مفهـوم الخصوصيـة في وسائـط التواصــل

مواقـــع التواصـــل الاجتماعـــي والحــق في الصــورة

بوخاري مليكة أستاذة محاضرة

يعتبر الحق في الصورة حقٌا مكفولا في مختلف القوانين التي تنظم العمل الإعلامي بصفة عامة، ما يعني أن الصورة تمثل جانبا من الحياة الشخصية للفرد بمدلولها المادي، لاسيما إن كانت هذه الصورة تمثله أثناء ممارسة حياته الخاصة والتي لا تمثل بأي شكل من الأشكال الحياة العامة للمجتمع، وفي هذا السياق تعتبر الصورة ملكاً لصاحبها ولا يمكن استغلالها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى عبر الوسائل الرسمية إلا من خلال موافقة صاحب الصورة.


وبسبب هذا الانفجار التكنولوجي لمختلف هذه الوسائط والمواقع وكذا وسائل الإعلام جعل الحق في الصورة صعب المحافظة عليه، بل وقد يجرّ الإنسان لمشاكل لا حصر لها، كنشر صورة شخصية سواء لفرد من المجتمع أو لشخصية عامة تمارس حياتها الشخصية دون إذن منها، كالسابقة التي حدثت للأميرة كيت ميدلتون في جنوب فرنسا، حيث تمّ استغلال صورتها الشخصية رفقة عائلتها ونشرت دون إذن ما دفعها لمتابعة الجريدة قضائيا.
وفي الواقع الحق في الصورة بات مهدداً بالنظر لصعوبة تتبع كل ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو راجع للانتشار الكبير للمستخدمين على سبيل المثال فايسبوك والمقدر عدد مستخدميها في الجزائر بـ15 مليون مستخدم ما يعني 37% من إجمالي السكان حسب إحصائيات 2015 المقدمة من البنك الدولي في حين ارتفع العدد سنة 2021 ليصل لـ25 مليون مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي أي بزيادة قدرت بـ 10 مليون نسمة. كما ليس بقدرة الضحية تتبع “حقها” في الحفاظ على الحق الصورة الذي قد يحدث خارج الحدود الجغرافية، وكذا ما يمليه كل قانون من بلد لآخر، لذلك نطرح سؤالا أساسياً حول معادلة الحق في الصورة ومواقع التواصل الاجتماعي: فهل الحق في الصورة مضمون للفرد في ظل الانفجار التكنولوجي العالمي؟
• الحق في الصورة:
يعتبر الحق في الصورة من بين أهم الحقوق التي يتمتّع بها الفرد سواء في الحياة العادية أو عبر مختلف الوسائط التكنولوجية بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي. فالحق في الصورة يعتمد بشكل كبير على تحديد متغيرات هذا المصطلح فنجد “أنها تعرف بأنها تمثيل لشخص عن طريق النحت أو التصوير الفوتوغرافي أو فيلم، وهذا التمثيل لا يقف عند الجانب المادي للشخص وإنما يمتد إلى جانبه النفسي، حيث تعبر الصورة عن انفعالات الشخص وبؤسه وحرمانه أو سعادته، ولهذا فهي لا تعكس وجهه فقط وإنما تعكس شخصيته أيضاً”.1
من باب آخر تتحدث المادة 92 و 93 من قانون الإعلام الجزائري الصادر في 2012 عن الأخلاقيات التي يجب على الصحفي أن يتحلى بها ويأتي في المقدمة التأكد من مصداقية الخبر والتأكد من مصدر الخبر والأكيد أن مواقع الاجتماعية ليست مصادر أكيدة للمعلومات إلا في حالة تقاطع مصادر أخرى معها تؤكد أو تنفي الخبر وكذا يشدّد على الحق في الصورة الذي لا يجب مخالفته في نشر الأخبار وكذا التعرّض للحياة الشخصية للأفراد والتي تعد تدخلا في الخصوصيات الحميمة للفرد، لكن وحسب الملاحظة من خلال تحليل ما تقترحه بعض القنوات الخاصة الموجهة للمشاهد الجزائري أنها باتت تستعين بمحتوى مواقع التواصل الاجتماعي في نشر القصص والأحداث والتي لها علاقة بالحياة الخاصة للفرد، كما أنه كثيرا ما يتمّ نشر الصورة الخاصة دون طلب الإذن وهو ما يتعارض مع الاحترافية حيث يعد هذا خرقا للمبادئ الأخلاقية المتعارف عليها في المهنة.
