يعرف عدد زبائن ترام وهران ارتفاعا متواصلا قارب ٣٠ ألف مستغل لهذه الوسيلة التي جعلت ليالي عاصمة الغرب نهارا وأعادت الفرحة إلى الواجهة، بعدما قررت شركة «سترام» تمديد فترة أشتغال القاطرات إلى الواحدة ليلا في شهر رمضان، في وقت يعرف فيه الوضع الأمني تحسنا كبيرا من حيث معدل الجريمة مقارنة بالسنوات الماضية نظرا للمجهودات المبذولة في هذا المجال توقف عندها والي وهران، عبد المالك بوضياف خلال لقاء مع الصحافة مؤخرا.
ويمكن لمس التحولات بعاصمة غرب البلاد في تلك الحركة ليلا نهارا بالأسواق والمساحات التجارية الخاصة بملابس الأطفال ومستلزمات الحلويات ...وكلها مؤشرات تدل على قرب حلول عيد الفطر المبارك، انطلقت عجلة البحث عن ملابس العيد التي قد تتواصل إلى ما بعد المناسبة ما بين الغلاء والقدرة الشرائية وجودة الملابس التي يودون اقتناءها بين الماركات التي تعج بها المحلات التجارية.
فرحة البراءة مهددة
إلا أن هذه الفرحة باتت منقوصة بالنسبة لكثير الأسر، نظرا لارتفاع أسعار تلك المستلزمات وتزامنها مع العد العكسي للدخول الاجتماعي مما يثقل كاهل المواطنين ويشكل عبئا ماديا يضاف لجيوبهم.
ويبقى شراء ملابس العيد تقليد متعارف عليه عند الأسر الجزائرية، إلا أن هذا التقليد بدأ يتلاشى نظرا لارتفاع أسعار الملابس التي هي في ارتفاع متواصل، بحسب تقديرات عدد من التجار، وزيادة المصاريف التي تنتظر المواطنين مع اقتراب الدخول المدرسي، ما أثر بشكل مباشر على ميزانية العديد من العائلات في تلبية الحاجيات المتعددة لهذه المناسبة.
ويبدو أن تعب الصيام وحرارة الصيف لم يكنا ليقفا حائلا أمام المتسوقين الراغبين في شراء ملابس العيد لأطفالهم. حيث صرّحت لنا مواطنة كانت تجوب مركز تجاري من طابقين رفقة طفليها أنها أخذت إجازة مرضية لثلاثة أيام لشراء ملابس العيد لطفليها، قائلة «أن الأسعار تتفاوت من سلعة لأخرى حسب النوعية والجودة، وأن أقل ما توصف به أنها غالية، بالنسبة للطبقات الهشة من المجتمع».
وهو ما وقفت عليه «الشعب» خلال جولة قادتها لبعض المحلات التجارية المتخصصة في بيع ملابس الأطفال وسط وهران، حيث لاحظنا الارتفاع الكبير المسجل مقارنة بالسعر الذي كانت عليه خلال الأسابيع الفارطة، غير أن الملاحظ هو الإقبال الكبير على شراء الحاجات والمستلزمات على مستوى الأسواق الشعبية والمحالات المختصة في بيع ملابس الأطفال، نظرا للاكتظاظ بداية الأسبوع الجاري بمحلات المدينة الجديدة، فلا تكاد تلمح السلع المعروضة بمحل تجاري بسبب التدافع .
قال موظف في إحدى الشركات الخاصة «إن الغلاء في السوق لن يجعله يقف مكتوف اليدين ويحرم أسرته من فرحة العيد، الأمر الذي دفعه لطلب الحصول على سلفة من عمله على أن يسددها فيما بعد، وهذا حتى يتمكن من شراء الاحتياجات اللازمة من ملابس وأحذية لأبنائه وزوجته ضمن الإمكانيات المادية المتوفرة وبكميات محدودة».
واعترفت سيدة في تصريح لنا «همي الأكبر هو اقتناء ملابس لأبنائي الأربعة حتى تستر وجهها يوم العيد، أمام الجيران وذلك بصرف النظر عن نوعية هذه الملابس وكذا البلد الذي صنعت فيه، رغم إدراكي الكبير بنوعيتها المشكوك فيها» .
وتقول سهير من حي النور بإيسطو « لدي ثلاثة أبناء، و ارتفاع أسعار الملابس لن يكون عقبة دون ظهور أطفالي بحلة جميلة في صبيحة عيد الفطر المبارك، فأنا أقصد الأسواق الشعبية حيث الأسعار معقولة، وفي كل مرة أجمع مبلغ مالي معين أشتري مستلزمات معينة، حتى أتمكن من شراء ملابس العيد لجميع أفراد أسرتي، ففي النهاية الأطفال يلبسون الجديد في مناسبتي عيدالفطر والأضحى المباركين فقط وما دون ذلك يكون حسب الظروف المادية» .
وقالت فتيحة من بلدية الكرمة أن أسعار الملابس نار، عبرت الأم ذات الخمسة أطفال حين سألناها عما إذا كانت ستشتري ملابس العيد، حيث أضافت بأنها لن تقوم بشراء ملابس العيد قبل حلوله خاصة وأن أسعارها مرتفعة، إضافة إلى أنها ليست بتلك الجودة والنوعية، فتفضل الانتظار وتشتري ملابسها بعد انتهاء العيد، على اعتبار أن الأسعار سوف تنخفض كثيرا عما هي عليه الآن، على حد قولها.
