مراجعات2

بين المؤ لف والكاتب...ترادف أم سوء فهم؟

بقلم: حبيب مونسي

تستوقف عناوين الكتب وأحجامها زائر المعرض الدولي للكتاب، فيقلبها بين يديه، متنقلا من العنوان إلى الفهرست عائدا إلى المقدمة، ثم يورق الكتاب قليلا ليتوقف عند صفحة من الصفحات فيقرأ فقرة منها..ساعتها سيتشكل في ذهنه طيف الكتاب، ويرتسم أفقه المعرفي في تصوره، وتتضح قليلا مكانة مؤلفه العلمية وشخصيته الإبداعية..لكن هل له أن يصنف الكاتب في خانة المؤلفين أم في خانة الكتاب؟
سؤال حملته معي وأنا أقلب كتبا أعرف أنها في أصلها كانت رسائل علمية كتبت من أجل شهادة من الشهادات، وأنها أنجزت تحت إشراف أستاذ من الأساتذة، سواء كان حاضرا في إشرافه بعلمه، أو كان حاضرا في إشرافه بأسمه فقط..فالأمر المميز لمثل هذا الكتب، يفرض عليَّ أن أضع فاصلا بين المؤلف والكاتب..لأنني أمام أشخاص كان همهم الأول أن يجمعوا الأقاويل، وأن يجتهدوا في ترتيبها وتصنيفها، وربما التعليق عليها قليلا، ولكن حضورهم في كتبهم قليل جدا، فليس لهم فيها إلا هذا الجهد الذي يظهر خلله البين من خلال فيمة ما يختارون من استشهادات، وما يقتبسون من أقاويل، ومن خلال عرض الشيء ونفيضه في الفقرة الواحدة..ثم ترى مع ذلك ذيل قائمة المراجع والصادر يطول ويطول ليبلغ المئات من الكتب والعشرات من المقالات..وكأنه يوهمك أن ما في الكتاب إنما صنف من هذا الكم الهائل من العقول، وهذا العدد المعتبر من الدراسات..غير أنك تعلم أنك ستجد الكتاب الضخم وقد استلت منه عبارة واحدة فقط ليُسمح له بإضافة وزنه الثقيل إلى قائمة المراجع أو المصادر.
فأين الكاتب إذا؟ الكاتب عندي من له فكرة يريد أن يوصلها لغيره، قد يعتمد على أقاويل غيره، ولكنه يتخذها متكأ فقط ليمتن بها سيره في فكرته، فهو ليس في حاجة إلى هذا العدد من الكتب التي ستحجب عنه أفق الرؤية، وتسد عليه منافذ التفكير، بل المرجع والمرجعين والمصدر والمصدرين ليقول لقارئه أنه هو صاحب الفكرة، وأنه هو مطورها، وأنه هو مناقشها بين يديه.. فلا يكون كتابه ضخم الجثة، مترهّلا ثقيل الحركة..بل كتاب رشيق المتن، رقيق العود، خفيف الحمل، متواضع الثمن..فيه قفزات في مضمار المعرفة التي يكتب فيها تضيف إلى الأقاويل قول جديد..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024