ففي سابقة مثيرة للجدل تمّ تداول فيديو عبر موقع فايسبوك في الجزائر يخصّ شابا جزائريا يحكي قصة خيانة زوجته له عبر فايسبوك في فيديو مدته 14 دقيقة يعرض فيه الصور والتفاصيل، ومن ثمّ قامت قناة خاصة بإعادة نشر الفيديو منتهكة الحياة الشخصية وتجاوزت الحق في الصورة أيضا بعد أن مرّرت الفيديو، الذي انتشر كالنار في الهشيم حينها، وبعدها تمّ عرض أكثر من 3000 فيديو تتناول القضية وحولتها إلى قضية رأي عام، في المقابل هناك انتهاك للحياة الخاصة وتعريضها للخطر بالنظر لجملة التهديدات والسب والشتم الذي لحق  بالفتاة والشاب معا إكرام وعبد القادر.
 من باب آخر الحق في الصورة مضمون قانونا وفي شكل نصوص صريحة لاسيما في الدول الديمقراطية، ويمكن أن نذكر من باب المقارنة واقعة الأميرة كيت ميدلتون مع الإعلام الفرنسي والذي قاضته لاحقا، “حيث قالت التقارير نقلا عن وكالة فرانس برس للأنباء ومصدر قضائي أن من بين الذين تشملهم القضية مسؤول كبير في صحيفة لابروفانس ومجلة كلوزير المحليتين ومجموعة أرنولدو موندادوري ايديتوري للنشر المملوكة لرئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلسكوني المالكة للصحيفة والمجلة”7، وهذا بعد أن تعدوا على “الحق في الصورة” لكيت مبدلتون زوجة الأمير وليام لما كانا في عطلة بجنوب فرنسا، وحكمت المحكمة لاحقاً لصالحهما بتعويض مالي، في حين أن قضية إكرام وعبد القادر بقيت حينها مجرد “ترند” لفترة” (الأكثر والأعلى تداولاً) دون تحصيل الحقوق للمتضررين منها لاسيما للفتاة التي تمّ التشهير بها، فتداعيات الحق في الصورة يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة جدا خاصة إذا ما كان لوسائل الإعلام دور فيها تماماً كما حدث في قضية مقتل الأميرة ديانا والتي كشفت التحقيقات لاحقاً أنَّ السيارة التي كانت فيها الأميرة تعرضت لملاحقة من طرف الصحافة لالتقاط صورة خاصة للأميرة، وهو ما سمي لاحقا بعقدة الأميرة ديانا، ما جعل الإعلام البريطاني لا يتعرض للحياة الشخصية للعائلة المالكة وفقاً لقرارات صدرت عن الأسرة ذاتها.
2- الصورة والحياة الشخصية:
إنَّ التعرض للحياة الشخصية للأفراد يعد من بين الجرائم الكترونية وهنا نتحدث عن الهوية الفردية للشخص والتي تصبح مهدّدة هي الأخرى من خلال مختلف أنواع الإساءة التي يتعرض لها الفرد من طرف المجرم الذي تكون له نية تشويه سمعة الفرد أو المؤسسة من خلال نشر الصور والفيديوهات التي تمس “الشرف” أو الحياة الشخصية بشكل عام  أو إجراء تعديلات عليها من شأنها الإساءة له، وهذا التشويه يطال كذلك صورة المؤسسات السيادية في الدولة والعاملين فيها.
كما أنَّ الحق في الصورة “هو ذلك الاستئثار الذي يتيح للشخص منع غيره من أن يرسمه أو يلتقط له صورة دون إذن منه صريح أو ضمني وما يستتبع ذلك من حقه في الاعتراض على نشر صورته على الجمهور”2”. ويقوم كثير من الأفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالاصطياد في هذه الشبكات الفرائس خاصة الأطفال والمراهقين من خلال اغرائهم بأساليب مختلفة ليحصلوا على صورهم ومن ثمة يبتزوهم بطرق مختلفة عبر فضحهم مثلا في الأنترنت لو رفضوا الاستجابة لطلباتهم سواء المادية أو أخرى. ويلاحظ أن هذا النوع من الجرائم ازداد خاصة مع انتشار استعمال شبكات التواصل الاجتماعي من طرف الأطفال والمراهقين ومن الملاحظ أيضا أن هذا النوع