رافع أستاذ القانون الدستوري، وعضو مجلس الأمة - سابقا - الأستاذ لمين شريط، في حوار مقتضب خص به «الشعب» للأحزاب السياسية التي تعاني - بحسبه - من «نقائص ليست حجة لإلغائها من الوجود».
«الشعب»: ما هي قراءتك لمسودة تعديل الدستور المعروضة للنقاش والإثراء؟
لمين شريط: في رأيي ماعدا بعض الاختلافات الشكلية، تتمثل في إطالة ديباجة الدستور وفي وضع ترتيب جديد للسلطات السياسية العليا من خلال أربعة فصول، خصص فصل لرئيس الجمهورية وفصل لرئيس الحكومة وفصل للبرلمان وفصل للعدالة، وكذلك تغيير تسمية المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية دون أية إضافة لاستقلاليتها ومركزها، ما عدا ذلك فإنه لا جديد بالمقارنة مع دستور 2016.
الملاحظ زنه تم دعم مركز وسلطات رئيس الجمهورية، من خلال إسناد كامل السلطة التنظيمية إليه وحده، بعدما كانت مقسمة بينه وبين رئيس الحكومة بموجب المادة 143 في الدستور الحالي. كما أصبح من الممكن أن يعين نائبا له يساعده في القيام بمهامه الضخمة، وأصبح من سلطاته أن يعين رؤساء جميع سلطات الضبط التي تنتخب عادة.
أما رئيس الحكومة فهو نفسه الوزير الأول، يختاره رئيس الجمهورية وينفذ البرنامج الذي يريده الرئيس. ولقد نصت المادة 108 من المسودة على احتمال أن يعين رئيس الجمهورية رئيس حكومة يضع برنامجا للأغلبية البرلمانية لتطبيقه، لكن هذا النص يبدو كصمام أمان في حال وجود خلافات مع المجلس الشعبي الوطني.
عموما، كان ينبغي أن يكون هو الأساس.. وتدور باقي الأحكام حوله، أي أن ينص الدستور على ثنائية السلطة التنفيذية، وأن يكون رئيس الحكومة وبرنامجه تعبيرا عن الأغلبية البرلمانية التي أفرزتها الانتخابات التشريعية.
- تعود إشكالية طبيعة النظام مع كل تعديل دستوري، ما رأيكم؟
إذا كان القصد من السؤال عن طبيعة النظام هل هو رئاسي اوبرلماني.. فهذا الطرح تجاوزه الزمن ولا يوجد الآن في العالم نظام رئاسي خالص ولا نظام برلماني خالص.. النظام الرئاسي لم يوجد تاريخيا إلا في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، التي تستعمل منذ زمن طويل بعض التقنيات البرلمانية بصفة عملية، خاصة في المجال التشريعي.. نفس الشيء يقال عن النظام البرلماني..
الأنظمة السائدة الآن هي الأنظمة المختلطة، أي التي تخلط بين تقنيات النظام الرئاسي وتقنيات النظام البرلماني بدرجات مختلفة. وتختلف التسميات حسب درجة الخلط، فنقول نظاما شبه رئاسي إذا كان يغلب الرئاسي... ونقول شبه برلماني إذا كان يغلب البرلماني.
نحن في الجزائر عرفنا درجتين أو صورتين من الخلط: الصورة الأولى ما جاء به دستور 1989 وأكده ودعمه دستور 1996 وهو أن السلطة التنفيذية تكون ثنائية، أي برأسين... رئيس الجمهورية الذي هو رئيس السلطة التنفيذية.. لكن يوجد بجانبه رئيس حكومة له برنامج نابع من الأغلبية البرلمانية يصادق عليه البرلمان، وله سلطات تسمح له بتنفيذه وسلطة تعيين وسلطة تنظيمية، وهو مسؤول سياسيا أمام المجلس الشعبي الوطني ورئيس الجمهورية... إلخ.
الصورة الثانية، هي التي أنشأها الرئيس السابق بموجب تعديل سنة 2008، حيث ألغى رئاسة الحكومة ورئيس الحكومة وقد ذهب مع ذلك برنامج الأغلبية البرلمانية، وهي الصورة الموجودة حاليا في دستور 2016.
هذا النظام يوصف في الحالتين بالنظام الرئاسوي، نظرا للمكانة المهيمنة التي يحتلها رئيس الجمهورية، أي أكثر من النظام الرئاسي، مع ملاحظة أن الصورة الثانية المعمول بها حاليا أكثر تشددا ومبالغة في تركيز السلطة بيد رئيس الجمهورية بالمقارنة مع الصورة الأولى.
السلطة التنفيذية الآن برأس واحد هو رئيس الجمهورية فقط، وبالتالي ليست ثنائية، وقد ترتب عن ذلك تركيز شديد ومبرح للسلطات بين يديه والمسودة قد أضافت إليه سلطات أخرى.
لجنة الخبراء وصفت هذا النظام بأنه شبه رئاسي.. وهذا الوصف غير صحيح.. النظام شبه الرئاسي يكون كالنظام الفرنسي الحالي، حيث يوجد رئيس حكومة يتمتع بسلطات كثيرة وكبيرة وهو المسير الفعلي للسلطة التنفيذية.
لجنة الخبراء قررت الإبقاء على وحدة السلطة التنفيذية، لأن ثنائية السلطة التي جاء بها دستور 1989 تسببت في مشاكل، كما جاء في عرض الأسباب. وهذا رأي جاء به جماعة الرئيس السابق، بقصد إجراء تعديل سنة 2008. لكن الحقيقة، زنه كان يرفض أي تقاسم للسلطة وأي تدخل للبرلمان في برنامج الحكومة.
تكفي الاشارة، الى هناك اربعة فصول لتنظيم السلطات، منها فصلان للسلطة التنفيذية(...) وفصل واحد للبرلمان بغرفتيه وفصل للعدالة التي فقدت صفة السلطة، حسب رأيي.
- إنطلاقا من تخصصكم، ماذا تقترحون لإثراء الوثيقة؟
في رأيي حول هذه المسودة، أن الجمع والتركيز المبالغ فيه للسلطات لن يساعد على إقامة دولة القانون التي ننشدها جميعا.
صحيح أن الأحزاب السياسية تعاني من نقائص، لكن هذه ليس حجة لإلغائها من الوجود. وفي جميع الحالات، فإن الديمقراطية مستحيلة بدون الأحزاب السياسية الظاهر أن المسودة بهذا المضمون، تحتاج إلى مراجعة.