ما بين التسارع الدبلوماسي والعسكري

هل ترسم منبج خارطة سوريا الجديدة؟

نورالدين لعراجي

تحرير سد تشرين وسيطرة الجيش العربي السوري على المنطقة


ان فتح بلدة منبج وتحريرها من عناصر التنظيم الارهابي «داعش» وبقايا الجيش الحر، مكن الجيش العربي السوري قواته من بسط نفوذها على مداخل المدينة ومخارجها، كما سيطر على سد تشرين الاستراتيجي، بعد احتلاله من طرف التنظيمات الارهابية نهاية 2015، وبقاءه تحت سيطرتها إلى غاية تحرير الرقة وحلب، وتحريره نهائيا من هذه العناصر المسلحة خاصة «جبهة النصرة الارهابية»، ويعتبر «سد تشرين» من بين أهم السدود الكبرى في سوريا، فهو مصدرا مهما وأساسيا لتوليد الطاقة الكهربائية في حلب، لأنه يطل على نهر الفرات، الذي تفصله عن المدينة المحررة جنوبا حوالي ثلاثين 30 كلم، وعن حلب بحوالي 115 كلم شرقا، يأتي الاتفاق مع ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية «قسد سمي «باتفاق منبج»، ويكمن انتشار عناصر الجيش ضمن مخطط مسبق واتفاق مبدئي مع الجيش الامريكي الذي لاتزال بعض قواعده بالمنطقة ، تحسبا لأي هجوم تركي قد تبادر به تركيا ضد أكراد البلدة.

 

دخول القوات السورية الى مدينة منبج، بقدر ما كان نعمة على سكانها، وهم يرون العلم السوري يرفرف فوق أسطح البنايات وفي الشوارع، لأول مرة منذ احتلالها واضطهاد أهلها وتشتيتهم، وتطليقهم للويلات التي عاشوها طيلة سبع سنوات، فإنه أيضا نقمة على بعض المرتزقة من المسلحين الذين لا يمكنهم العيش في ظروف آمنة واستقرار المؤسسات، حيث قام هؤلاء باعتقال المدنيين واقتيادهم إلى وجهات مجهولة، فيما لا تزال وحدات الشعب السوري تواصل تمشيطها للمناطق الداخلية وفرض سيطرتها على مواقع التوتر، ولعل ابرزها تلك التي المعارك التي، جرت بريف حماة الشمالي وريف حلب مؤخرا، حيث تقوم هذه التنظيمات الارهابية باعتداءات متكررة على السكان والقرى وفي مناطق انتشارها.

إنسحاب 400 مسلح من منبج والقضاء على 23 ألف  سنة 2018

وحسب البيان الذي ابرقته وزارة الدفاع السورية بعد فتح المدينة وتحريرها انه ما يقارب400 مسلح من مختلف الفصائل الكردية بمحافظة حلب شمال غرب سوريا، تم انسحابهم إلى وجهات مجهولة، الأمر أسفر عنه توفير حماية عسكرية ومدنية للسكان بواسطة الجيش السوري، وقالت وزارة الدفاع السورية في بيان، نشر عبر صفحتها على تليغرام، إنه «تنفيذا لما تم الاتفاق عليه لعودة الحياة الطبيعية إلى المناطق في شمال الجمهورية العربية ألسورية بدءا من 1 من جانفي 2019، قامت قافلة من الوحدات القتالية الكردية، تضم أكثر من 30 سيارة، بالانسحاب من منبج متجهة إلى الشاطئ الشرقي لنهر الفرات عبر منطقة كارا كوزاك 25 كم شمال شرق منبج».
ومباشرة بعد هذه الخطوة بدأت قوافل المهجرين والنازحين في العودة إلى قراهم ومقرات عملهم بريف حلب الشمالي الشرقي السوري، مع توفير الظروف المناسبة لهم، وإعادة الخدمات الأساسية اللازمة لمعاودة ممارسة حياتهم الطبيعية في ظل ظروف آمنة ونسيان سنوات التهجير، وأفادت الوكالة «أن الجهات المعنية قامت بتأمين جميع مستلزمات العائدين من طعام وغذاء وتسهيل عملية وصولهم بيسر وأمان وإحضار عدد من الحافلات تمهيدا لنقلهم من ممر التايهة بمنطقة منبج إلى قراهم وبلداتهم.. وحسب الوكالة السورية دائما فإنه، لفت عدد من الأهالي العائدين إلى أن انتصارات الجيش العربي السوري وتطهير اغلب المناطق من الإرهابيين ومخلفاتهم أسهم في عودة المهجرين إلى قراهم وبلداتهم.
في سياق متصل أكدت وزارة الدفاع الروسية، نقلته وكالة روسيا اليوم أنه «تم القضاء على أكثر من 23 ألف مسلح من عناصر الجماعات الإرهابية والتشكيلات المسلحة في سوريا خلال السنة الفارطة، وخسارة المسلحين لـ159 دبابة و57 عربة مدرعة وأكثر من 900 مدفع وحوالي 3 آلاف سيارة مزودة بمدافع رشاشة من العيار الثقيل» ،وانه «منذ خريف 2015 تم القضاء على أكثر من 87 ألف مسلح بينهم 830 عنصر جلهم من قادة الجماعات الإرهابية، وأكثر من 4.5 ألف مسلح من مواطني بلدان رابطة الدول المستقلة، كما خسروا حوالي ألف معسكر ميداني و10 آلاف مستودع للذخيرة والوقود و650 دبابة وأكثر من 700 عربة قتالية تابعة لهم» أمام هذه الارقام يمكن القول، ان حجم الخسائر البشرية والمادية كان أضعاف مضاعفة من سنوات سابقة ، وهذا يؤكد سيطرة الجيش السوري على باقي مناطق التراب ، والتخندق في مواقع افول الارهاب ، والاستحواذ على اماكن القيادة والسيطرة عليها ، ومن ثمة تشكيل حزام امني دفاعي ـ لصد اي هجوم من شأنه التغلغل الى اعماق المدن الداخلية ، التي غادرها تحت قصف المدفعية السورية وغطاء سلاح الجوالروسي .