من الجرائم يسكت عنه في الكثير من الأحيان خوفا من العقاب من العائلة والمجتمع الذي لا يتقبل مثل هذه الجرائم وتدخل في خانة الممنوعات (طابوهات). لذا يفضل كثير من الضحايا الصمت والاكتفاء بتغيّر حساب الفايسبوك فقط وكذا رقم الهاتف “ولا يمكن حصر صور الاعتداء على حق الإنسان في صورته الشخصية ويعتمد ذلك على غاية المعتدي عليها فقد يكون بقصد استغلالها ماديا وقد يكون بهدف الإساءة لصاحبها للتأثير عليه في الانتخابات مثلا وقد يكون الدافع الانتقام ونذكر بعض الأمثلة حسب القانون عند أغلب الدول:
• نشر معلومات وحقائق قد توثقها الصور الشخصية تكون محرجة للشخص وتجعله موضع ازدراء في نظر الناس.
• نشر صور ضحايا الجريمة أثناء حالة الصدمة أو وهم تحت وطأة الجريمة خلافا لرغبتهم في عدم عرض. مأساتهم وهلعهم من هول الجريمة على الناس مع تعذّر الناشر بمبدأ الحق في الإعلام.
•  نشر الصورة دون الاسم مع كتابه عبارات نحتها تثير السخرية والاستهزاء يصاحب الصورة. “3”.
ويمكن أن تصنف هذه الجرائم في خانة التجسّس على الغير عبر ولوج المعتدي لوثائق خصوصية عبر الانترنت ومن ثم نشرها للعامة كالصور العائلية مثلا أو حتى صور الأعراس (ونتأسف لكون مثل هذه الأخيرة موجود بصورة كبيرة) دون علم أصحابها والعائلات أنها تعرضت لجريمة الكترونية تنقل تفاصيل حياتهم الخاصة للانترنت ومنها إلى الهاتف النقال الذي ازدهرت سوقه في الجزائر خاصة في العقد الأخير، حيث يقدّر عدد الهواتف الذكية في الجزائر بحوالي خمسون مليون هاتف ذكي وحسب إحصائيات سلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية في تقريرها لسنة 2020 “فقد بلغ عدد مشتركي الهاتف النقال (في الجزائر 45.55 مليون مشترك، وعرف هذا العدد ارتفاعا طفيفا يقدر بــ 0.299 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019، حيث بلغ 45.42 مليون مشترك”4” (وهنا تتوضح العلاقة القائمة بين هذه الاختراقات التي تحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعدد المنتسبين لشبكات الانترنت والذين يستعينون بالهواتف الذكية كأداة).
 هذا الحق في الخصوصية لا يحترم عموما لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي وهو الجزء الذي يريد أن يحافظ عليه الإنسان في حياته، وأن لا يطلع عليه الغير.  وتعرف الخصوصية حسب الباحث الاسواني “بأنها حق الإنسان في أن نتركه يعيش وحده بحيث يخلو إلى نفسه وأن يختلي بالناس الذين يألفهم وذلك من أدنى حد للتدخل من جانب الغير ويتمثل ذلك أساسا في أن يكون بعيدا عن تجسس الغير وأعينهم ولا يجوز نشر ما يمكن أن يتمّ العلم دون تجسّس فالعلم بالخصوصيات لا يبرّر نشرها دون إذن من صاحب الشأن” “5”. وللتعدي على الخصوصية ونشر التفاصيل الشخصية لها بعد عالمي حيث “قدّرت التقارير الإحصائية حجم المبالغ التي يجنيها لصوص الإنترنت بنحو 160 مليار دولار سنويا، بمعدل 48 ألف دولار شهريا إذ يجد لصوص الانترنت في مواقع التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية لتحقيق أموال طائلة، حيث تزخر شبكات مثل “فيسبوك”، “تويتر”، و«غوغل” بملايين البيانات الشخصية والصور للمشتركين، ولأن البيانات الشخصية أصبحت العملة الرائجة اليوم في الأسواق الرقمية، ومثلها مثل أي عملة، فإنها تحتاج إلى وجود أجواء من الاستقرار والثقة عبر إصدار تشريعات وقوانين لحماية البيانات الشخصية من عمليات الاختراق والسرقة التي تتعرض لها بصورة كبيرة حاليا. “6”