الغلاء أفرغ المناسبات من محتواها
هي مناسبات إذن أفرغت من معناها وأصبحت تطارد الجيوب، حسبما أجمع معظم أرباب الأسر الذين تحدثنا إليهم من جشع تجار الملابس الذين يستغلون مناسبة العيد لمضاعفة الأسعار، لعلمهم المسبّق بأنهم سيبيعونها بأية طريقة مادام أغلب الآباء والأمهات يضطرون لفعل أي شيء من أجل إسعاد أبنائهم يوم العيد، حتى ولو كان ذلك على حساب ميزانية بيوتهم بل وحتى ولو حتم عليهم ذلك اللجوء إلى اقتراض المال من الأهل والمعارف. كما اشتكى هؤلاء من نوعية الملابس المعروضة التي تم استيراد أغلبها من دول شرق آسيا وفي مقدمتها الصين، ومع ذلك فإن أسعارها مرتفعة كثيرا قياسا بنوعيتها، خاصة وأن بعضها قد لا يصلح للاستعمال سوى لأسبوعين على أقصى تقدير، بل توجد أنواع منها لا تحتمل حتى غسلة واحدة على حد تعبير إحدى السيدات.
وارتفاع الأسعار أدى إلى إقبال الكثير من الزبائن على محلات الملابس المستعملة المنتشرة هنا وهناك خلال موسم العيد، على حد قول أحد أصحاب المحلات، ويضيف بأنه كان بالأساس هناك إقبال في الأشهر الماضية من قبل الزبائن، إلا أن هذا الإقبال إزداد في هذه الأيام تحديدا، لما توفره هذه المحلات من ملابس ذات مواصفات عالية الجودة من جهة، وبأسعار معقولة من جهة أخرى.
ويجد باعة الأرصفة في رمضان وعيد الفطر مناسبة ذهبية للكسب السريع..هم أيضا لهم زبائنهم، تماما مثل هوارية التي تقول بأن حالة أسرتها المادية لا تسمح لها بشراء الملابس المعروضة في الأسواق والمحلات التجارية نظرا لأسعارها التي لا تتناسب مع دخل زوجها المادي، لذا فأنا أضطر لشراء الملابس لطفلتي صبرينة وميار من باعة الأرصفة، فأسعارها بالنسبة لي معقولة جدا ولا يهمني إن كانت ذات جودة منخفضة، فذلك أقصى ما نستطيع.
كما اشتكى معظم المتسوقين في تصريحاتهم لنا من صعوبة توفيقهم بين مصاريف شهر رمضان وعيد الفطر، وكذا الدخول المدرسي الذي بدوره على الأبواب، خاصة في ظل الارتفاع القياسي لكل المستلزمات والحاجيات حتى أضحى شراء البعض منها قبيل أسابيع لا يفرق عن شرائها في اليوم ذاته من استعمالها، فلا فرق يذكر لأن الأسعار نار في الأول والأخير..
الموازي لتغطية الحاجات
ويبدو هذا واضحا من خلال الإقبال المتزايد من قبل المواطنين على الأسواق، الأمر الذي جعل بعض التجار يخرجون سلعهم إلى الرصيف أو على أبواب محلاتهم التجارية، يقول شاب في الثلاثينات من عمره، صاحب محل لبيع الملابس النسوية الجاهزة «لاحظت في هذه الأيام التي تفصلنا عن عيد الفطر بأيام قلائل أن هناك رغبة عند المواطنين لشراء الحاجات الضرورية، لأن الناس يفضلون شراء المستلزمات قبل المناسبة تحسبا للجديد، كما أن الأسواق تتوفر على جميع الحاجات التي يحتاجها المواطن، والتي تُستورد معظمها من تركيا، لذا ترون هذا الإقبال الكبير للناس. أما عن الأسعار، فيرجع المتحدث غلاءها إلى اللهفة التي تجعل التجار يستغلون الفرصة لمضاعفتها طمعا في تحقيق ربح السنة في شهر واحد، وهذا أمر عادي خاصة وأن الطلب يفوق أحيانا العرض بكثير خلال هذه السنة، حيث نجد يضيف حركة تجارية وقدرة شرائية عالية لدى المواطنين، والسبب يكمن في وجود منافسة قوية بين الأسواق التجارية والمحلات والأسواق الشعبية، بحسب تاجر ملابس أطفال بمركز تجاري بالقرب من ساحة فاليرو في وسط المدينة، الذي أضاف أن توفر السلع من شأنه أن يخلق نوعا من المنافسة، فالمواطن الجزائري أصبح اليوم يبحث عن الجودة، كما يتضح في الإقبال الكبير على الشراء.
ومهما كانت الميزانية التي تخصصها العائلات لملابس العيد فهي ضرورة، والموازنة بين الدخل والقيمة المالية لهذه المقتنيات تبقى أيضا واجبا على الأسر خاصة المحدودة الدخل منها، وتبقى سعادة الأطفال أكثر من ضرورة ملحة.