجيولوجية متعدّدة في المغرب العربي؛ لذا أصبح من الضّروريّ أن نتبنّى نهجا استباقيّا يُشَكِّلُ مبدأً ثابتًا لصنّاع القرار في بلدنا؛ حتّى وإن لم يكن ضمن الدّول العشر الأوائِل الأكثر تعرّضًا للكوارث الطبيعية؛ إلّا أنّ الموقع الجيولوجي للجزائر يعرضها لمخاطر الزلازل والمناخ الرئيسة؛ ممّا يدفعها إلى وجوب توخّي الحيطة والحذر؛ من خلال إنشاء هيئة رفيعة المستوى؛ مثل: المجلس العلمي بشأن المخاطر الطبيعية والتكنولوجية الرئيسة؛ والذي يجبّ ألّا يقتصر نشاطه على التفكير في إيجاد حلول للأزمات الكبرى؛ كالزلازل والفيضانات وطاعون الجراد (غزو الجراد) وحرائق الغابات والتلوث البحري.. فحسب؛ بل يتعدّاه إلى توقّع وإعداد الوسائل المناسبة للتأقلم مع تحقيق عمليات محاكاة ورصد وتدريب.. وستتكوّن هذه المجالس العلميّة من رجال ونساء كلٌّ في تخصّصه (علماء الزلازل وعلماء الهيدرولوجيا، وخبراء الهندسة المدنية، وخبراء مكافحة الجراد، والمديرين..).
استنتاج
حسب النظريات الاقتصادية؛ فالأزمات الاقتصادية العالمية تنشأ - بشكل عامّ - عن دورة اكتملت نهايتها، كما يمكن أن تنشأ عن الفساد والاستهانة في تنظيم الشّؤون المالية؛ فيكون الخروج من الأزمة - بشكل عامّ - على حساب الاقتصادات الضعيفة.
وختامًا؛ تتبادر إلى أذهاننا أسئلة عديدة أهمّها: كيف سيتمّ تطوير قطاعنا الصحّيّ؟ وكيف يمكن تحسين التكوين الطبّيّ الجامعيّ؟ وكيف يمكن بناء نظام صحّيّ قويّ يواجه كلّ الاحتمالات؟ وكيف ستتعامل جامعتنا بمكوّناتها التكوينية والبحثية مع حقبة ما بعد كوفيد وتحدياتها الهائلة ؟ وكيف تخطّط الجامعة لدعم القطاعات الأخرى في تنفيذ برامجها الحكومية الواقعة في إطار اختصاصها؟ وكيف يمكن تعزيز مشاركة الأكاديميين الجزائريين المقيمين بالخارج في التكوين والبحث العلمي؟ وكيف تمّ امتصاص صدمة الوباء من طرف المؤسّسات؟ وكيف يمكن إعادة تنظيم قطاع المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة وآلية عملها المستقبلية؟ وكيف سننظم اقتصادنا ونعزّز استقلاليته آخذين بعين الاعتبار تبعيّتنا وعلاقاتنا بالدّول الأخرى؟ وكيف يمكننا إعادة النظر في سلوكاتنا حتى يتمكّن الجميع من المساهمة في تنمية البلاد؟
       علينا أن نضع في الحسبان أنّ هذه الأزمة ستقود الى وضعين متناقضتين: أحدهما؛ المواصلة في ضمان الاستقرار الاجتماعي؛ والآخر؛ إعادة هيكلة الاقتصاد وبنائه؛ وهنا تكمن إشكالية الخروج من الأزمة باتّجاه التنمية.
استاذ التعليم العالي في الرياضيات والفيزياء خبير في التعليم العالي والبحث العلمي وفي إدارة التغيير
جامعة المسيلة

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024