     إنَّ سرعة الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي وسرعة التدفق الذي تعرفه البيانات والمعلومات من شتى أنحاء العالم، جعل الحياة الافتراضية تصبح جزءًا مهمّا من الحياة الحقيقية. ولعل الذهاب لما وراء الاتصال الافتراضي، لاسيما في بناء الواقع الاتصالي بمختلف الصيغ «الهوليغرافية» وكذا النظارات الذكية التي اقترحتها في وقت سابق مؤسسة فايسبوك، هو دليل على أن هذه المواقع باتت تشكل جزءا من حياة ملايير البشر. والمخيف في هذا الانتشار، هو ما يجعل «الاحتفاظ بالحق في الصورة» صعب المنال والتداخل بات في محيطات افتراضية من الصعب التحكم فيها. ومن خلال الترتيب الأخير لعدد زيارات مواقع التواصل الاجتماعي نستشف خطورتها على الحق في الصورة، الذي يعني الشخص ذاته، كونه «الشخص» والوحيد الذي يمتلكه، دون التعدي عليه من أطراف خارجية.
 
الذي تعرفه مواقع التواصل ماكرون أنموذجاً

3-     الحق في الصورة: حرية التعبير، الحياة الشخصية، الحياة العامة:

كثيرا ما يتقاطع الحق في الصورة مع مفاهيم أخرى كالحياة العامة، حرية التعبير وكذا الحياة الشخصية. وفي الواقع أن هذا التقاطع صعب الضبط، لاسيما لما يتعلق الأمر بمفهوم «حرية التعبير» والذي يصنف في أطر أيديولوجية وسياسية صعبة التفكيك، تتحكم فيها عناصر القوة والصراع الفكري بشكل كبير. ولعل المثال القريب منا، ما قدم كحرية للتعبير لما تعرضت له صحيفة «شارلي إيبدو» لهجمات «إرهابية» بعد الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وصنفت حينها من طرف الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» كحق في التعبير ومن قيم فرنسا الجمهورية، رغم أن التجسيد المادي «لصورة النبي صلى الله علي وسلم» كانت تحقيرية أكثر منها حرية تعبير. وعلى النقيض، فبعد تداول صورة إمانويل ماكرون في شكل هتلر بعد فرضه إجبارية الجواز الصحي على عمال الصحة، إذا تقدم بشكوى ضد صاحب الصورة، وصنف ذلك ضمن القضايا الجنائية.
وهذه الصورة لم نستطع تصنيفها باعتبار أنها في بلد الحريات، لذا كباحثين نبقى نشعر بالقلق من المقاربات التي تختلف باختلاف الأحداث والأنساق والسياقات، لأن هذه الصورة لا تتعرض للحياة الشخصية لإمانويل ماكرون وإنما تعرض موقفا من إلزامية التلقيح ضد فايروس كورونا، باعتباره صاحب قرار إجبارية التلقيح.
وكثيرا ما يقف الفقهاء عاجزين عن الفصل بين متغيرات هذه المعادلة، كون هناك تداخلا بين الحق في الصورة والحياة الشخصية والتي تعد فيها الصورة جزءا مهمّا منها، يكمن الفرق بين الحق في الصورة والحياة الشخصية، كما أورده الباحث رشيد شميشم، حسب القضاء الفرنسي فيما يلي: «أخلط جانب من الفقه بين الحق في الصورة والحق في الحياة الخاصة، وجعل الأول جزءا من الثاني، وسبب ذلك التشابه الكبير بينهما(...)، وقد أيد القضاء الفرنسي هذا الاتجاه في العديد من أحكامه، حيث اعتبر استغلال الصورة لأغراض تجارية انتهاكاً للحياة الخاصة، كما اعتبر تصوير شخص على فراش المرض انتهاكاً للحياة الخاصة (...)، وانتقد هذا الرأي على أساس أن الحق في الصورة مستقل عن الحق في الحياة الخاصة، مبررا ذلك أن هناك حالات يتم فيها التعدي على الحق في الصورة ولا يترتب عن ذلك انتهاك للحياة الخاصة، ومن بين هذه الحالات استغلال صورة شخصية شهيرة للدعاية التجارية ولا يتحقق معه التعدي على الحق في الحياة الخاصة»7.
أما جزئية الحياة العامة، فهنا نشير إلى أن تصوير الحياة العامة للناس في الشارع مثلاً، لا يعد اختراقاً لهذا الحق وإنما هو نقل لفعاليات الحياة العامة وتصويرها في سياقها العادي الحقيقي. كما أن الحياة العامة للشخصيات السياسية لا تعد اختراقاً للحق في الصورة، باعتباره شخصية عمومية تمارس نشاطات معروفة (رغم أن هذه الجزئية تختلف باختلاف المدارس الفرنسية والأمريكية وغيرها... للتعدي على الحياة الشخصية لرجال السياسة مثلا والأمثلة عديدة، وحادثة بيل كلينتون ومونيكا لونسكي أنموذج عن اختلاف القيم باختلاف الأنساق والسياقات).

