بعد 54 سنة على الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وبعد 28 سنة على اتفاقية أوسلو، يُطلّ علينا رئيس سلطة التنسيق الأمني بإمهال إسرائيل عاما وإلا سيلجأ للمحكمة الجنائية الدولية...
ونود أن نشير إلى المعطيات التالية:
أ- أن إسرائيل ليست عضوا (ومعها 71 دولة أخرى) في المحكمة الجنائية الدولية، ولا تعترف إسرائيل بصلاحيات المحكمة، وإذا اعتمد رئيس سلطة التنسيق الأمني على فعالية المحكمة، فإن الأمم المتحدة أدانت اسرائيل في عام 2020 ما مجموعه 17 مرة... ولم يتخذ أي إجراء ضدها.
ب- ان المعدل العام لإصدار المحكمة حكمها في القضايا التي عرضت عليها منذ انشاء المحكمة هو 6 سنوات في الحد الأدنى، وهو ما يعني ان سلطة التنسيق الأمني ستقدم الملف الى المحكمة وعليها ان تنتظر في الحد الأدنى 6 سنوات وقد تصل الى عشر، بخاصة - وهو احتمال كبير- إذا منعت اسرائيل فرق التحقيق من دخول الأراضي المحتلة أو قامت بوضع سلسلة من العراقيل أمامها.
ت- إذا علمنا طبقا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في مارس من العام الحالي، أن عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة عام 1967 بلغ مجموعه 661 ألف مستوطن، فإن التقرير ينبه لمسألتين هامتين:
1- ان ايقاع الاستيطان خلال السنوات الثلاث الماضية يتسارع بنسبة كبيرة.
2- ان عمليات هدم البيوت واقتلاع الأشجار من المزارع الفلسطينية تسارع بمعدل 27% خلال الفترة من 2019-2020، وان عدد المنازل الفلسطينية التي أجبرت سلطات الاحتلال أصحابها على هدمها ارتفع خلال العام الماضي بنسبة 20%.
بناء على ما سبق:
1- سيتصاعد الاستيطان خلال «فترة سنة السماح التي وهبها رئيس سلطة التنسيق الأمني لإسرائيل» بشكل كبير، وسيتذرع بأنه «وعد بإعطائهم عاما كاملا»، وإسرائيل ستستثمر هذا القرار أبشع استثمار، وعند أي احتجاج شعبي فلسطيني سيقول «لاحق العيار لباب الدار... ننتظر لنهاية السنة»، ومع نهاية السنة سيكون قد وضع بالتنسيق مع سلطات الاحتلال سيناريو جديد.
2- سيقوم بلجم أي موقف فلسطيني ضد الاحتلال بحجة انتظار نتائج المحكمة التي قد تمتد الى عشرة أعوام.
3- من المحتمل أن المحكمة «ستجرم الاحتلال ولكنها ستجرم جهات فلسطينية بخاصة من حماس والجهاد الإسلامي (كما كان الحال سابقا).
وفي ظل إدراكه التام أن لدى إسرائيل، وبمساندة أمريكية واوروبية وبعض العربية، القدرة على التملص من قرارات المحكمة او حتى رفضها، فإن القدرة ليست متوفرة للجهات الفلسطينية وهو ما يعني تطبيق القرارات عليهم... وهو ما يثلج صدر رئيس سلطة التنسيق الأمني.
إن دبلوماسية الإسفنجة تعني امتصاص كل احتقان قد يوقظ انتفاضة جديدة. فبعد التنسيق الأمني لإعادة اعتقال الأسرى وبعد استشهاد نزار بنات وإلغاء الانتخابات وتراجع سلطة التنسيق الأمني بعد معركة سيف القدس، فإن سلطة التنسيق الأمني التي وعدت 59 مرة بوقف التنسيق وهددت باللجوء للمحاكم وتعقد الاجتماعات السرية والعلنية، رغم إعلانها وقف الاتصالات مع اسرائيل... توقظ عرقوب من غفوته ليخرج علينا بين الحين والآخر بوعد جديد، مع انه نتاج حبكة دولية، ومن لا يصدق عليه ان يعود الى مذكرات كونداليزا رايس... أما المتنافسون على المقعد الرئاسي، بعد ان يحل قضاء الله وقدره، فستستمعون منهم على وعود جوهرها «أوراق اعتماد لإسرائيل وأمريكا وبعض العرب» لإعادة مشهد الاختيار الذي وصفته كونداليزا رايس...