جولات ماراطونية ومحادثات دبلوماسية مكثفة

رسمت المحادثات الثنانية التي اجراها قادة الدول المشاركة في الحرب على سوريا وتبنت سيناريومحاربة الارهاب ، صورة حديثة في المشهد الامني ، بفواعل جديدة مكنتها بعض القرارات السيادية من فرض سلطان مؤسسات الدولة ، واستمرار، الجيش السوري في بسط نفوذه على الارض
 وعكس ما تراه بعض دول الجوار ودول محور الشر، مثل الولايات المتحدة الامريكية ،فرنسا وبريطانيا ،ان سوريا اليوم ستكون بخارطة مغايرة ، على اعتبار ان دعمها اليوم يكمن في البحث عن مصادر لتمويل وتعمير البلد ،وليس دعم وتمويل العناصر المنشقة عن النظام السوري
ولعل اهم هذه المحادثات التي جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي ، مباشرة بعد نجاح عملية منبج ، حيث يرى الرئيس الفرنسي ماكرون ان مشكل التسوية السورية بشكل مفصل وبالدرجة الأولى ، يتوقف عند سياق اتفاقية الأطراف الأربعة وتشكيل لجنة دستورية وفقا للكرملين، وكان بوتين وماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد اتفقوا على تأسيس لجنة دستورية سورية .

الرئيس الامريكي يؤكد مجددا عزمه على سحب قواته من سورية

موقف ترامب لا يزال كما هو، وان كان الانسحاب النهائي لا يزال متحفظا عليه ، وان عزمه على سحب قواته من سوريا التي وصفها بأنها «رمل وموت». «لقد قضي الأمر في سوريا منذ زمن طويل. وفضلا عن ذلك نحن نتكلم عن رمل وموت. هذا ما نتكلم عنه. نحن لا نتحدث عن ثروات كبيرة ، سننسحب خلال بعض الوقت ، أنا لم أقل أبدا أننا سننسحب بين عشية وضحاها».
وتعليقا على ماورد على لسانه يمكن القول ان القرار النهائي قد تم الفصل فيه ، وانما هي مسالة وقت ، قد تبدوجليا مع بروز بعض الملامح الجديدة في المعترك السوري ، لذلك فان البقاء على البعض من القوات اصبح ضروريا وليس حتمية تمليها الظروف الامنية ، بل تقاسم الادوار ما بعد مرحلة بناء وتعمير البلد ، «حيث يتمركز نحوألفي جندي أمريكي في شمال سوريا غالبيتهم من القوات الخاصة التي تدرب قوات محلية من الاكراد بشكل خاص على قتال تنظيم «الدولة الاسلامية» الارهابي»
لذلك يبقى تحديد موعد الانسحاب رهين القرارات القادمة من «البنتاجون حيث ذكر « إنه تم توقيع قرار انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وان عمليات سحب القوات ستستغرق من 60 إلى 100 يوم. وسيكون مع آخر عملية ضد تنظيم «داعش» الإرهابى».

الحلقـــــة2

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024