4- نماذج من الاختراقات التي تنتهك مبدأ «الحق في الصورة»:

تتعقد إشكالية الحق في الصورة في مواقع التواصل الاجتماعي، كون هذه المحيطات هي محيطات افتراضية تخضع حاليا لما يعرف بالذكاء الصناعي، أين يمكن التعدي بشكل سهل ويسير على هذا الحق في الصورة ونذكر أهم ما يتم القيام به لانتهاك هذه الخصوصية والمتمثلة في الصورة (بمفهومها المادي والمعنوي).

1/ الديب فايك:
يعتبر التلاعب بالصور والفيديوهات عبر الأنترنت العميق من أحدث الوسائل التي يستعين بها القراصنة للسطو على «الصور» وتدليسها، من خلال تغيير ملامح الشخصيات والاستعانة بالذكاء الصناعي لصناعة صور تطابق الواقع وكذا فيديوهات حقيقية لشخصيات سياسية، عمومية، أو لأشخاص عاديين، وتعتبر هذه الآلية من بين أخطر ما يتم تداوله حاليا على المستوى العالمي، وتحذر منه الدول التي تتحكم أساساً في التكنلوجيا.

2/ التلاعب ببرامج فتوشوب:
يعتبر برنامج الفوتوشوب من البرامج القديمة والأكثر استخداما في تعديل الصور خاصة، لكن اكتشاف التعديل يتم بذات سهولة التعديل، حيث هناك برامج تكشف التلاعب الحاصل على الصور عكس «الديب فايك».

3/ الانتحال:
يعتبر هذا التجاوز من بين أكثر التجاوزات شيوعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وهو أخذ صور من حسابات شخصية، وانتحال شخصية أصحاب تلك الصور وعادة ما تستخدم صور الفتيات الأجنبيات ويتم انتحالها من فتيات أخريات، أو حتى انتحالها لحسابات وهمية أو لحسابات لشباب يريدون الإيقاع بضحاياهم، كما أن هذا الانتحال يعتبر اختراقا للحق في الصورة، لاسيما أن هذا الانتحال يتم دون إذن المعني وكذا قد تتمخض عنه تبعات قانونية، في حالة ما إذا تم القيام بتجاوزات قانونية كالسب والتشهير والقذف، وغيرها من الجرائم الالكترونية.
كما قد يكون الانتحال بأخذ صورة لشخصية عمومية وربطها بحساب وهمي ونسب تصريحات لهم أو مواقف ما يجبر الكثير من الشخصيات الفنية والسياسية على تأكيد حساباتهم عبر استحداث الشارة الزرقاء.
وفي بعض الأحيان تستخدم صور لشخصيات إعلامية فنية وغيرها وتفتح حسابات وهمية لجلب أكبر عدد من المتابعين، والتي لاحقا تكون له عائدات مالية مهمة، أو لنشر معلومات وبيانات مغرضة.

4/ الدعاية والإشهار:
في الكثير من الأحيان يتم الاستعانة بصور شخصيات عالمية للترويج للمنتوجات المحلية وهذا الاختراق دارج في الدول النامية بشكل كبير، لأنه في الدول المتقدمة هناك متابعات قانونية صارمة في حالة الاستفادة المالية باستغلال الصور دون عقود مبرمة وموافقة صريحة من طرف المعني.
لكن، كما سبق الذكر، هذا لا يدخل في انتهاكات الخصوصية وإنما في «الحق في الصورة» كجزء من الحياة الخاصة.

5/ التزييف:
يتم التزييف لما يتم الاستعانة بهذه الصور والفيديوهات وتقديمها في سياقات أخرى مختلفة غير تلك التي وجدت فيها.
أو مرافقة الصور والفيديوهات برسائل ألنسية تحرف السياق الذي قدمت فيه الصورة أو الفيديو.
 
خاتمة:

ما يمكن استخلاصه من خلال ما سبق ذكره، هو أن الحق في الصورة باعتباره جزءاً من الحياة الخاصة للأشخاص، هو حق قائم في التشريعات العالمية ومضمون. غير أن الانتشار الكبير للشبكة العنكبوتية المرافقة لشبكات التواصل الاجتماعي، والتي يدرك الجميع مدى خطورتها على الحياة الخاصة، باتت شرا لابد منه في مجتمعات تتطور لشكل خيالي في محيط افتراضي فرض نفسه بديلا للحياة الصعبة والتي تواجه ملايين البشر.
كما أن ضمان الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الانترنت بشكل عام، هو أمر صعب المنال في ظل «حروب الجيل السادس» وكذا في ظل ضعف المنظومات القانونية، لاسيما في الدول المتخلفة، دون الحديث عن الخصوصية بشكل عام عبر هذه المواقع في حد ذاته. فالتقارير التي تقدم من جهات مستقلة، تتفق على أن الخصوصية منتهكة من طرف هذه المواقع في حد ذاتها كفايسبوك مثلاً أو الواتساب وغيرها، بما في ذلك الاتصالات المرئية.
وربما تطرح تساؤلات أخرى بشأن الخصوصية وطبيعة التتبع التي تعتمد على نظام 3.0.
وكذا عن الأهداف الحقيقية لتقديم عوالم مجاورة تقدم خدمات مجانية رخيصة ليتحول المتلقي وبياناتها هو السلعة.
الهوامش:
1/ رشيد شميشم، الحق في الصورة، مجلة الدراسات القانونية والسياسية، المجلد الخامس، العدد 1 جانفي 2019، الجزائر، ص159.
2/ فهيد محسن الديحاني، الطبيعة القانونية للحق في الصورة الشخصية وحمايتها المدنية في القانون الكويتي، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، المجلد 28 العدد 52، دط.د سنة، ص 204.
3/ نفس المرجع السابق،ص.204.205
4/ الشروق أونلاين، حسب إحصائيات سلطة ضبط البريد والاتصالات الإلكترونية، هذا عدد المشتركين في شبكتي الهاتف الثابت والنقال في الجزائر، تاريخ: 13 /03 /2021: تاريخ الدخول: 31/ 10 /2021، الساعة: 12:24.
5/ حسن السويداني، تكنولوجيا الإعلام الجديد وانتهاك حق الخصوصية، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد 11، 2014، ص 220.
6/ قاسمي.أ، 160 مليار دولار سنويا مكاسب عصابات الجريمة المنظمة عبر الانترنت، قسنطيني: تطبيق العقوبات في قضايا الجريمة الالكترونية صعب جدا في الجزائر، جريدة السلام اليوم أون لاين، عدد 24.1.2014. شوهد في 10. 08. 2011 5/ الساعة:14:00

7/ رشيد شميشم، مرجع سبق ذكره، ص 162.

المراجع:

الكتب:
2/ فهيد محسن الديحاني، الطبيعة القانونية للحق في الصورة الشخصية وحمايتها المدنية في القانون الكويتي، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، المجلد 28 العدد 52، دط، دسنة.
3/ حسن السويداني، تكنولوجيا الإعلام الجديد وانتهاك حق الخصوصية، مجلة دفاتر السياسة والقانون،العدد 11، 2014.
المقالات العلمية:
1/1/ رشيد شميشم، الحق في الصورة، مجلة الدراسات القانونية والسياسية، المجلد الخامس، العدد 1 جانفي 2019، الجزائر.
المواقع الالكترونية:
1/ الشروق أونلاين، حسب إحصائيات سلطة ضبط البريد والاتصالات الإلكترونية، هذا عدد المشتركين في شبكتي الهاتف الثابت والنقال في الجزائر، تاريخ: 13 /03 /2021: تاريخ الدخول: 31/ 10 /2021، الساعة: 12:24.
2/ / قاسمي أ، 160 مليار دولار سنويا مكاسب عصابات الجريمة المنظمة عبر الانترنت، قسنطيني: تطبيق العقوبات في قضايا الجريمة الالكترونية صعب جدا في الجزائر، جريدة السلام اليوم اون لاين، عدد 24.1.2014.
https://www.djazairess.com/

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024